08-يناير-2021

الطبيب السوري بشار الحنا (the northern echo)

خصّصت عدة صحف ومواقع إلكترونية بريطانية، مساحة واسعة للإضاءة على تجربة الطبيب السوري اللاجئ في المملكة المتحدة بشار الحنا، الذي قرر التطوّع للمشاركة في حملة التلقيح ضد فيروس كورونا، مجانًا وبدون مقابل، عرفانًا منه بالجميل للدولة البريطانية التي منحته إقامة لمدة خمس سنوات.

تعيد قصة الطبيب السوري بشار الحنا التذكير بالكم الهائل من المساهمات والقدرات التي يمكن للاجئين أن يقدموها في حال استقبلوا بشكل لائق يراعي إنسانيتهم قبل أي شيء 

وبشار الحنا هو واحد من ملايين السوريين الذين فرّوا من بلادهم هربًا من آلة قتل نظام الأسد. وبالتالي، فإن قصته اليوم تضاف إلى آلاف القصص حول اللاجئين السوريين الذي سافروا أميالًا طويلة سيرًا على الأقدام وفي البحر بحثًا عن ملاذ آمن، بعدما تخلّى العالم كلّه عنهم وتُركوا وحدهم في مواجهة تصعيد النظام في قمع الثورة السورية حتى آلت إلى حرب كبرى.

اقرأ/ي أيضًا: أندرو ستيل.. معركة مفتوحة مع الشيخوخة

الطبيب الدمشقي الذي ولد في العام 1984، شارك في الثورة ضد نظام بشار الأسد منذ انطلاقتها، وقدم خدمات ومساعدات طبية للجرحى والمصابين الذي تعرضوا للقمع الوحشي في تلك الفترة. وفي العام 2014 فرّ مع أفراد عائلته من سوريا، وافترقوا في مجاهل الأرض. وبعد رحلة طويلة قادته إلى أكثر من دولة انطلاقًا من تركيا، وصل بشار الحنا إلى بريطانيا قبل سنتين تقريبًا، واستقرّ في مدينة دارلنغتون بانتظار بحث السلطات في وضعه والبتّ بخصوصه. 

كان من المفترض أن يتمّ ترحيل الحنا إلى بولندا في شهر آذار/ مارس 2020، لكن انتشار فيروس كورونا وتطبيق إجراءات الإقفال العام حالت دون إتمام الرحلة، فحصل ابن الـ36 سنة على الفرصة للبقاء فترة إضافية في المملكة. وعندما رُفعت إجراءات الإغلاق الأول في الصيف الماضي، كان يُفترض أن يتم ترحيل بشار الحنا، لكن مسؤولين وأطباء في دارلنغتون توسّطوا مع السلطات البريطانية، لإعادة دراسة ملفه، منوّهين بسيرته الحسنة، ومهاراته الطبية العالية التي خصصها لمساعدة المصابين بفيروس كورونا. 

اقتنعت السلطات مع الوقت بإعادة النظر بملف الحنا، خاصةً وأن ترحيله سيرميه في المجهول مرة أخرى، فوافقت أخيرًا على منحه إقامة لمدة خمس سنوات، فما كان منه إلا أن أعلن تطوعه في الحملة الوطنية البريطانية لتوزيع لقاحات كورونا على المواطنين، مع ما يحمله الأمر من مخاطرة حقيقية على حياته، في ظل تفشي الفيروس في المملكة بشكل واسع، الأمر الذي حاز إعجاب الصحافة البريطانية، التي رأت في الحنا النموذج المحتذى للاجئ الذي يندمج بالطريقة المثلى في المجتمع الجديد، بحسب تعبير العناوين المتناقلة عن قصته في الصحافة.

وكان لعمدة دارلنغتون بيتير غيبسون الدور الأكبر في حصول بشار الحنا على الإقامة. وقد عبر الحنا عن سعادته البالغة بالحصول أخيرًا على الاستقرار، حيث بات بإمكانه اليوم أن يتوقف عن الركض من بلد إلى آخر، وأنه أخيرًا وبعد سنوات من التنقل المستمر، ها هو يحصل على الفرصة ليعيش حياة طبيعية.

اقرأ/ي أيضًا: 8 شخصيات عربية احتفى بها "جوجل" عام 2020

ويروي بشار بعض الصعوبات التي واجهته في ترحاله الطويل، حيث تمّ قبوله لمتابعة الدراسات العليا في بيلاروسيا، لكنه لم يحصل على تأشيرة دخول في البداية، وعندما تدبّر أمر التأشيرة لاحقًا ووصل إلى بيلاروسيا، تبين أنه تعرض للخداع. عاد بعدها إلى بولندا وعمل في المجال الطبي لقاء أجر زهيد، قبل أن يستقر به الحال أخيرًا في دارلنغتون.

يقول الحنا عن تجربته قبل دارلنغتون "كنت مستعدًا للعمل في أي شيء من أجل البقاء على قيد الحياة، كنت أعزف على العود في بولندا، كل السوريين يحبون الموسيقى. نحن نحب الحياة".

نهاية رحلة بشار الحنا، التي استمرت لسبع سنوات، وواجه خلالها كل أنواع الظلم، يبدو أنها في الطريق نحو النهاية السعيدة، وهو أمر لم يحصل مع معظم اللاجئين. وبالتالي فإن الأمل بأن تكون الإضاءة عليها مدخلًا لدفع دول استقطاب اللاجئين، إلى إعادة النظر بملفات ملايين العالقين في المخيمات، بهدف تسوية أوضاعهم والاستفادة من طاقاتهم ومساعدتهم على الاندماج في المجتمعات، في ظل غياب أية مؤشرات إيجابية حول إمكانية تحسّن الأوضاع في سوريا في المستقبل القريب وبالتالي عودتهم إليها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

6 شخصيات نسائية احتفى بهن جوجل في عام 2020

وجوه ومشاهير رحلوا في عام 2020.. تعرّفوا إلى 6 من أبرزهم