16-مايو-2019

من الفيلم (IMDB)

knock down the House   هو الفيلم الوثائقي الذي كتبته وأنتجته رايتشل ليرز، وأثار ردود أفعال إيجابية في المجتمع الأمريكي حول انتخابات الكونجرس الأمريكي عام 2018.

يقدم الشريط الوثائقي "Knock Down The House" نضال ثلاث نساء من عمق المجتمع الأمريكي وقاعدته الشعبية

يتعرّض الفيلم لبطلات ثلاث هن ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، المرشحة عن الدائرة الـ14 لنيويورك سيتي، وبولا جين سوارينجن  المرشحة عن دائرة وسط فرجينيا، المشهورة بمناجم الفحم وعمالها من قاطني المناطق الصناعية، وكوري بوش المرشحة للكونجرس عن الدائرة الأولى لميزوري، التي تعيش قرب منطقة فيرغسون التي حدثت فيها أعمال عنف بين السكان المحليين والشرطة، إثر حادث إطلاق النار على الصبي المراهق مايكل براون عام 2014، وأخيرًا إيمي فيليلا المرشحة عن الدائرة الرابعة في نيفادا.

اقرأ/ي أيضًا: وثائقي "الساعات الأخيرة".. كيف كانت آخر لحظات حكم مرسي؟

على الرغم من أن الفيلم يركز على قصة ألكسندريا كورتيز كونها الوحيدة بينهن التي نجحت في الانتخابات، إلا أنه في الوقت نفيه لا يقلل من شأن قصص الأخريات التي تُظهر نضالًا كبيرًا في مواجهة وحوش الألة السياسية كما أسمتهم كورتيز، واضعات حياتهن في سبيل ذلك على المحك في كثير من الأحيان.

ألكسندريا والطاحونة السياسية

خرجت للعمل إبان الأزمة المالية الكبيرة، لم يكن من الممكن أن تعتمد على والدتها بعد وفاة والدها الذي جعلت وفاته، موقف العائلية المادية صعبًا. يصور الفيلم طبيعة عمل كورتيز كنادلة، ووقوفها على قدميها 18 ساعة يوميًا، وتعرضها للحرارة بشكل أساسي، والأهم تعرضها لمضايقات الناس.

يصور الفيلم المعركة التي خاضتها كورتيز بين معارك أخرى كتلك التي خاضتها نظيراتها في دوائر انتخابية أخرى، ويغوص في عمق اللعبة السياسية التي أعادت تعريف المواجهات الكبرى في السياسة الأمريكية لتكشف حقيقتها، والتي لا علاقة لها بالديمقراطيين أو الجمهوريين، وإنما بطبقات عُليا ودُنيا، طبقة من السياسيين البيض الذكور، في حالة كورتيز من الديمقراطيين المخضرمين، أو جو كراولي الذي يجلس على عرش الدائرة الـ 14 منذ 14 عامًا، تموله شركات الأدوية والعقارات ويحصل في كل دورة على ثلاثة ملايين دولار، تتخلص المواجهات إذًا بين الأفراد الذي يحتاجون إلى الالتفاف حول شخص ودعمه دعمًا شعبيًا بعيدًا عن المؤسسات ومصالحها، في مقابل مؤسسات تمثل مصالحها فقط بغض النظر عن مصالح الناس.

يلخص المشهد بعبقرية أحد أعضاء حملة كورتيز بقوله: "نحن نخوض المعركة في الوقت الذي يشكل فيه الرجال 81% من الكونجرس، وهم بيض، محامون ومليونيرات".

في أكثر من موضع في الفيلم، يظهر كيف حاولت كورتيز ونظيراتها الخروج خارج القوالب السياسية. تقول كورتيز نفسها: " نحن لا يهمنا الحزب، يهمنا فقط إنجاز الأشياء".

