28-أغسطس-2022
عمل فني لـ سيمون فتال/ لبنان - أمريكا

عمل فني لـ سيمون فتال/ لبنان - أمريكا

هدوء

 

كان يكفي أن يبقى الباب مفتوحًا

أن يكون الخارج متنبهًا

لكلّ لحظة

أن يكون الدّاخل حول نفسه

ويكاد ينطق

بالطبع سيدور ذلك في الهواء

سيكون الهواء مفهومًا كرسالة

سيكون وحيًا.

 

ابتسامة هاربة

 

مستعدٌّ لأن أكون أخضر على الطرقات

أصفر شمسيًا في الأحلام

أن أشتري مثقالًا من الضّجر بربع حياة

لم أعد هدفًا للأخطار

أنا وحدي مع ابتسامة هاربة.

 

مجرد يوم

 

إنهم أصدقاء فقدناهم

لكنّ أثرًا منهم فقط

يومًا واحدًا نجا من التذكّر

ولا يزال في خدمتنا

لا يزال مجرّد اسم

ولا يحتاج إلى حياة ليكون عددًا

الانتظار لا يحتاج إلى وقت

لكنّ أحدًا لن يقوم بقتل الدقائق الباقية.

 

ثرثرة

 

لنترك هذا الجسد يُتابع

الثرثرة المستمرّة في داخله

بدون أن يسمعها

لنتركها تتكدّس في نفسها

ولا يكونُ لها مع ذلك حجم

إنّها تتجه إلى الأسفل

ولا شيء سوى غرق على غرق

ليس سوى حياة سفليّة

لا يحتاج الأمر إلى كلمات

إنّها موجودة قبل أن تقابل ما يفسّرها

تحدث فحسب

في البدء قبل أن يفهم نفسه

في البدء قبل أن يفكّر

إنّها في الأوّل قبل أن يجد ثانيًا

الأوّل وهو يتراجع إلى صفر

صفر لا يتوقّف عن الثرثرة

لأنّ هذا الجسد وحيدٌ مع نفسه

وبدون حكاية

لقد نسيَ تاريخه ويتساءل

إذا كان له أصلًا تاريخ

إذا كانت الحياة التي يجرُّها حدثتْ فعلًا

لحظاتٌ نسيت بداياتها

إنّها في الخارج ولا عددَ لها أو إسم

فقط زمنٌ حرٌّ يجري كالدّم

ويستمرُّ يدمدمُ في الدّاخلْ.

 

الهاربون

 

نفسي مزدحمة

الهاربون إليها قطعوا أعمارًا بكاملها

قطعوا سنينًا لم يعيشوها

ولا يزالُ الوقت ساخنًا فيها

تركوا حياةً ما عادوا يتعاطونها إلّا بالكاد

وطاقة لم تعُد للاستهلاك

وبالطّبع كان الوقتُ يحدثُ في الخلف

والمواليدُ يَسقطون من الذّكريات.

 

خيانة

 

لا أعرف أيّ ساعة انخسفت في هذا اليوم

لكنّ الخيانة بدأت من هنا

لقد اختفى ذلك التّاريخ

أو صار لليلة أخرى

ما كان يمكن أن نترك كذبة ثانية

ما كان يُمكن أن يبتلع الانفجار ذلك

أو يتركه يخرج من حيثُ ليس هناك باب

فقط مصراعان من أمس

الّذي انتصب الآن كان ميتًا في الأساس

لهيبٌ كاملٌ يصدر عن نسخة واحدة

هناك أيضًا تلك الثرثرة المعبّأة في صناديق

والتي يؤمل أن تحلّق في الجو

مع طائرات توشِكُ أن تسقط

مع مظلّات وبراميل وإكسسوارات للخيانة

كنت أكتب في هذه السّاعة التي ليست لشيء

الكلماتُ ليست عصافير

ثمّة أحجار كبيرة فيها

لم تكُن لي حياة ممثّلة

لكنّ الوقت، مع ذلك، ليسَ آمِنًا.

 

صمتٌ مضاعف

 

حدثَ ذلكَ حقًّا

لكن لم يترُك أثرًا

لم يتضاعف الصَّمت

ولم يتضاعف المكان

يحتاج النسيان إلى وقت

ليسَ للدّموع رائحة

النافذة تبتعد من اللّحظة الأولى

والوداعات تتقدم حتّى آخر الهواء

إذ أمكن لهذه الفكرة أن تكون بدلًا عن إنسان

وأن تسبق إلى الجدار

إذ أمكن أن نستعيض بكلمة

أن نحمل الغياب كخبر عن أنفسنا.

كان عليَّ أن أمشي سبعين سنة إلى الوراء

لأصلَ إليكِ

كان عليّ أن أضعَ أصابعي الخمسة

فوق رحيلكِ

ماذا يمكن أن نشتري بذكرى

ألا يكفي نهارٌ مطرود

ليكون عملتنا

هل تكفي صورةٌ على الجدار

أم أنّه فقط هذا التوديع الكسول

والمحصيُّ مع ذلك بالدّقائق

لذواتنا.

 

المحاكمة

 

لم يحدث شيء

لكن ما الذي ترك لي هذا الفراغ

هل هي خسارة جاءت من المجهول

أم أنّه لقاء بقدر عائد

هل هو سماء أطبقت عليّ

أم الأثير الذي امتلأ خوفًا

وهذا الصّباح الضّرير الذي استقبلني

هل هو ساعة؟ أم بابٌ فحسب

كنت وحدي حيث استمرّت المحاكمة ليلًا كاملًا

حيث بقي لي هذا الاسم الثاني

حيث من لا مكان استمرّ هذا الخلاء

الذي في أوقات أخرى

كان تعذيبًا.

 

لنقل إنّه المطر

 

ما وقع لم ندر ما هو

لكنها السّنة الثالثة على بداية ذلك الصّمت

السّنة الثّالثة بدون أن يكون هناك زمن

فقط عددٌ هائلٌ من فوقنا

صمتٌ آحاديّ يسقفُ العالم

وأسماء كثيرة لوداعات بدونِ صوت

لنقل مع ذلك أنّهم الأطفال

لنقل أنّه المطر.

 

يوم نجا

 

أغالبُ اليقظة

أتركُها تقلّبني على وجهي

أتركُها تتوقّف في عينيّ

الوسادةُ مقابل جسدي

السّاعة مقابل رأسي

والوقتُ يتربّص بي

قبل أن ينكسر وينحلّ إلى خوف

كم عليّ أن أعدَّ قبل أن أخرج آمنًا إلى الصّباح

إنّها سنوات

ربّما ليست سوى أيّام

العالم قد يختفي

لسنا هنا لنتذكّر

الانتظار لا يحتاج إلى وقت

لكن أحدًا لن يقوم بقتل الدقائق الباقية

اسمي ساعتي وسألقيه إلى الخلف

لن يبقى هنالك زمن لأصنع ذلك

وسأستعير من النسيان

إنّهم أصدقاء فقدناهم، لكن أثرًا منهم

أثرًا ليس إلّا

بومًا واحدًا فقط نجا من التذكّر

ولا يزال في خدمتنا

لا يزال مجرّد اسم

ولن يحتاج إلى حياة ليصير عددًا

لن يحتاج إلى ذكرى ليعود شبحًا.

 

  • من مجموعة شعرية جديدة بعنوان "كلمة أكبر من بيت" صدرت عن دار هاشيت أنطوان – نوفل.