18-يناير-2017

يجد المواطنون صعوبة في إيجاد سرير للعلاج في المستشفيات الحكومية (فايز نورالدين/أ.ف.ب)

"ليس من يسمع كمن يرى وليس من يرى كمن يجرب"، هكذا اعترفت السيدة نورية (45 سنة)، وهي تجوب قاعات الفحص بأحد مستشفيات العاصمة الجزائرية، بحثًا عن سرير لابنها الصغير ذي الأربع سنوات، حتى يتم علاجه وتجرى له عملية جراحية. القصة لم تبدأ لتنته على مشارف مستشفى واحد، بل نصحها الكثيرون بالبحث عن مكان في مستشفى آخر. لكن كل محاولاتها باءت بالفشل. قصة هذا الطفل ليست الوحيدة في الجزائر. فالمستشفيات تعج بالعشرات من الحالات ممن ضاقت بهم السبل من أجل إيجاد سرير لمرضاهم، ممن يلهثون يوميًا للوصول إلى المستشفيات وخصوصًا سكان المناطق الجنوبية للبلاد، الذين يقضون ساعات طويلة للسفر من الجنوب نحو الشمال من أجل الظفر بمكان للعلاج.

يعاني الجزائريون من تفشي المحسوبيات والمحاباة في قطاع الصحة الحكومي وقد لا يجد أحدهم سريرًا للعلاج

في الكثير من المرات تعلن معظم المصحات التابعة للمستشفيات الحكومية الجزائرية عدم توفر أسرة للمرضى. معضلة يجدها المرضى في شتى الأقسام وخصوصًا إذا تعلق الأمر بعلاج مرضى السرطان ومصحات التوليد والعيادات المتخصصة في علاج تصفية الدم والكلى.

رحلة الجزائريين في العلاج باتت عبارة عن مسار "مؤلم وموجع جدًا" للكثيرين، ففي غالب الأحيان، يصطدم المرضى مع تماطل في إيجاد المواعيد الخاصة بالفحوصات أو إيجاد مكان لإجراء عملية قد يتأخر موعدها إلى ما بعد شهرين أو أكثر. فيما يتحدث الكثيرون عن مواعيد لما بعد الستة أشهر، خصوصًا إن تعلق الأمر بجراحة العيون والقلب، أما البحث عن كميات من الدم فباتت شبح الكثير من المصابين على وجه خاص.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائريون في رحلة بحث عن الإنجاب

لا أحد ينكر أن الحكومة الجزائرية صرفت الملايين من الدينارات من أجل تجهيز المستشفيات وتأطيرها بالكوادر، ولا ينكر أحد أن المليارات صرفت أيضًا في تحسين الخدمات وتوفير الخدمة العمومية في المستشفيات لكن يبقى المشكل في كيفية استيعاب العدد الهائل للمرضى، وهو ما يطرح عديد الأسئلة أهمها: "ما جدوى تجهيز هياكل صحية في غياب توفير الخدمة الصحية؟"، سؤال يحيلنا إلى العديد من الأجوبة، فالجزائر أضاعت فرصة تأسيس لاستراتيجية صحية على المدى القصير والطويل خصوصًا على مستوى التسيير الإداري، أي على مستوى الولايات/المحافظات.

الكثيرون يشتكون من تدني وسائل العلاج في الجزائر والمحسوبية والمحاباة والتمييز أيضًا بين المرضى، فمن يعرف ممرضًا أو طبيبًا أو حتى حارس مصحة، فلن يجد مشاكل في الحصول على موعد أو المرور للعلاج مباشرة، لذا يرى الكثيرون أن مشاكل الصحة في الجزائر مرتبطة بـ"الفرد"، وخصوصًا على مستوى المستشفيات الحكومية التي باتت اليوم "مأساة حقيقية للآلاف"، الذين لم يجدوا أمامهم حلًا في العلاج، خاصة وتكاليف العلاج باهظة على مستوى العيادات الخاصة.

اقرأ/ي أيضًا:

موت آلاء.. الصحة الجزائرية في قفص الاتهام

ذعر في أوساط مرضى السكري في الجزائر.. ما السبب؟