13-يوليو-2016

ستارة رومانية عثر عليها في سوريا (Getty)

تغدو مكانة المرأة جزءًا لا يتجزأ من البروبغاندا الدينية، التي يجتهد الأفراد فيها في قراءة الطالع الديني للشّخص المقابل ليفسرها بما يسترضي أهواءه، كنوعٍ من التّسويق الدّيني؛ فذاتُ النّص يحتمل تفسيراتٍ لا حصر لها، إذ يوجد الطّرف الأول والذي يسعى نحو إظهار سماحة الدّين من خلال طريقة معاملته للمرأة وتكليفها بالأحكام وأسس مساواتها بالرّجل بالحساب والعقاب وغيرها.

كأن المرأة هي أساس ليكون الدّين معاصرًا ومتفهّمًا وحضاريًّا ووسيلة جذبٍ لغير المؤمنين به

وكأن المرأة هي أساس ليكون الدّين معاصرًا ومتفهّمًا وحضاريًّا ووسيلة جذبٍ لغير المؤمنين به، ووسيلة للهجوم على الأديان الأخرى، وفريق يداعب أحاسيس الطّرف الآخر أولئك الذين يرون المرأة تابعًا، كإنسان من الدرجة الثانية لا يحقّ لها المطالبة بأي حقٍ أو الإبداء بأي رأيٍ، وعلى هذا يغدو النّص الدّيني متعدّد التّفاسير ومتعدّد التوجّهات بحسب متّبعي النّص ومفسريه.

اقرأ/ي أيضًا: الضلع الأعوج.. أسباب خلق المرأة (1- 2)

في ما يتعلّق بالخلق، فإن قصّة خلق آدم وحواء تشكّل بداية وجود الجنس البشري، أو ما يعرف بالإنسان العاقل بحسب نظرية داروين، يبدأ سرد قصة الخلق في العهد القديم بالعبارة: "وجَبَلَ الرّب الإله آدم ترابًا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفسًا حيةً" (التّكوين: الإصحاح الأول أية 7). والاسم آدم بالعبريّة يعني الأحمر، إشارة إلى خلقه من التّراب الأحمر، وهو أصل الإنسان كما يرد في كافّة الكتب السّماوية. وبعدها تم خلق الأشجار لا سيما شجرة معرفة الخير والشّر، والنّهر ذا الأربعة رؤوس، ولينقذه من الوحدة خلق له معينًا ونظيرًا، فخلق الطيور والبهائم وأسماها كافة، لكن لم يجد له معينًا، وعند تسمية آدم للحيوانات يدرك بأن كلًا منها هو من ذكر وأنثى فيسأل الله ولماذا هم ذكر وأنثى؟ فتكون إجابة الله أن الأنثى يا آدم: 1- "لتكون معينًا نظيره"؛ 2- ليتكاثروا. ويسأل آدم ولماذا أنا وحيد دون أنثى؟ ويقول له الله وهل تريد لك أنثى؟ ويقول آدم بعد أن أقنعه الله نعم أريد، "أقنعتني يا رب فاقتنعت وألححت علي فغلبت". (أر7:20).

وترتكز التّفاسير في هذا الإصحاح على المعين والنظير، إذ خُلقت بعد الحيوانات التي لم تؤدِّ الغرض، وسؤال آدم عن الحيوانات التي عرضت عليه كأزواج، والسّبب الحقيقي وراء خلق حواء هو "الإلحاح" و"دورها الاجتماعي كمعين وكنظير" فخلقت حواء من ضلع آدم بعد أن أوقع الرّب عليه سباتًا حتى لا يشعر بالألم فيكرهها، "لم تخلق المرأة من رأس الرجل لئلا تتعالى عليه، ولا من رجله لئلا يحتقرها، بل استلّها من ضلعه لتكون تحت جناحه فيحميها، وقريبة إلى قلبه ليحبها وتكون مساويةً له". ماثيو هنري.

