16-أكتوبر-2020

مجلة تبين

ألترا صوت – فريق التحرير

أصدر "المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات" حديثًا العدد الرابع والثلاثون من دوريّته المُحكّمة والمعنيّة بالدراسات الفلسفيّة والنظريّات النقديّة "تبيُّن" (خريف 2020)، وفيه نقرأ أبحاثًا ودراسات ثقافيّة مُتّصلة بالقضايا الراهنة عربيًّا وعالميًّا باعتبارها قضايا تخصُّ الفرد وتتّصل بتفاصيل يومه ومُحاولاته لفهم التحوّلات من حوله، لتُعبّر بذلك عن مسعاها لتقليص المسافة بين الثقافة، بمختلف تفرّعاتها، والشأن العام بمُجمل قضاياه، سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة.

"الدين والعلمانيّة في سياق تاريخيّ" لعزمي بشارة مُنجز يتوفّر على جُملة مفاهيم ومقولات منهجيّة جديدة تمامًا

اشتمل العدد الجديد على مجموعة من الأبحاث والدراسات افتتحتها دراسة للكاتب والباحث التونسيّ سهيل الحبيّب تحت عنوان "نظريّة بشارة وآفاق مُقاربة ديناميّات التديّن الإسلاميّ المُعاصر: مُقدّمات في ضوء أزمة النماذج السائدة"، يُحاول فيها الحبيّب أن يُظهر وجهًا من وجوه مُنجز ثلاثيّة "الدين والعلمانيّة في سياق تاريخيّ" للمفكّر العربيّ عزمي بشارة، باعتباره مُنجز يتوفّر على جُملة مفاهيم ومقولات منهجيّة جديدة تمامًا لجهة فهم مآلات النصّ الدينيّ من جهة، وديناميّات التديّن في سياقات العلمنة الحديثة من جهةٍ أخرى، خاصّةً وأنّها مُختلفة عمّا ترسّخ واستقرّ في نظريّة العلمنة الكلاسيكيّة.

اقرأ/ي أيضًا: مجلة منهجيات.. مساهمة تربوية نحو تعليم معاصر عربيًا

ويرى سهيل الحبيّب أنّ بشارة طبّق هذه المقولات في مقاربة التديّن الإسلاميّ وديناميّاته المُعاصرة الراهنة، لا سيما حينما يتعلّق الأمر بظواهره الأكثر إثارة للإشكال في الوقت الراهن: الحركات السياسيّة الإسلاميّة الإخوانيّة والسلفيّة والجهاديّة والجماعات الطائفيّة. ومّما يُشير إليه الحبيّب أنّه في حال كانت هذه الظواهر على اختلافها تُشكّل، من المنظور الكلاسيكيّ للعلمنة، عناوين لجمود التديّن الإسلاميّ وثباته، بالإضافة إلى استثناء المجتمعات المُسلمة من صيرورات العلمنة، فإنّها تُشكِّل، من وجهة نظر مقولات المفكّر العربيّ عزمي بشارة في مآلات التديّن في العلمنة، عناوين لديناميّات هذا التديّن نفسه ضمن إطار خصوصيّة صيرورات العلمنة التي شهدتها الدول العربيّة الحديثة.

ويقول الباحث التونسيّ في مقدّمة دراسته: "صحيح أنّ مشروع الدين والعلمانيّة في سياق تاريخيّ، كما سبق أن بيّنا، قد تناسل من رحم كتاب في المسألة العربيّة الذي انشغل فيه بشارة بقضايا تحوّل البلدان العربيّة إلى دول أمم مواطنية ديمقراطيّة حديثة، لكن أن يكون منطلق العمل، أو محفّزه، أوضاعًا أو إشكالات مخصوصة، فهذا لا يعني مُطلقًا أنّه يعالجها بمفاهيم نظريّة وأدوات معرفيّة خاصّة؛ إذ إنّ مُنجز بشارة ينخرط كلّه في منطق العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة الحديثة؛ فهو إذ ينطلق من مشكلات خاص الوضع العربي المعاصر والراهن، لا يشذّ، في هذا التمشّي، عن المسارات العاديّة التي تسلكها كلّ المعارف والنظريات العلميّة، ومنها بالخصوص تلك التي تنتمي إلى مجالات العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة خاصّة".

ويُحاول الكاتب والباحث الفلسطينيّ إسماعيل ناشف في بحثه المعنون بـ "عمل الحدّ: قراءة مُختلفة للصهيونيّة" أن ينزع السّحر عن الحركة الصهيونيّة من خلال دراسة البنية الأيديولوجيّة الخاصّة بها، وذلك بالاعتماد على تطوير إمكانيّة دراسة هذه البنية، انطلاقًا من زاوية جديدة تدرسها من الخارج لا من الداخل، مُستندًا في ذلك إلى ما يُسمّيه نقاط ارتكاز تتعدّد روافدها المعرفيّة، حدّدها بالمادّة، والفضاء، والزمن.

يحاول إسماعيل ناشف في بحثه المعنون بـ "عمل الحدّ: قراءة مُختلفة للصهيونيّة" أن ينزع السّحر عن الحركة الصهيونيّة من خلال دراسة البنية الأيديولوجيّة الخاصّة بها

يُطبّق ناشف هذه المحاور التحليليّة على البنية الأيديولوجيّة الصهيونيّة بهدف ردّها إلى إحداثياتها الأساسيّة، على أن يُعيد بعد ذلك تركيبها بأسلوبٍ يُمكّنه من استخلاص مبدئها الناظم من جهة، وتصوير عملها ككلّ من جهةٍ أخرى، ليتبيّن أنّ هذه الأيديولوجيا الصهيونيّة تعتمد علاقة "الدم" بصفتها المادّة التي تُبنى انطلاقًا منها الجماعية الصهيونيّة المُتخيّلة، ودولة أو القوميّة التي تأتي على شكل "غيتو مُتخيّل" كفضاء لها، على أن يكون الزمن المُقدّس هو زمنها.

اقرأ/ي أيضًا: مجلة الدراسات الفلسطينية.. 29 كاتبًا يُحيّون بيروت

واشتمل العدد على دراسات وأبحاث أخرى تتناول مسائل "الرواية الأستراليّة العربيّة: هموم الهوية والانتماء"، و"العقلانيّة والمخيال السياسيّ في الفلسفة السياسيّة الحديثة"، و"سؤال الهوية عند جون لوك: من الجدل اللاهوتي إلى النقاش العملي"، و"نظريّة الأدب في ظلّ الدراسات الثقافيّة: التموضع الراهن والتحوّلات"، بالإضافة إلى "الحداثات البديلة والحداثات المتعدّدة: نحو فهم جديد لمسألة الحداثة"، و"قراءة الشافعيّ في سياقه: نحو مقاربة جديدة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مجلة الدوحة.. العزف المشترك في محاورات الكتّاب

مجلة "تبيّن".. الذاكرة ودراساتها