في مشهد اجتماع المرشحين الديمقراطيين عام 2017، تورد كورتيز الأسباب التي جعلتها تخوض المعركة الانتخابية، الحوار يجعل المشاهد يفهم لماذا نجحت كورتيز لاحقًا، فمن يتحدى جون كروالي رابع أكثر الديمقراطيين نفوذًا في الكونجرس، يجب أن يكون من خارج مقاطعة كوينز، وأن يكون غير فاعل في الحقل السياسي، لأنه إما سيتعرض للتهديد بخسارة عمله، أو سيتم رشوته لترك المجال للمرشح المخضرم وأن يمثل المجتمع المحلي بأكثر من طريقة.

أكثر سؤال واجه كورتيز حين كانت تطرق أبواب بيوت الحي، لطلب دعمها بالترشح هو لماذا أنتِ قادرة على النجاح؟ وكانت إجابتها ببساطة: "لأن الآخرين لن يفعلوا".

بولا جين.. سليلة عمال المناجم

في غرب فرجينيا حيث تمتد أياديِ الصناعة المخربة إلى الطبيعة، لتلوث الماء والهواء، ولتصاب نسبة معتبرة من السكان بمختلف أنواع السرطانات، أجواء تذكرك بفيلم جوليا روبرتس "إيرن بركوفيتش" الذي أنتج قبل 19 عامًا، ويتحدث عن أم عزباء تعمل لكشف الفساد المتعلق بشركة كيمياويات تسبب في تسميم حياة السكان المحيطين بأحد المصانع الكُبرى.

في غرب فرجينيا تمتد أيادِي الصناعة المخربة إلى الطبيعة لتلوث الماء والهواء، ولتصاب نسبة معتبرة من السكان بمختلف أنواع السرطانات

تتجول بولا جين في منطقتها، وتشير إلى البيوت المكلومة. هي أكثر جدية، وأقل جاذبية من كورتيز، لكن سليلة عمال المناجم، كانت تشبه قومها وبلدتها كثيرًا وتطالب بالحق في الحصول على كوب ماء نظيف.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "طعم الإسمنت" أفضل وثائقي في مهرجان فيزيون دو رييل

تخوض جين المعركة ضد جون مانشين المرشح الديمقراطي الذي ربح ملايين الدولارات من أصول شركات الفحم، ويرفض، بطبيعة الحال، شيطنة هذه الصناعة أو وضع قوانين تحمي السكان المحليين من أضرارها، كما يظهردفاعه في الفيلم.

كوري بوش.. شوارع الحرب المقدسة

ممرضة سوداء وقسيسة وأم، حكاية أخرى يركز عليها الفيلم، ويصبح التركيز مضاعفًا حين تكون ملونًا في مجتمع أمريكي، يُظهر الفيلم لماذا ترشحت كوري بوش التي تعيش على بعد خمس دقائق مما كان حربًا للشوارع منذ خمسة أعوام، حين قامت الشرطة بإطلاق النار على المراهق الأعزل مايكل براون فقامت الدنيا ولم تقعد، وخرج السكان المحليون في مواجهات مع الشرطة، تقول كوري إن الحق لم يعد إلى أصحابه، لكن المواجهات وصلابتها أعطت للمجتمع المحلي قوة لم يكن يشعر بها من قبل، تشير كوري إلى دورها في تلك الأثناء حين خرجت إلى الشاع مع النشطاء لتقديم العون كممرضة للمتظاهرين في الشارع، تتحدث كوري مع الناس في الشوارع، فيصدونها بلطف، بحجة أن المعركة محسومة للأقدمية، لصالح المرشح الأسود لاسي كلاي أو ابنه، آل كلاي لم يتركوا الباب مفتوحًا لأحد سواهم.

إيمي فيليلا.. المخاطرة بكل شيء

يحكي الفيلم أيضًا عن إيمي فيليلا، المرشحة عن الدائرة الرابعة في نيفادا، السيدة التي باعت منزلها، وأدرات ظهرها لوظيفة مرموقة، وأصبحت مدينة، من أجل تخوض هذه المعركة. إيمي تعتبر المعركة في بعض الأحيان شخصية، حيث توفيت إحدى ابنتيها بسبب تعقيدات صحية جوهرها أنه لم يكن هناك تأمين صحي يغطي نفقات علاجها.

