16-فبراير-2022

(Getty)

أطلقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الثلاثاء فعالية عبر منصة "زووم"، بمناسبة إصدارها تقريرين يتحدثان عن أبرز انتهاكات هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش في سوريا، واستعرضت الندوة المسائية أهم النقاط التي جاءت بالتقريرين، وكيف عملت الشبكة عليهما وأبرز نتائجهما.

موقع ألترا صوت حضر الفعالية التي عرضت باللغتين العربية والإنجليزية، وشارك فيها كل من المتحدّثين، المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، والمحامي لدى مكتب جيرنيكا ٣٧ في لندن إبراهيم علبي، والكاتب والباحث السوري المهتم بالحركات الجهادية حسام جزماتي، وأدارت الجلسة الصحفية السورية نور الهدى مراد.

وفيما يخص تقرير أبرز انتهاكات هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، قال عبد الغني إن الهيئة تحاول أن تفرض نفسها كفصيل محلي في سوريا، بغية لعب دور سياسي، "الدور الذي يجب أن يكون متسمًا بالحقوق والحريات، لكن الواقع مأساوي للغاية"، لافتًا إلى أن معيار القضاء أكثر المعايير التي تكشف زيف الهيئة بمجال حقوق الإنسان، خصوصًا أن التقرير استعرض أبرز انتهاكات الهيئة بحق المدنيين، و"التي تشبه إلى حد كبير ممارسات النظام القمعية".

وأشار المدير التنفيذي للشبكة في التقرير الذي أخذ قرابة العام ونصف العام لإعداده، إلى تعدد أفرع القضاء واختلاف تبعيتها لدى تحرير الشام، مردفًا بأن "أكثرها نفوذًا تلك المتعلقة بالقضاء الأمني والذي يشبه محاكم الإرهاب لدى النظام السوري"، منوهًا إلى وجود "جهاز الحسبة" وتدخله بأبسط الأمور الشخصية المتعلقة بالمدنيين، إلى درجة تصل لتوجيهات تتعلق باللباس أو سماع الموسيقى مثلًا.

وعلى الرغم من أن مدينة إدلب موصومة بأنها حاضنة شعبية للهيئة، إلا أن عبد الغني يوضّح أنها أكثر المدن التي عانت من بطش الهيئة، وكان لها حصة الأسد من انتهاكات الهيئة بحق أهلها، كما كان التضييق على النساء بشكل كبير وارتكاب انتهاكات بحقهنّ جزءًا منها، مشيرًا إلى تمكّن الشبكة السورية من الوصول إلى متورطين بارتكاب الانتهاكات وفضحهم بالاسم، وهو ما أيده فيه الكاتب والباحث السوري حسام جزماتي الذي ثمّن جهد الشبكة بهذا الجانب.

بدوره، قال المحامي إبراهيم علبي إن "الرابط بين الهيئة وداعش هو ارتكاب الانتهاكات الحقوقية"، مؤكدًا أن وجود التشكيل على قائمة الإرهاب ليس بالأمر المهم بالنسبة للجانب الحقوقي، لكن المهم قانونيًا هو الانتهاكات المرتكبة، وضرورة محاسبة مرتكبيها، وهو ما لفت إليه بسياق حديثه جزماتي عندما أوضح أن الهيئة تهتم لمسألة وجودها على لائحة الإرهاب وتسعى جاهدة لإزالتها من هذه القائمة، منتقدًا سياسة الدول بالتعامل مع تحرير الشام على أساس مدى خطورتها بالقيام بنشاطات خارج حدود سوريا، وهو ما لم تفعله الهيئة إذ تحصر نشاطها في الميدان السوري.