ماري ربينسون: إن كانت هناك مشكلة عامة بالنّسبة للنّساء، فهي أن الدّين يحرّف لاستعبادهن

ورغم تشبّع الرواية التوراتية عن خلق آدم وحواء لدى المسلمين عن خلقها من ضلع أعوج والتي يدعمونها بالحديث الشريف "استوصوا بالنساء خيرًا فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه"، والذي خرج عن سياق معناه الحقيقي، أما بتفسيره بأنّها خلقت من ضلع آدم، أو بأن النّساء كائن أعوج لا يستقيم وبهن نقص عن الرجل وهو ما يستدلّ به الفئة الثانية التي ذكرت سابقًا في المقال على انتقاص الدّين للمرأة، بينما التفسير الفئة الأولى وهو الأرجح بحسب سياق الحديث، بأن على الرّجل رعاية المرأة في تعامله معها ومراعاة مشاعرها، بسبب اختلاف تكوينها النفسي وحساسيتها، وأن هذا الضّلع الذي في القفص الصدري ضلع أعوج، كماله في اعوجاجه، لو كان مستقيمًا لكان مزعجًا. رغم أنه لم يذكر أبدًا في النّص القرآني عن خلق حواء أو أي ذكر للفظ اسمها "حواء" في قصة الخلق الأولى، مقابل ذكر قصة خلق آدم 7 مرات. أما عن السّبب لخلق المرأة فقد وردت الآيات القرآنية فيما يلي: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" (سورة الرّوم آية 21).

اقرأ/ي أيضًا: أشهر 6 كتب في التراث الجنسي عند العرب

وبحسب المعجم الوسيط، فإن معنى كلمة لتسكنوا إليها هو: لتميلوا إليها وتألفوها، وهو ما لا يتحقق دون ما يستكمل في هذه الآية ألا وهو المودّة والرّحمة، وهنا هل ينحصر دور المرأة فقط في الاستكانة والزّواج والتّكاثر، ليأتي سبب الخلق من خلال الدور الاجتماعي للمرأة أو الوصف الوظيفي، ومنها لينبثق عنها الدّور الأكبر والأشمل ألا وهو في قوله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ" (سورة الذّاريات آية 56).

نظرة البعض نحو الأديان واضطهادها للمرأة من وجهة نظرهم، وتذرع متّبعيها للقيام بجرائم شنيعة باسم الحريّة الدينية وانتهاك حقوقها المدنيّة أوجدت لديهم الحاجة الملحّة لإيجاد حركة مناهضة لكراهية النساء في الأديان، الحكماء أو الشيوخ، أو The Elders، هي حركة من مجموعة من السّاسة القياديين وحكام دول سابقين وغيرهم شكلت من قبل نيلسون مانديلا، وترتكز هذه الحركة على محاربة دور الأديان في قمع المرأة ومعاملتها كمواطن من الدرجة الأولى، ومن روّادها الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر. "الحكماء لا يحاربون الأديان بحد ذاتها، لكنّنا جميعًا لاحظنا، إن كانت هناك مشكلة عامة بالنّسبة للنّساء، فهي أن الدّين يحرّف لاستعبادهن" ماري ربينسون، الرئيسة السّابقة للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان في أيرلندا والمملكة المتّحدة. 

 يبقى السّبب الرئيس لاضطهاد المرأة ومعاملتها كمواطن درجة ثانية هي المرأة ذاتها

لكن يبقى السّبب الرئيس لاضطهاد المرأة ومعاملتها كمواطن درجة ثانية هي المرأة ذاتها، وتوجه ما يدعى بالمجلات النسائية أو البرامج الخاصة بالنساء، والتي تندرج كافة ضمن نسق أهم الوصفات لجمالك، الخلطة السحريّة لبياض بشرتك، والسّياج الفكري الذي تحصر فيه المرأة ضمن الشّكل الخارجي والموضة والقشرة الخارجيّة السطحيّة، أو المرأة التي تضع حساب الفيسبوك، على سبيل المثال، باسم زوجها وصورته واضعة نفسها في كواليس العالم الافتراضي، المرأة التي تهاجم نجاح أخرى بانطباع أنه مما لا يليق بدورها ومكانتها كامرأة، المرأة التي لا زالت تؤمن بأنها نصف المجتمع لا فرد كامل الإرادة في هذا المجتمع، هي العائق الرئيس لبقية النساء. 

في الحقيقة؛ لا يجب أن يوجد مصطلح "حقوق المرأة"، بل هي الحقوق ذاتها يجب أن تتساوى للرجل والمرأة. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

طفل الشيعة المسموم من إناء "دار الجديد"

هوية أفريقيا.. من المسرح المفتوح إلى وهم الاستقلال