07-أبريل-2019

طالب المحتجون في السودان من الجيش القيام بدوره الدستوري (فيسبوك)

الترا صوت - فريق التحرير

شكل يوم السبت السادس من نيسان/أبريل مرحلة مفصلية في تاريخ الاحتجاجات السودانية، التي انعقد عليها عزم إنجاز التغيير، حيث توافد آلاف المتظاهرين صوب مقرات القيادة العامة للجيش وسط العاصمة الخرطوم، واتخذوا من بوابة وزارة الدفاع منطقة مفتوحة لاعتصام قرروا المواصلة فيه حتى تتحقق مطالبهم، المتمثلة في إسقاط النظام وإقامة البديل الديمقراطي.

دعا تجمع المهنيين والقوى المتحالفة معه في المعارضة، الجيش السوداني بالانحياز للشعب، وسحب الثقة من البشير ونظامه، والاضطلاع بمهامه الدستورية في حماية البلاد وشعبها

منذ صباح السبت لبى آلاف الشباب دعوات تجمع المهنيين السودانيبن لإحياء ذكرى انتفاضة 6 نيسان/أبريل 1985 التي أسقطت حكم الرئيس الراحل جعفر محمد نميري، وكان مفاجئًا كسر الطوق الأمني الذي فرضته القوات النظامية حول مقر قيادة الجيش، وظهور ما عرف بالكتلة الحرجة التي ظلت تعارض نظام البشير في صمت تام، حتى أن شوارع الخرطوم المحيطة بمقر قيادة الجيش اختنقت بالمحتجين.

اقتحام القصر الرئاسي 

وأظهرت فيديوهات متداولة اقتحام المتظاهرين لبيت الضيافة مقر إقامة الرئيس السوداني عمر البشير وأسرته في الخرطوم، دون أي مقاومة أو تبادل للعنف مع الحرس الرئاسي، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى المنطقة السكنية. وكشفت مصادر مقربة لـ"ألترا صوت" أن البشير موجود في مكان آمن ولم يغادر إلى القاهرة أو السعودية كما رشح من معلومات، لكنه لم يظهر في أي نشاط منذ ليلة الجمعة، وقالت المصادر إن الرئيس يتفاكر مع قيادة الجيش حول الخطوة المقبلة للتعامل مع تطورات الأوضاع البلاد، والتي يبدو أنها تجاوزت مرحلة السيطرة.

اقرأ/ي أيضًا: الشارع السوداني ينتفض ضد الجوع والقمع.. لا شيء لدى السلطة إلا "البوليس"

ترقب بيان الجيش

 ترأس وزير الدفاع النائب الأول للبشير الفريق عوض بن عوف اجتماع اللجنة الأمنية لتقييم الأوضاع عمومًا حتى وقت متأخر من الليل، وأغلقت السلطات الطرق المؤدية لمقر الإذاعة والتلفزيون بأم درمان وسط أنباء عن بيان مرتقب لقيادة الجيش السوداني، وهو البيان الذي تنتظهره الحشود المتواجدة أمام وزارة الدفاع، وتطالب به وفقًا للهتافات، مثل "الطلقة ما بتقتل بقتل سكات الجيش" وهتافات أخرى من شاكلة "الليلة ما بنرجع إلا البشير يطلع".

وأظهرت صور قيام أفراد من الجيش بتوزيع المياه على المتظاهرين وتبادل التحايا، كما أظهرت أحد الضباط بالزي الرسمي وهو يردد شعار الثورة "تسقط بس"، بينما الآلاف يزحفون من شوارع الخرطوم نحو القيادة العامة وأبواق السيارات تتعالى فرحة بذلك، بجانب وصول تعزيزات بالأسلحة الثقيلة من الجيش إلى القصر الرئاسي ومقر مجلس الوزراء.

التمسك بالحوار الوطني

وصف شهود عيان المواكب التي خرجت السبت بأنها الأكبر منذ اندلاع الاحتجاجات في 19 كانون الأول/ديسمبر 2018، وهتف المتظاهرون بالقرب من بوابات قيادة الجيش ورئاسة الأركان المشتركة مرددين "شعب واحد جيش واحد". وكان الرئيس البشير قد دعا سابقًا إلى حوار شامل مع الذين لم يتضمنهم الحوار من أجل الوصول إلى حلول لقضايا البلاد خاصة الاقتصادية والسياسية، وسط تضارب الأنباء وقتها عن خطاب كان من المؤمل أن يلقيه البشير للأمة السودانية يعلن فيه موقفه النهائي من الترشح لفترة انتخابية جديدة، لكنه تراجع عنه في اللحظات الأخيرة. 