يظهر الفيلم الساعات العصيبة التي تحدثت فيها فيليلا بنفسها عبر الهاتف مع المتبرعين من أجل حملة تبرعاتها، والشباب العاملين في حملتها، تحدث أحدهم عن أن أحد داعمي المرشح الخصم ستيفن هروسفورد، وهو جون كرولي يمول الحملة، حتى يجعل الأمور تبدو أكثر صعوبة لكورتيز في نيويورك، أو ربما لأنها شبكات من المصالح تحمي نفسها، لا أكثر. لم تفز فيليلا في النهاية، لكنها لم تفقد الأمل رغم خسارتها.

خضم الصراع: نهايات لا تشبه البدايات

مشهد جديد لمعركة كورتيز ضد جو كراولي، منتدى هام للمجتمع المدني في دائرة نيويورك، يحضره مائة شخص تقريبًا، ويغيب عنه كراولي، وتنوب عنه سكرتيرة أو متحدثة باسمه، الكاريزما غائبة، فسرها الحاضرون على أنها استخفاف بهم، بينما طُرحت أسئلة مهمة عن التصويت لصالح حرب العراق الذي دعمه كراولي بينما رأته كورتيز كارثيًا أثار الكثير من القلاقل في المنطقة، ونقل السفارة الإسرائيلية الذي أجابت كورتيز بأنه خطأ سياسي كبير، وأن الدور الأمريكي فيما تحب أن تسميه الآلة الإعلامية الرسمية الأمريكية "الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين" دور مليء بالأخطاء السياسية الكارثية. انفجرت المداخلات من الحاضرين، بعضهم من المجتمع الأفريقي المهاجر الذي يرى أنه تم تهمشيه، ومنها من المجتمع اليمني الأمريكي الذي يعاني من تشتيت العائلات بسبب قرارات حظر السفر الترامبية العنترية. تحدثت كورتيز مع الجميع بينما غاب الشبح كراولي.

رغم ما صوّره الوثائقي "Knock Down The House" من قلق كورتيز وخوفها إلا أنها خاضت المواجهة بتركيز عال ونجاح لافت للانتباه

ترتفع شعبية كورتيز يومًا عن يوم، على مواقع التواصل الاجتماعي، تضج حساباتها بالمتابعين، ويستفيق أخيرًا كراولي الخصم ليدعوها إلى مناظرة متلفزة معه.

اقرأ/ي أيضًا: وثائقي "عن الآباء والأبناء".. أربعة تقسيم عشرة يساوي خمسة

رغم ما صوّره الفيلم من قلق كورتيز وخوفها إلا أنها خاضت المواجهة بتركيز عال ونجاح لافت للانتباه، وفي منتصف الفيلم تقريبًا، يتم تصوير الحياة الشخصية لكل من المرشحات، كيف أنهن مناضلات وعاملات، وآتيات من عمق المجتمع الأمريكي، وقاعدته الشعبية، ولا تقف خلفهن شركات بمصالحها تدفع لهم من أجل الحفاظ على مصالحهم.

يركز الفيلم أكثر وأكثر على الخطابين، خطاب مصالح المؤسسات ومن يمثلها مثل جو كراولي الذي تتناول كورتيز دليله الدعائي المصور، ولا تجد فيه سوى شخص يواجه ترامب فقط، دون وجود أي جدول من الالتزمات، بينما يتحدث دليلها الدعائي عن نقاط محددة في حملتها.

الفيلم، في لقطته العبقرية لا يورد فقط عدة مرشحات في انتخابات الكونجرس ورحلاتهن نحوه، بل يصور طبيعة حياتهن وطبيعة الوجانب السياسية التي تحكم المشاهد السياسية في الواقع الأمريكي، والتي تبتعد كثيرًا عما ظل يصوره الإعلام الأمريكي على أنه صراع جناحي الأحزاب الرسمية في الولايات المتحدة الديمقراطي والجمهوري، هذه الحقيقة حاضرة طوال الوقت في فيلم رايتشل ليزر، وهي الأهم والأكثر حضورًا.

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم Buena Vista Social Club: Adios دراما أساطير الموسيقى الكوبية

هيدي لامار.. وثائقي جديد عن الممثلة الفاتنة والمخترعة العبقرية