أدانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ثلاثة محتجزين تحت التعذيب كان الأمن العام السوري قد اعتقلهم خلال الأيام الماضية، بعد الحملة الأمنية التي أطلقها في مدينة حمص وريفها، وسط سوريا. وأكدت الشبكة في بيانها الذي صدر، الإثنين 3 فبراير/ شباط 2025، على أن استمرار ممارسات التعذيب والاحتجاز غير القانوني "يقوض أسس العدالة وحقوق الإنسان" خلال هذه المرحلة التي تمر بها البلاد.
وكان مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، قد شدد في تصريحات سابقة لموقع "الترا صوت" على أن مقتل المحتجزين تحت التعذيب لدى الأمن العام قد يؤدي إلى "استسهال الأجهزة الأمنية اللجوء لمثل هذه الممارسات"، مؤكدًا أنه يجب أن يكون "هناك قطيعة مطلقة مع إرث النظام الأسدي المتوحش الذي قتل نحو 15 ألف مواطن تحت التعذيب، ونحو 114 ألف مواطن مخفي قسريًا".
وقالت الشبكة الحقوقية في بيانها إن عناصر الأمن العام أقدمت على احتجاز المواطن، محمد لؤي محمد طلال طيارة، من حي الإنشاءات في مدينة حمص في يوم 29 كانون الثاني/يناير الماضي، وأضافت الشبكة نقلًا عن مقربين من عائلته أن احتجاز طيارة كان "على خلفية اتهامات بانتمائه سابقًا إلى قوات الدفاع الوطني التابعة لنظام بشار الأسد خلال فترة سيطرتها على المدينة"، موضحة أنه تم اعتقال الشاب في مقر احتجاز كان يتبع سابقًا لحزب البعث العربي الاشتراكي في حمص.
أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيانها على أن استمرار ممارسات التعذيب والاحتجاز غير القانوني يقوّض أسس العدالة وحقوق الإنسان خلال هذه المرحلة التي تمر بها البلاد
وأضافت الحقوقية أنه بعد يوم واحد من اعتقال طيارة "تلقت عائلته بلاغًا يفيد بوفاته داخل مركز الاحتجاز"، مشيرةً إلى أنه "عند استلام جثمانه من مستشفى الوليد في حمص من قبل والدته، لوحظ على جسده آثار تعذيب شديدة"، مؤكدة أن وفاته كانت "ناجمة عن التعذيب والإهمال الطبي أثناء احتجازه"، ولفتت الشبكة إلى أنه بالاستناد إلى الأدلة التي جمعتها، فإن طيارة كان "يتمتع بصحة جيدة وقت احتجازه، مما يعزز فرضية وفاته نتيجة التعذيب وإهمال الرعاية الطبية".
وتابعت الشبكة الحقوقية في بيانها أنه في حادثة منفصلة "تسلّمت عائلة رضوان حسين محمد (مواليد 1999)، المنحدر من قرية الشنية في ريف حمص الغربي، جثمانه يوم الخميس 30 كانون الثاني/يناير 2025، من مستشفى حمص الكبير". وبحسب بيان الشبكة، فإن محمد الذي اعتقل يوم 25 كانون الثاني/يناير الماضي 2025 خلال الحملة الأمنية التي استهدفت عناصر النظام السابق، كان"قد تطوع سابقًا في فرع الأمن العسكري في مدينة حمص"، لافتةً إلى أنه "تم احتجازه وهو على قيد الحياة، لكن عند تسلّم جثمانه ظهرت عليه آثار طلق ناري في الرأس وعلامات تعذيب على جسده".
وفي حادثة ثالثة ذكرها بيان الشبكة الحقوقية، تسلّمت عائلة، بدر محيي صقور، جثمانه من أحد مستشفيات مدينة حمص. وصقور المنحدر من قرية الكنيسة في ريف محافظة حمص الغربي، كان قد اعتقله الأمن العام في 22 كانون الثاني/يناير 2025، وأشار بيان الشبكة الحقوقية إلى أنه تم احتجاز صقور "على قيد الحياة، لكن عند تسلّم جثمانه ظهرت عليه علامات تعذيب وعلى جسده آثار طلق ناري".
