07-أبريل-2017

المدمرة الأمريكية يو اس اس باري (مشاة البحرية الأمريكية/Getty)

توالت ردود الأفعال الدولية على الهجمات التي تعرض لها مدنيون شمالي غرب سوريا، تحديدًا مدينة خان شيخون.

على المستوى الدولي، كانت روسيا بالمرصاد، في الاجتماع الطارئ الذي عقده مجلس الأمن يوم الأربعاء الماضي بعد رفض روسيا مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى مجلس الأمن، والذي يدين الهجوم ويصفه بـ"غير المقبول".

أما الحجة التي استندت إليها روسيا فكانت أن مشروع القرار يستبق نتائج التحقيقات في "مجزرة خان شيخون". كما اتهمت روسيا المعارضة السورية بامتلاكها مخازن للأسلحة الكيميائية، وأن الطيران الحربي السوري كان قد سبق له وأن قصف مُستودع أسلحة كيميائية تابع لبعض جماعات المعارضة، أو كما قالت روسيا.

التحرك الذي حدده البنتاغون كان بهدف التصعيد النوعي على الهجوم الكيميائي، دون أن يكون محاولة حقيقية للإطاحة نظام الأسد في سوريا

وبينما وصفت سفيرة الأمم المتحدة بشّار الأسد بمجرم الحرب، توعّدت واشنطن، أمس الخميس، برد "خطير" على قدر الهجوم بالسلام الكيميائي "الخطير"، على حد تعبير ترامب. وذهبت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى حد القول في مقابلة مع مستشار الأمن القومي ماكماستر: "إما أن روسيا متواطئة أو أنها كانت ببساطة غير كفء" .

هذه التصريحات تُرجمت إلى خيارات عسكرية طرحهتا وزارة الدفاع الأمريكية/البنتاغون للرد على الهجوم الكيميائي، حيث ناقش وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس  مجموعة من الخيارات مع مستشار الامن القومي الجنرال هربرت ماكماستر. أما التحرك الذي حدده البنتاغون فكان بهدف التصعيد النوعي على الهجوم الكيميائي، دون أن يكون محاولة حقيقية للإطاحة نظام الأسد في سوريا، كما جاء على لسان السناتور الجمهوري توم كوتون. 

الضربة الصاروخية لمطار الشعيرات

واستيقظ العالم على الضربة الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية قرب مدينة حمص السورية. وبحسب البنتاغون فإن سفينتين في البحر المتوسط أطلقت 59 صاروخًا من طراز توماهوك في الساعة 4:40 بتوقيت دمشق. واستهدفت الصواريخ طائرات لقوات نظام بشار الأسد ومحطات تزويد وقود ومدرجات مطار الشعيرات. وتوماهوك هي صواريخ بعيدة المدى، تتميّز بدقتها والقدرة على التحكم في اتجاهها في الجو. تُطلق من السفن والغواصات لإصابة أهداف بريّة، وتستخدمها الولايات المتحدة في معظم حروبها ومواجهاتها العسكرية، وكان قد سبق لها وأن استخدمتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

اقرأ/ي أيضًا: هل سيرسل ترامب قوات أمريكية للقضاء على داعش؟

وخلال تصريحات مُقتضبة للصحافيين، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "الليلة ، أمرت بضربة عسكرية موجهة للمجال الجوي في سوريا من حيث أُطلق السلاح الكيميائي"، مُؤكدّا على أن هذا "من صميم الأمن القومي للولايات المتحدة، لمنع وردع انتشار الأسلحة الكيميائية الفتاكة". 

هل هي بداية التقسيم؟

في تصريحات سابقة لمستشار الأمن الوطني السابق مايكل فلين، كان قد اقترح عملًا عسكريًا في سوريا، وكان فيلين أوّل من طرح الفكرة بشكل علني، وذلك حتى قبل وصول ترامب إلى سدة الحكم، إذ دعا في تصريح لصحيفة ديرشبيجل الألمانية عام 2015، إلى "احتلال متعدد الجنسيات لسوريا من قبل الولايات المتحدة وروسيا وقوى أخرى كتلك التي تشبه قوة حفظ السلام الدولية التي نشرت في يوغوسلافيا في التسعينيات".

في 2015 دعا مايكل فلين إلى احتلال متعدد الجنسيات لسوريا، من قبل الولايات المتحدة وروسيا وقوى أخرى

فلين دعا وقتها إلى "تعلّم الدروس من البلقانيين من الناحية الاستراتيجية"، مُوضحًا: "أتصور أن نفكك أزمة الشرق الأوسط إلى قطاعات، على أن تتخذ كل قوة قطاعًا ما لتكون مسؤولة عنه، يمكن للولايات المتحدة بالتنسيق مع الدول الأخرى أن تتولى المسؤولية عن قطاع، وأن تتولى روسيا مسؤوليتها عن قطاع آخر، والأوروبيون كذلك، ويمكن للعرب أن يكونوا مشاركين في هذا النوع من العمليات العسكرية، وأن يكون لهم قطاع أيضًا مسؤلوون عن إدارته".

ومنذ عامين درج الحديث عن سوريا المقسّمة أو ما سُمّي بـ"سوريا المفيدة". كما جاء أمرٌ مُشابه على لسان جون كيري وزير الخارجية الأمريكي السابق، حين قال خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي: "ربما يفوت الأوان لإبقاء سوريا موحدة إذا انتظرنا فترة أطول"، مثار العجب بالأمر أن بشار الأسد نفسه لجأ سابقًا لاصطلاح روسيا المفيدة.

اقرأ/ي أيضًا: جحيم "سايكس بيكو".. الشرق الأوسط 73 دولة؟ 

وأشار تقرير نشرته وكالة أنباء رويترز، إلى الحديث عن تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ غير رسمية للقوى الإقليمية، وأنّ بشار الأسد قد يبقى رئيسًا لبضع سنوات على الأقل بموجب اتفاق مع روسيا، مُشيرًا إلى رغبة بوتين أن يكون طرفًا في التسوية بين تركيا وإيران في هذا الشأن، رغم أن هذا "المسعى الثلاثي"، كما وصفه التقرير، غير مُتجانس، فمن جهة تدعم كل من روسيا وإيران نظام الأسد، في الوقت الذي تساند فيه تركيا قوات المعارضة السورية. ومع هذا يبدو أنّ بوتين استطاع أن يتوصل إلى تفاهمات ما من خلف الكواليس مع نظيره التركي رجب طيّب أردوغان، لتسهيل الوصول إلى اتفاق مُحتمل.

هذا وكانت تُركيا قد توغلت في سوريا عبر عملية أطلقت عليها "درع الفرات"، بداية من آب/أُغسطس 2016، لطرد عناصر داعش من شريط الأراضي الحدودية بطول 90 كيلومتر، ولضمان عدم سيطرة الفصائل الكردية المسلحة على مزيد من الأرض السورية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الأرضية الهشة للتدخل التركي في سوريا

كيف موّلت الأمم المتحدة بشار الأسد؟