17-أكتوبر-2016

ترتفع حالات الطلاق في الجزائر بمعدل حالة كل عشر دقائق(فايز نور الدين/أ.ف.ب)

"تزوجنا بعد علاقة حب طويلة دامت خمس سنوات لتنتهي بطلاق بعد ثلاثة أشهر من الزواج"، هكذا يروي علي، 31 سنة، لـ"ألترا صوت" قصته التي يراها "مثيرة ولافتة"، وهو الابن الوحيد بين ستة بنات في عائلته في منطقة القبائل الكبرى، شرق العاصمة الجزائرية، حيث العادات كثيرًا ما تفرض على الأبناء الزواج في إطار عائلي ومن الأقارب وأن يعيش الابن في "البيت الكبير" مع والديه.

تحصي الجزائر أزيد من 40 ألف حالة طلاق في سنة 2016 بمعدل حالة طلاق كل عشر دقائق

في البداية، قبلت الزوجة بكل ظروف زوجها سيد، حسب تصريحاته، إلا أنها رفضت فيما بعد العيش في البيت العائلي لأنها "لا تشعر بحريتها خصوصًا مع ستة بنات". بدأت المشاكل بعد الزواج مباشرة، وتطورت وآل الأمر إلى الطلاق.

اقرأ/ي أيضًا: الطلاق في مصر.. حالة كل 6 دقائق!

المئات من حالات الطلاق في الجزائر تسجل يوميًا في المحاكم، وبحسب دراسة علمية أجراها مجموعة من الباحثين على مستوى معهد العلوم الاجتماعية والإنسانية بالجزائر، يحصي البلد أزيد من 40 ألف حالة طلاق في سنة 2016 بمعدل حالة طلاق كل عشر دقائق. 40% من حالات الطلاق حدثت في السنوات الأربع الأولى من الزواج وهو ما يثير العديد من التساؤلات، كما أنها تسجل أساسًا في صفوف أصحاب الفئة العمرية ما بين 20 إلى 30 سنة.

"الهاتف كان سببًا في طلاقنا"، يقول حسين، 32 سنة، وهو يروي قصة طلاقه بمرارة كبيرة، ويضيف لـ"ألترا صوت" أن "زوجته لا تحفظ أسرار البيت وكلما حصلت مشكلة بسيطة بينهما، تتصل بأمها وأختها الكبرى وتعلمهما بالأمر ويتطور المشكل، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار الطلاق بعد ستة أشهر من الزواج".

في هذا السياق، ترى المختصة في قانون الأسرة المحامية سهام بن عبد الله أن "الطلاق بعد فترة قصيرة من تاريخ الزواج صار ظاهرة لم تكن منتشرة من قبل في الجزائر، فغالبًا ما كانت المرأة بشكل خاص تتحمل أوضاع الزوج وتصبر وهذا غير الوضع الحالي". وتضيف: "الزواج لدى الشباب اليوم صار موضة أو مجرد خطوة يقدمان عليها دون تثبت ودون كشف كل الأوراق، لتنهار الرابطة الزوجية ويستفيق كلا الزوجين من الحلم على كابوس".

"كنت أتوقع أن آخر الحلول هي الطلاق، لكني تبينت أنه كان الحل الأمثل لإيقاف عذاب يومي عشته لسبع سنوات"، هذه هي نظرة سعاد، 27 سنة، لزواجها ومآلاته. تقول لـ"ألترا صوت": "حاولت أن أصلح ما أفسدته الأيام، زوجي العاطل عن العمل لم يصارحني قبل الزواج بأنه يتعاطى المخدرات وقد اكتشفت ذلك طبعًا بعد الزواج، حاولت في البداية أن أدفعه للتوقف عن هذه السموم إلا أن محاولاتي باءت بالفشل، وكل ما جنيته من عملي كمربية للأطفال كان يذهب هباء منثورًا".

يلعب العامل المادي دورًا في استمرار العلاقة الزوجية، إضافة إلى العامل الجنسي ويأتي تدخل العائلة عادة كمفرق بين الطرفين لا العكس

اقرأ/ي أيضًا: 7 نصائح للمرأة لإعادة الانطلاق بعد الطلاق

علاقتهما الزوجية انتهت بإنجاب طفل وهو ما دفعها للبقاء لفترة ثلاث سنوات مع زوجها إلا أن الوضع ازداد سوءًا وتدهورت العلاقة فباتت تعيش في بيت أهلها. وكل مرة يتدخل "أهل الحل والربط" للإصلاح بينهما إلا أن "المعيشة بينهما صارت مستحيلة"، كما رددت، فطلبت الطلاق أو "الخلع"، ليستمر العذاب لفترة طويلة تجاوزت السنة بين المحامي والمحكمة قبل أن تنتهي بقبول الطلاق وبقاء الطفل في حضانتها.

تتذكر سعاد كل التفاصيل بحزن شديد، وتضيف: "انتهيت من عذاب حقيقي لأن الزواج يعني الاستقرار وهذا لم يكن وضعي، كان من الممكن أن أتقبل فكرة عدم عمله والقبول بأن أشتغل إلى أن يجد عملًا لكن أن يتعاطى المخدرات فذلك أمر مستحيل".

"ليست المخدرات وحدها من تفرق الزوجين"، تقول أنيسة، 34 سنة، "بل هناك مشكل أعمق من ذلك، وهو الطلاق الجسدي"، كما تصفه لـ"ألترا صوت"، موضحة: "اكتشفت بعد الزواج أن زوجي عاجز جنسيًا، إلا أني تكتمت عن الأمر لثلاث سنوات، وحاولت كل العلاج الممكن لكن دون تحسن، فلجأت إلى الطلاق الذي استغربت من سببه كل العائلة وتقبلوه بصعوبة".

في سياق متصل، تقول المختصة في علم الاجتماع الأسري بجامعة قسنطينة نورية بن مهدي، إن "الطلاق تفاقم بشكل غير صحي في الجزائر، ورغم اختلاف الأسباب فإن العامل المادي يلعب دورًا كبيرًا في استمرار العلاقة الزوجية من عدمه، فيما يبقى العامل الجنسي أهم معضلة تواجه الزوجين ويجدان إشكالًا في التعامل معه، ويأتي تدخل العائلة عادة كعامل مساعد في التفريق بين الطرفين لا العكس".

من جانبه، أكد الأستاذ في علم النفس الاجتماعي بجامعة الجزائر عبد السلام حمادي أن "ثقافة تكوين الأسرة على أسس متينة أصبحت غائبة بالنسبة للزوجين حاليًا وأصبح الاهتمام خاصة بتكاليف احتفال العرس وتجهيز البيت قبل الزواج، فيما يصطدم الزوجان بواقع مر عقب الزواج".

اقرأ/ي أيضًا: 

5 سلبيات للعمل مع شريك حياتك وسبل مواجهتها

حفلات للطلاق عند صحراويات المغرب!