اتهم المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، متمردي حركة "إم 23" المدعومين من رواندا بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها إعدام أطفال ميدانيًا، إلى جانب مهاجمة مستشفيات ومستودعات تخزين المساعدات الإنسانية، بعد سيطرتهم على مدينة بوكافو، ثاني أكبر مدينة رئيسية في شرق الكونغو.
وقال تورك في بيان صدر يوم الثلاثاء، إن مكتبه "أكد وقوع عمليات إعدام ميدانية لأطفال على يد قوات "إم 23" بعد دخولهم مدينة بوكافو الأسبوع الماضي"، مضيفًا أن "بعض الأطفال الذين تم العثور عليهم كانوا يحملون أسلحة نارية". ولم يقدم المسؤول الأممي تفاصيل إضافية، لكنه أشار إلى أن الأمم المتحدة وثقت سابقًا تجنيد الأطفال من قبل القوات الحكومية والمتمردين على حد سواء.
تعتبر حركة "إم 23" واحدة من أكثر من 100 مجموعة مسلحة تنشط في شرق الكونغو، حيث تتصارع هذه الجماعات على السيطرة على ثروات المنطقة الغنية بالمعادن، والتي تعد ضرورية لصناعة التكنولوجيا العالمية
من جهتها، دعت منظمة "اليونيسف"، إلى اتخاذ إجراءات طارئة لإنقاذ العام الدراسي بالنسبة لآلاف الأطفال مع ارتفاع مستويات العنف والنزوح في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. كما دعت أطراف النزاع إلى احترام المنشآت التعليمية وغيرها من الأعيان المدنية، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، وإنهاء الاستخدام العسكري لأي منشأة تعليمية على الفور.
تزايدت المخاوف من انجراف الأحداث الجارية شرقي الكونغو الديمقراطية إلى مواجهةٍ إقليمية مفتوحة، حيث رفعت بوروندي من نبرة تحدّيها وانتقادها لرواندا، المتهمة من قِبل الكونغو الديمقراطية وحلفائها بالوقوف وراء متمردي حركة "إم 23".https://t.co/Q8M6gnbdtf
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 13, 2025
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إطلاق لجنة لتقصي الحقائق في الكونغو الديمقراطية للنظر في الفظائع التي تشمل عمليات القتل والاغتصاب والإعدامات الميدانية التي ارتكبتها جميع الأطراف منذ بداية العام الجاري.
تقدم سريع للمتمردين وتصاعد الخسائر البشرية
تمكنت قوات "إم 23" يوم الأحد من السيطرة على مدينة بوكافو، التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة، بعد أن استولت الشهر الماضي على مدينة غوما الواقعة على بعد 100 كيلومتر إلى الشمال. وأسفرت المعارك في غوما عن مقتل ما لا يقل عن 3 آلاف شخص وتشريد الآلاف، وفقًا لتقارير محلية ودولية.
وفي الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء، أكد المسؤول في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فرانسوا موريون، أن أكثر من 20 جثة تم العثور عليها في شوارع بوكافو، في ظل استمرار الاشتباكات المتقطعة في بعض أجزاء المدينة.
الدور الرواندي في الصراع
تعتبر حركة "M23" واحدة من أكثر من 100 مجموعة مسلحة تنشط في شرق الكونغو، حيث تتصارع هذه الجماعات على السيطرة على ثروات المنطقة الغنية بالمعادن، والتي تعد ضرورية لصناعة التكنولوجيا العالمية.
ويُعتقد أن "إم 23" تتلقى دعمًا عسكريًا من رواندا، حيث أكد خبراء أمميون أن حوالي 4 آلاف جندي رواندي يشاركون في القتال إلى جانب المتمردين. في المقابل، تنفي رواندا تورطها المباشر، متهمةً الحكومة الكونغولية بالتعاون مع مقاتلي "الهوتو" المتورطين في الإبادة الجماعية عام 1994، الذين لجأوا إلى الكونغو بعد ارتكابهم مجازر ضد قبيلة "التوتسي" وأفراد من قبيلة "الهوتو" المعتدلين.
تدعي "إم 23" أن هدفها هو حماية "التوتسي" والمواطنين الكونغوليين من أصول رواندية من التمييز، إضافةً إلى تحويل الكونغو من "دولة فاشلة" إلى دولة حديثة، إلا أن منتقديها يؤكدون أن هذه الحجج مجرد غطاء لتبرير التدخل الرواندي واستغلال موارد البلاد.
وسائل إعلام أفادت بأن مقاتلي الحركة وصلوا إلى وسط مدينة بوكافو، ثاني أكبر مدينة في شرقي الكونغو، وسيطروا على مقر الإدارة المحلية في مقاطعة كيفو الجنوبية.
اقرأ أكثر: https://t.co/gjjr4X615A pic.twitter.com/zKGpfyOii7— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 17, 2025
طموحات سياسية وسيطرة على الأرض
على عكس عام 2012، عندما استولت حركة "إم 23" مؤقتًا على غوما وانسحبت لاحقًا تحت الضغط الدولي، يرى المحللون هذه المرة أن المتمردين يهدفون إلى ترسيخ وجودهم السياسي والعسكري على المدى الطويل.
ويقول خبراء إن المتمردين، بدعم من رواندا، يسعون إلى فرض واقع سياسي جديد في شرق الكونغو، مستغلين التوترات الإقليمية وضعف الحكومة المركزية، وسط تخاذل دولي في وقف تقدمهم، مع مخاوف من تحول الصراع إلى حرب إقليمية في المنطقة.
أزمة إنسانية متفاقمة
يمثل الصراع المستمر في شرق الكونغو أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث أدت عقود من النزاع إلى نزوح أكثر من 6 ملايين شخص، بينما تعاني المناطق المتضررة من نقص حاد في الغذاء والمساعدات الطبية.
وفي ظل تصاعد حدة الصراع، تتزايد المخاوف من مزيد من الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين، فيما تواصل الأمم المتحدة الضغط على الأطراف الدولية للتحرك بشكل عاجل لحماية المدنيين وإيجاد حل سياسي ينهي الحرب المستمرة في المنطقة.