في هذا الصدد، عقد الحزب الحاكم السوداني اجتماعًا طارئًا ليلة السبت بغياب البشير وحضور أحمد هارون الرئيس المكلف للمؤتمر الوطني، وأشاد المكتب القيادي للحزب بتعامل القوات النظامية مع المتظاهرين، معلنًا في الوقت نفسه، تمسكه بالحوار، قائلًا إن "الانتخابات هى الطريق الوحيد والآمن للتغيير"، ونادى هارون بضرورة التعامل مع الأحداث الراهنة بحكمة لتجنيب البلاد أي انزلاق أمني ومنع اتساع دائرة العنف، على حد قوله.

شهداء وإصابات جديدة

دعا تجمع المهنيين والقوى المتحالفة معه في المعارضة، الجيش السوداني بالانحياز للشعب، وسحب الثقة من البشير ونظامه، والاضطلاع بمهامه الدستورية في حماية البلاد وشعبها. وقال التجمع وحلفاؤه في بيان تلقى "ألترا صوت" نسخة منه، إنه "آن الأوان ألا نعود حتى يتنحى البشير، وندعوكم ألا تبارحوا ساحات شارع القيادة العامة، فقد حررتموها بعزيمتكم وصبركم وإرادتكم التي لا تلين".

فيما أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، وهي جهة غير حكومية، عن مقتل خمسة شباب بالرصاص الحي وعبوات البمبان، وإصابة العشرات، وقالت اللجنة في تقرير على صفحتها في فيسبوك: "نأسف على تواتر هذه الأخبار المحزنة بسقوط خمسة شهداء في موكبنا المهيب المستمر"، إلا أننا على ثقة أنها لن تزيدنا إلا استمرارًا في الاعتصام والإضراب حتى إسقاط النظام والانتصار لكل الشهداء، على حد وصف بيان اللجنة.

اقرأ/ي أيضًا: عطش بورتسودان وظلامها.. احتجاجات تعم عاصمة البحر الأحمر السودانية

السيناريو الانتقالي  

تواصل الاعتصام  أمام مقر وزارة الدفاع السودانية يوم الأحد أيضًا، حيث توافد الآلاف إلى مقر الاعتصام من مدن الخرطوم الثلاثة، ورصد "ألترا صوت" حالة شلل وسط العاصمة الخرطوم، مع إغلاق الكباري والجسور المؤدية إلى منطقة الاعتصام أمام حركة السيارات، ما اضطر المواطنين إلى الزحف بأرجلهم.

كشفت مصادر مقربة لـ"ألترا صوت" أن البشير موجود في مكان آمن ولم يغادر إلى القاهرة أو السعودية كما رشح من معلومات، لكنه لم يظهر في أي نشاط منذ ليلة الجمعة

 وشهدت الخرطوم كذلك تعطل حركة المواصلات وإغلاق شبه كامل للمحلات التجارية، فيما تواصل القوات الأمنية الأخرى تعزيز تواجدها في شارع النيل والإذاعة والتلفزيون وأمام مقر جهاز الأمن الوطني ووزارة الداخلية، ومن المتوقع أن تشهد الساعات المقبلة تطورات جديدة في الساحة السودانية، بعد فشل محاولات فض الاعتصام بالقوة من قبل الأجهزة الأمنية والشرطية وتدخل الجيش لحماية المتظاهرين، وتلوح مع ذلك بعض السيناريوهات منها استلام الجيش للسلطة وتنحية البشير والإعلان عن مرحلة انتقالية تعقبها انتخابات، كما حدث في العام 1985 بقيادة المشير الراحل عبد الرحمن سوار الذهب، أو تمهيد الأوضاع، كما يبدو، لانقلاب عسكري يستمد شرعيته من حالة الاضطراب العام في البلاد وتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية عمومًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 جمعة الغضب في السودان.. السلطة تقمع والشعب يواصل احتجاجه