01-سبتمبر-2019

من الفيلم (IMDB)

اشتهرت الحركة الصهيونية على الدوام بقدرتها على كسب تعاطف قسم كبير من الرأي العام العالمي، الغربي تحديدًا، من خلال قوة الدعاية لديها ونجاحها في تقديم نفسها على أنها ضحية دائمة ومستمرة. ولا توفّر هذه الحركة أي وسيلة أو منبر لإيصال هذه الصورة سياسيًا، إعلاميًا، ثقافيًا، وفنيًا.

بعد احتلال فلسطين والتنكيل بشعبها وتهجيره، باشر الإسرائيليون في الدخول بلعبة السينما، في محاولة منهم لكتابة التاريخ بما يخدم روايتهم

تشكل الإفلام السينمائية والوثائقيات جزءًا رئيسيًا من هذه الحرب، حيث تكثر الأعمال التي تحاول تلميع صورة هذا الكيان، وإظهاره بمظهر الضحية، وتتناول هذه الأعمال تاريخ الحركة الصهيونية، والاضطهاد الذي تعرض له اليهود حول العالم في بعض المراحل التاريخية، وتسلط الضوء على المراحل المفصلية في مسيرتها، كالمحرقة النازية إبان الحرب العالمية الثانية، والصراع العربي الإسرائيلي وما إلى ذلك. وقد حققت هذه الأفلام انتشارًا واسعًا، بعدما نجحت الحركة في الترويج لها وتسليط الضوء عليها.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "The Red Sea Diving Resort".. إسرائيل بوصفها خلاصًا

بعد احتلال فلسطين والتنكيل بشعبها وتهجيره، باشر الإسرائيليون في الدخول بلعبة السينما، في محاولة منهم لكتابة التاريخ بلغتهم وأدبياتهم وبالطريقة التي تناسب حركتهم، وهي كتابة بعيدة كل البعد عن الواقع والحقيقة.

في 1960، ظهرت باكورة أعمال ما بعد النكبة من خلال فيلم Exodus المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه. وبالرغم من الطابع الرومانسي للفيلم، فقد اختبأت خلف قصة الحب عشرات المواقف السياسية والثقافية، فبدا الفيلم كأنه محاولة لتثقيف جيل الشباب الإسرائيلي يومها، وتلقينه للرواية الرسمية الوحيدة للأحداث التي تعترف بها الحركة الصهييونية. وقد عبر رئيس الوزراء السابق ديفيد بن غوريون عن إعجابه الكبير بالفيلم وقال عنه : "كدعاية، هذا أفضل شيء كتب عن إسرائيل على الإطلاق".

تلاحقت بعدها الأعمال السينمائية الإسرائيلية، والتي تصنف ضمن خانة الفن المؤدلج، ولها جميعها الأهداف نفسها. منFiddler on The Roof  الذي تدور أحداثه في  ريو دي جانيرو في البرازيل مطلع القرن العشرين ويصور الصراع بين اليهود والأثودكس يومها، إلى   Hester Street الذي يظهر معاناة اليهود في الحي اليهودي في نيويورك في القرن الـ19، مرورًا بـ Shoah وهو وثائقي مدته 9 ساعات يوثّق للمحرقة النازية، وقد حصد عدة جوائز عالمية. وفي 2002، ظهر فيلم The Pianist الذي يروي قصة عازف بيانو بولندي يهودي نجا بأعجوبة من الموت في مخيم وارسو. وقد قام رومان بولانسكي بإخراجه وحصل بسببه على أوسكار أفضل مخرج في العام 2003.

نجاح أفلام السينما في التأثير على الرأي العام العالمي، والمساعدة في طمس معالم الجرائم التي ارتكبها هذا الكيان بحق الشعب الفلسطيني، دفعت القيمين على السينما بالمضي قدمًا في هذا المجال، والمحاولة من الإستفادة من ظاهرة شبكات الأفلام والوثائقيات التي انتشرت في السنوات الأخيرة، فتم إنتاج عدد من الأعمال التي تخدم الحركة، وآخرها كان The Red Sea Diving Resort، وهو من إنتاج 2019 وتدور أحداثه في السودان بشكل رئيسي، حيث يحاول فريق عمل تابع للموساد الإسرائيلي تهريب اليهود الإثيوبين، المعروفين يهود الفلاشا، من إثيوبيا إلى فلسطين المحتلة عبر السودان بشكل سري.

نجاح الأفلام في طمس معالم الجرائم التي ارتكبها الصهاينة دفعت القائمين على السينما بالمضي قدمًا في هذا المجال

يحاول الفيلم خلال ساعتين إظهار الجانب الإنساني لعملاء الموساد، وإصرارهم الكبير على إنقاذ ابناء ديانتهم من الاضطهاد بالرغم من الاختلاف العرقي والثقافي بينهم. وقد لاقى الفيلم ردات فعل مناهضة كثيرة لتضمنه مبالغات كبيرة، ومغالطات وأخطاء وتخيله لأحداث لم تحدث.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "حنا آرندت"..سيرة فيلسوفة لم ترض عنها "إسرائيل"

وقد اعترض السودانيون بشكل خاص على الفيلم، بسبب الصورة المسيئة والعنصرية التي يقدمها الفيلم عنهم، حيث يقدم الفيلم رجال الشرطة السودانيين في الفيلم الذي تدور أحداثه في الثمانينات من القرن الماضي في صورة الجشعين والمهووسين جنسيًا، ويمكن رشوتهم وخداعهم بسهولة.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

وثائقي "النكبة" أو "حلم هرتزل".. بيان تطبيعٍ سعودي وقح

القضية الفلسطينية في السينما المصرية..سؤال التطبيع والالتزام