وأعادت الشبكة السورية في بيانها التأكيد على أن "التعذيب جريمة محظورة في القانون الدولي، حيث يحظر القانون الدولي بشكل قاطع جميع أشكال التعذيب، إضافة إلى ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، ويُعتبر هذا الحظر قاعدة عرفية مُطلقة لا يجوز انتهاكها تحت أي ظرف، حتى في حالات الطوارئ"، وتابع البيان مؤكدًا أن "المسؤولية الجنائية عن جريمة التعذيب لا تقتصر على المنفذين فحسب، بل تمتد إلى كل من أصدر الأوامر أو تواطأ أو تغاضى عن ارتكابها، مما يجعل مرتكبيها عرضة للملاحقة والمساءلة أمام المحاكم الوطنية والدولية".
دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيانها إلى "فتح تحقيق مستقل وشفاف في ملابسات جرائم التعذيب ومحاسبة جميع المتورطين من مُصدري الأوامر إلى المنفذين المباشرين"
ودعت الشبكة في بيانها إلى "فتح تحقيق مستقل وشفاف في ملابسات الجريمة، ومحاسبة جميع المتورطين فيها، من مُصدري الأوامر إلى المنفذين المباشرين"، مطالبة بـ"إطلاع المجتمع السوري على نتائج التحقيقات، وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب". كما شدد البيان على ضرورة "اتخاذ تدابير صارمة لمنع تكرار هذه الجرائم، والتأكيد على التزام الحكومة الانتقالية بالمعايير القانونية الدولية في جميع عملياتها الأمنية"، داعيًا إلى "تعويض عوائل الضحايا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم جراء هذه الجريمة".
📌 تقارير صحفية تشير إلى أن لؤي طيارة قد توفي تحت التعذيب في مركز للأمن العام، بعد مضي 24 ساعة من توقيفه، في حادثة أثارت استنكارًا واسعًا.
📌 ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن مدير الأمن العام في #حمص قوله إنه: "أثناء احتجاز لؤي طيارة، وقعت تجاوزات من قبل بعض العناصر… pic.twitter.com/alYD4EvU9O
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 3, 2025
ولفت البيان إلى أهمية "إصلاح النظام القضائي والأمني لمنع الانتهاكات المستقبلية"، بما في ذلك "سن تشريعات جديدة تضمن استقلالية القضاء وتحظر جميع أشكال الاعتقال التعسفي"، بالإضافة إلى "إعادة هيكلة أجهزة الأمن بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان"، فضلًا عن "تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين". كما أشار إلى ضرورة "تعزيز الرقابة والمساءلة داخل الأجهزة الأمنية"، بما يشمل "تشكيل لجان رقابية مستقلة لضمان عدم وقوع انتهاكات أثناء الحملات الأمنية".
ومن بين الإجراءات التي طالبت الشبكة الحقوقية الأمن العام بالعمل عليها، كان التأكيد على "تسريع إجراءات تسوية أوضاع المطلوبين"، وهو ما يضمن "وضع آلية عادلة لتسوية أوضاع المطلوبين، وتشجيعهم على الاندماج في المجتمع". كما دعا البيان إلى "إشراك المجتمع المدني في صنع القرار"، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى "تعزيز دور المجتمع المحلي في آليات صنع القرار لضمان تمثيل عادل لجميع الفئات".
وختمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بيانها بالتأكيد على أن "استمرار ممارسات التعذيب والاحتجاز غير القانوني يقوض أسس العدالة وحقوق الإنسان، وينكؤ جراح ضحايا التعذيب الذين عانوا لعقود من ممارسات نظام الأسد الإجرامية"، مطالبًا الحكومة السورية الانتقالية بـ"إثبات التزامها الحقيقي بحقوق الإنسان من خلال إجراءات عملية تحمي كرامة جميع السوريين، بمن فيهم المحتجزون، وتسهم في إرساء مرحلة جديدة قائمة على سيادة القانون والمحاسبة".