علبي أكد من جهته على ضرورة التعامل مع الهيئة على أساس انتهاكاتها الحقوقية داخل سوريا، ومحاسبتها، وكذلك لفت إلى أهمية تحمّل الجهات ذات النفوذ على الأرض مسؤولياتها بتوثيق الانتهاكات، وتعويض ضحاياها قدر الإمكان، بما في ذلك قوات سوريا الديموقراطية التي سيطرت على جميع مناطق نفوذ تنظيم داعش سابقًا، وكذلك هيئة تحرير الشام التي تحكم مناطق شمال سوريا حاليًا "عليها الاعتراف بوجود انتهاكات ومحاسبة مرتكبيها".

من جانبه، قال جزماتي إن اللافت في التقرير الذي أعدته الشبكة السورية عن انتهاكات تحرير الشام، هو شبكة القائمين على منظومة الحكم في الهيئة، فجميع القضاة مثلًا تربطهم علاقة قرابة أو قائمة على ولاءات لمؤسس جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، خصوصًا القضاء الأمني، لافتًا إلى أن حكومة الإنقاذ المنبثقة عن الهيئة هي بمثابة الصورة الإعلامية اللامعة لمنظومة الحكم، والتي تعمل بالعلن وتحاول قدر المستطاع تبييض صورة الهيئة، وكسب الرضا الشعبي عنها، "لكن ملف القضاء الأمني يفضح ممارسات تحرير الشام القمعية، خصوصًا مع الذي يتعلق بأمنها ويهدد سلطتها".

وعن التقرير الصادر من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان والذي تحدث عن انتهاكات تنظيم داعش، يقول المدير التنفيذي للشبكة فضل عبد الغني، إن أبرز الضحايا نتيجة سلطة تنظيم داعش السابقة، كانت من نصيب المدن التي كان ذو نفوذ فيها، كمدن دير الزور وحلب والرقة، منتقدًا وصم هذه المدن بتأييد التنظيم فترة حكمه.

وبحسب قاعدة البيانات لدى الشبكة السورية، فإن السنّة هم الأكثر تضررًا من قبل التنظيم، لأنهم يشكلون الجزء الأكبر من تكوين المجتمع هناك.

وتساءل عبد الغني عن مصير من تم اختفاؤهم أثناء نفوذ التنظيم وما زال مصيرهم مجهولًا، فعندما سيطرت قوات سوريا الديموقراطية منذ بداية معاركها وحتى اختفاء التنظيم عام 2019، تم فتح السجون، لكن لم يتم العثور على المفقودين، وهنا تأتي مسؤولية قوات سوريا الديموقراطية بالبحث والتقصي حول مصير هؤلاء المفقودين، خصوصًا أنها ما تزال تحتجز آلاف العناصر من التنظيم إلى يومنا هذا، لكن وعلى ما يبدو أن "قسد" غير مهتمة بهذا الجانب، وكذلك داعمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وتحدث المدير التنفيذي للشبكة عن شكل جهاز القضاء بالتنظيم والذي لا يشبه منظومة تحرير الشام، وإنما هو أقرب إلى المحاكم الميدانية لدى النظام، حيث تكاد تكون الاجراءات فيها معدومة.

وأشار عبد الغني إلى أن كل الجهات التي ارتكبت انتهاكات في سوريا، تنفي تمامًا وقوعها، موضحًا أن تقارير الشبكة تكمن أهميتها باستعراض وتوثيق تلك الانتهاكات وفضح المتورطين بها، ودعم الضحايا مستقبلًا وفرصة تعويضهم، وكذلك إعداد قاعدة بيانات تؤهل عملية محاكمة ومحاسبة المجرمين، والضغط أيضًا على السلطات الحالية ذات النفوذ في مناطق سوريا المختلفة بتحمّل المسؤولية.

وعليه، دعا الكاتب والباحث حسام جزماتي إلى دعم جهات مستقلة فوق سياسية للتحقيق بتلك الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، بدعم دولي، للبحث والتقصي عن المختفين ومن عثر عليهم ضمن المقابر الجماعية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تحت التعذيب والقصف.. طريقان للموت في سوريا

الشبكة السورية لحقوق الإنسان: اختطاف وإخفاء 95 ألف شخص قسريًا منذ 2011