23-أغسطس-2015

يخشى الطلاب الموت تحت القصف (جوناثان ساروك/ Getty)

الصراع المسلح  الذي لا يكاد ينتهي في اليمن، أدى إلى شللٍ تام في العملية التعليمية. لا عام دراسيًا جامعيًا جديدًا، حتى الآن، بعدما أعلنت كافة الجامعات إغلاق أبوابها حتى إشعار آخر، حرصًا على سلامة الطلاب من الغارات الجوية للتحالف العسكري بقيادة السعودية، وذلك بعد استهداف عدد من المنشآت التعليمة مثل كلية الطب البشري في جامعة الحديدة وكلية التربية في بلدة أرحب شمال العاصمة صنعاء وكلية العلوم في ذمار وأب وسط البلاد.

اعتقل الحوثيون أكاديميين لأنهم ضدّ سياساتهم وما زالوا حتى الآن في السجون

في نيسان/أبريل الماضي أقر مجلس جامعة صنعاء كبرى الجامعات الحكومية في اليمن بتعليق الدراسة في عموم الكليات، للأسباب المذكورة أعلاه، أي سلامة الطلاب. فعدد من الأكاديميين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات اليمنية تركوا أعمالهم في الجامعات بعد إصدار اللجنة الثورية العليا التابعة لجماعة أنصار الله المعروفة بالحوثيين، قائمة تحمل عددًا من أسماء الأكاديميين تحت عنوان "قائمة العار الأكاديمية"، وجميعهم ممن يخاصمون الحوثي في السياسة.

عبد الملك احمد علي الضرعي، أستاذ مادة السكان والتنمية  قسم الجغرافيا في كلية التربية، بجامعة صنعاء، قال في حديث خاص لـ"الترا صوت" إن غياب أعضاء هيئة التدريس يفسر نسب الحضور المتدنية للطلاب والطالبات، إلى جانب غياب الطواقم الإدارية. هذه هي أهم المعوقات لاستمرار العملية التدريسية، مضيفًا الاستياء من وجود بعض التهديدات الأمنية للأكاديميين، نتيجة مواقفهم السياسية "بل وصل الأمر إلى درجة اعتقال البعض"، ولا يزال هؤلاء رهن الاعتقال حتى الآن، من أكاديميين وأعضاء هيئة تدريس، ويقبعون حاليًا في سجون الحوثيين.

ويرى الضرعي أن من المشكلات الأخرى التي تواجه العام الدراسي الجامعي، هي ظاهرة النزوح إلى المناطق الريفية لبعض العائلات، وهذا يشكل صعوبة في مواصلة الدراسة، خاصةً للطالبات، في مجتمع ذكوري. والأمر نفسه ينطبق على الطلاب والطالبات العالقين خارج اليمن، من اليمنيين أو من الدول الأخرى، كل ذلك نتج عنه انخفاض نسب الحضور في بعض الكليات إلى 10% فقط.

العام الدراسي الجامعي الجديد، فرصة لتجديد القلق من الحرب، بالنسبة للطلاب. ترتفع كلفة التعليم مثل الكتب مثلًا. تضاعفت أسعارها بسبب ارتفاع قيمة مدخلاتها، مثل الحبر والورق، إضافة إلى استخدام المولدات الكهربائية في تشغيل آلات الطباعة والتصوير، وتشغيل هذه المولدات، في وقتٍ تضاعفت فيه أسعار المشتقات النفطية. وفي الإطار نفسه، تضاعفت أسعارالمواصلات، كما بلغت الزيادة في أسعار الوجبات الغذائية الخفيفة نحو 30%. كل ذلك يعني أن عائلات الطلاب والطالبات تحتاج إلى مصروفات إضافية قد تصل إلى 100% عن فترة ما قبل الحرب، وهذه الزيادة بمثابة العبء الإضافي على العائلات، التي تعاني اصلًا من زيادة في مصروفاتها العائلية نتيجة التضحم السعري العام.

تضاعفت كلفة الكتب والنقل بسبب سعر النفط المرتفع في اليمن

الأكاديمي اليمني في جامعة الحديدة، عبد الودود مقشر يرى أن العام الجديدة مرتبط بإيقاف الصراع السياسي على السلطة، التي لا تلوح في الأفق أي حلول له، إلا عبر البدء بحوار وطني. يرى مقشر أن الأكاديميين هم عصارة المجتمع وثروته العقلية ونخبه التي ترسم الحاضر والمستقبل ولذلك ارتقوا عن الصراعات، لكنهم دفعوا الثمن، "نريد مارشال لا يتوقف من أجل البناء بناء الصروح الجامعية الحقيقية الطالب يعاني والدكتور يعاني والموظف أيضًا يعاني". في المقابل أعلن مجلس جامعة صنعاء استئناف الدراسة في عموم الكليات في البلاد بدءًا من 25 يوليو/تموز، في ظل استمرار المواجهات المسلحة والضربات الجوية في معظم المدن اليمنية، وانعدام الظروف المناسبة التي تساعد الطلاب والأساتذة والهيئة الإدارية على الالتزام بهذا القرار. وتعليقًا على القرار، يقول عبد الرحمن السنحاني، نائب مدير عام مكتب التعليم الفني، بالعاصمة صنعاء، إن  قرار استئناف الدراسة في ظل استمرار الحرب هو قرار غير مدروس، لأنه فيه مخاطرة بحياة الطلاب.

يوضح السنحاني خلال حديثه أن هذا العام في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة حاليًا بعض أولياء الامور يعارضون من ذهاب بناتهم للجامعات في هذه الظروف فالحرب ما زالت قائم، وخاصةً أن منازلهم بعيده عن الجامعة والطرقات ليست آمنة. ويتهمون المسؤولين في جامعة صنعاء بالتهاون وعدم الحرص على سلامة الطلاب، ويجب أن يأتي على ضوء "خطة شاملة لوقف الحرب". غير أنه يشير إلى ضرورة حدوث الأمر، تجنبًا لتجنيد الطلاب وأخذهم إلى الحرب. والطلاب ليسوا بعيدين عن هذا كله. يشكو الطالب الجامعي جمال عبد المغني من المسافة الطويلة إلى الجامعة، وارتفاع سعر التنقل، بسبب انعدام المشتقات النفطية. يتطلب الأمر 800 ريال يوميًا، وطلاب كثيرون لا يملكون هذا المبلغ. ناهيك عن قلقه وخوفه من القصف. يخشى أن تنتهي حياته في الجامعة بقذيفة، وساعتها لا ينفع علم ولا من يتعلمون.