كشف الجيش السوداني عن مقابر جماعية جديدة قال إنه عثر عليها في معتقلٍ تابعٍ لقوات "الدعم السريع" بمنطقة الصالحة، التي كانت آخر معاقل تلك القوات في ولاية الخرطوم.
وكان الجيش السوداني، مدعومًا بقوات متحالفة، قد تمكن هذا الأسبوع من السيطرة على منطقة الصالحة، بعد معارك وُصفت بالضارية، انتهت بإعلان تحرير كامل لولايتيْ الخرطوم والنيل الأبيض، اللتين ظلت قوات الدعم السريع تتمتع فيهما بوجودٍ كبير منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023.
ويأتي الكشف عن هذه المقابر الجماعية في وقتٍ يتفاقم فيه الوضع الإنساني، مع استمرار انتشار وباء الكوليرا الذي يواصل حصد الأرواح منذ أشهر، وسط نقصٍ حاد في الإمدادات الطبية والمساعدات، إضافة إلى التلوث البيئي المتزايد.
عدد المعتقلين داخل مبنى المدرسة الذي كانت قوات الدعم تستخدمه كمعتقل، بلغ 648 شخصًا، توفي منهم 465 نتيجة "الإهمال ونقص الطعام والعلاج والدواء"، وجرى دفنهم في مقابر جماعية اكتُشفت بالموقع.
مقابر جماعية
أفاد بيان صادر عن الجيش السوداني أنه تمكّن من تحرير عدد كبير من السجناء الذين كانت قوات "الدعم السريع" تعتقلهم داخل مبنى مدرسة في منطقة الصالحة. وأوضح البيان أن المعتقلين الذين عُثر عليهم كانوا في "أوضاع غير إنسانية"، وقد أظهرت مقاطع فيديو توثق لحظة الإفراج عنهم مدى الهزال وسوء التغذية الذي كانوا يعانون منه، حيث بدت آثار الإهمال واضحة على أجسادهم.
وأشار الجيش إلى أن عدد المعتقلين في المدرسة بلغ 648 شخصًا، توفي منهم 465 نتيجة "الإهمال ونقص الطعام والعلاج"، وجرى دفنهم في مقابر جماعية عُثر عليها داخل الموقع.
كما وثقت تقارير أخرى العثور على مقابر جماعية مماثلة في مناطق أخرى كانت تسيطر عليها قوات الدعم السريع، ما يشير إلى وجود ممارسة ممنهجة في هذا السياق. وتتهم منظمات حقوقية مستقلة "الدعم السريع" بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، تشمل الإخفاء القسري، التجويع، التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون.
يُذكر أن مقاطع فيديو انتشرت أواخر نيسان/أبريل الماضي، أظهرت عناصر من الدعم السريع وهم ينفذون إعدامات ميدانية في منطقة الصالحة بحق أشخاص قيل إنهم يعملون لصالح الجيش. وبعد موجة انتقادات واسعة، نفى الناطق باسم الدعم السريع حينها مسؤولية قواته عن الحادثة.
ولم تصدر حتى الآن أي توضيحات من قوات الدعم السريع بشأن المقابر الجماعية التي أعلن الجيش اكتشافها اليوم الخميس في المدرسة التي استخدمتها "الدعم السريع" كمعتقل.
انتشار وباء الكوليرا
أعلنت غرفة الطوارئ بولاية الجزيرة، اليوم الخميس، عن وفاة 6 أشخاص وإصابة 40 آخرين بالكوليرا، ما دفع سلطات الولاية إلى اتخاذ إجراءات احترازية شملت إغلاق المدارس والأسواق.
ونقل موقع "الترا سودان" عن عضو في غرفة الطوارئ بمنطقة الحاج عبد الله جنوبي ولاية الجزيرة، أن المنطقة سجلت 46 إصابة بالكوليرا في الفترة من 15 إلى 21 أيار/مايو الجاري، توفيت منها 6 حالات، بينما تماثل 40 شخصًا للشفاء. وأشار المصدر إلى أن الوضع الصحي في جنوب الولاية يشهد تدهورًا كبيرًا، حيث سُجّلت إصابات في عدة قرى.
ودعت غرفة الطوارئ الجهات المعنية إلى التدخل العاجل، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية.
من جهته، قال الأمين العام لمؤتمر الجزيرة، المُبر الريح الشريف، إن الوضع الصحي في الولاية "كارثي"، مشيرًا إلى أن حمى الضنك كانت قد تفشّت في وقت سابق، ورغم تراجعها، فقد ظهرت حالات إصابة بالكوليرا والتهاب السحايا في بعض المناطق، دون توفر إحصائيات دقيقة.
وأرجع الشريف تفاقم الأوضاع إلى "الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، وغياب الخدمات الأساسية".
توفي 6 أشخاص جراء الإصابة بالكوليرا وسجّلت أكثر من 40 إصابة جديدة بالوباء في منطقة الحاج عبد الله جنوب ولاية الجزيرة لوحدها
يُشار إلى أن المرافق الصحية في ولاية الجزيرة تعرّضت لأضرار كبيرة جراء المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، بما في ذلك النهب والاستهداف المتكرر من قِبل عناصر الدعم السريع، ما فاقم من معاناة السكان. وقد أسفر ذلك عن وفاة المئات بسبب توقف الخدمات الصحية وانعدام الأدوية، لا سيما بين الأطفال والنساء وكبار السن.
وكان وزير الصحة بولاية الجزيرة، أسامة عبد الرحمن الفكي، قد كشف في تصريح لموقع "الترا سودان" أن خسائر القطاع الصحي في الولاية، نتيجة أعمال التخريب التي نفذتها قوات الدعم السريع، تُقدَّر بنحو 50 مليون دولار.
ولا تقتصر أزمة الكوليرا على ولاية الجزيرة، بل تعاني منها حاليًا عدة ولايات، وعلى رأسها العاصمة الخرطوم، حيث سُجّلت مئات الإصابات. وتزامن ذلك مع عودة السكان إلى الولاية بعد استعادتها من قِبل الجيش، غير أن العائدين وجدوا أمامهم بنية تحتية مدمّرة، بما في ذلك شبكات المياه والمستشفيات، ما اضطر كثيرين إلى استخدام مياه ملوثة وغير آمنة لتلبية حاجاتهم من الشرب والطهي.