23-يناير-2018

اعتقل الجيش المصري سامي عنان بتهمة الترشح للرئاسة دون موافقة القوات المسلحة (مواقع التواصل الاجتماعي)

بيان في منتصف اليوم، عنوانه الرئيسي "ننحاز إلى السيسي، أما سامي عنان فإلى السجن"، لتتحول الانتخابات الرئاسية المصرية، لمنافسة أحادية، بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والمشير عبدالفتاح السيسي! شخصٌ واحد بلا منافسة، مُحققًا أولى وعوده لفترة رئاسية ثانية: "اللي هيقرب من الكرسي ده منهم، يحذر مني".

استخدم السيسي الجيش المصري لإقصاء سامي عنان من السباق الانتخابي، تحقيقًا لما يبدو أنه قرار صارم بـ"محدش هيترشح هنا"!

هذه المرة لم يتعامل السيسي كما المعتاد من تضييق أمني، أو حتى تهديدات من هنا وهناك، ولكنه استخدم مباشرةً القوات المسلحة المصرية لإقصاء سامي عنان من السباق الانتخابي، بحجة أنه "فريق مُستَدعى"، أي لا يزال يخضع لنظام الاستدعاء في الجيش المصري. ويُعتقل عنان، ويُعرض على النيابة العسكرية، مع مجموعة تُهم منها "الترشح دون موافقة الجيش"، وأُخرى متعلقة بالتزوير قد يواجه بسببها عنان عقوبة الحبس 15 عامًا.

اقرأ/ي أيضًا: عنان والسيسي.. انتخابات نادي الضباط أو الرئاسة المصرية سابقًا! 

مصير أحمد قنصوة الذي كان الكثيرون يستبعدون وقوع عنان فيه، ها هو يتكرر بصورة أعمق مع عنان. فبعد قنصوة والحكم ضده، يأتي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، ويُتهم، ويقبض عليه، في انتظار حكم بحقه قريبًا. ولا ننسى المحاكمة التي تعرض لها خالد علي وصدر بحقه حكم درجة أُولى، وفي أي وقت، قد يصدر الحكم النهائي.

اثنان فقط فلتا من سياسة الكيد والتنكيل، هما أحمد شفيق ومحمد أنور السادات، وذلك بإعلانهما الانسحاب من السباق الانتخابي. لقد أدركا أن السيسي قرر قرارًا لا رجعة فيه، وهو: "محدش هيترشح هنا"!

الفريق المُستدعى

أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع أن يدخل الجيش المصري على خط المعركة الرئاسية بهذه الطريقة، متسخدمًا خطابًا هجوميًا ضد قائد سابق له، رحل عنه منذ نحو خمس سنوات فقط. 

وللتعبير عن الجدية والحسم، جاء إعلان القوات المسلحة الخاص بعنان، في بيان رسمي أذاعته القنوات التلفزيونية المصرية، وحمل توقيع القيادة العامة للقوات المسلحة. وكانت التهمة الأولى في قائمة الاتهامات التي وجهها البيان لعنان، إعلان الأخير ترشحه للرئاسة دون الحصول على موافقة القوات المسلحة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء حالة الاستدعاء التي قال البيان إنه لا يزال خاضعًا لها.

وعرّف البيان عنان، بـ"الفريق المُستدعى"، إشارة لأنه لا يزال خاضعًا لحالة الاستدعاء رغم أنه أحيل للمعاش في عهد محمد مرسي. وفي الحقيقة أن المتحدث باسم حملة عنان، حازم حسني، قد سبق له وأوضح أن عنان لا يزال خاضعًا للاستدعاء، لكنه ليس بضابط عامل، وبإمكانه مغادرة الجيش وخوض الانتخابات الرئاسية بجمع التوكيلات.

وقال حسني: "إن لم توافق القوات المسلحة على طلب عنان بالترشح مثلما فعلت مع السيسي، سيكون الأمر تحيّزًا من جانبها، وتدخلًا في السياسة".

تصريحات حسني جاءت قبل يوم واحد من بيان القوات المسلحة، والذي يكشف ضمنيًا عما أعرب حسني من تخوفه منه، أي انحياز القوات المسلحة لطرف على حساب آخر.

بيان القوات المسلحة ضد عنان، يكشف بشكل ضمني عن انحياز واضح للسيسي في مواجهة أي تهديد في طريق فترته الرئاسية الثانية

وعلى ما يبدو فقد كانت النية مبيّتة، كشف عن ذلك تصريحات اللواء خيرت بركات، مستشار السيسي، والمدير السابق لشؤون ضباط القوات المسلحة، والتي قالت فيها إن عنان محالٌ للتقاعد لكنه ما زال قيد الاستدعاء في الجيش، ما يعني خضوعه للقوانين الخاصة بضباط القوات المسلحة. "إعلان عنان ترشحه قبل إنهاء استدعائه بالقوات المسلحة، مخالفٌ للقوانين العسكرية"، قال بركات.

اقرأ/ي أيضًا: معنى ترشح سامي عنان لانتخابات الرئاسة المصرية

وتعامل الجيش مع عنان باعتباره متهمًا حتى قبل إعلان البيان، فوفقًا لعدة تصريحات صادرة من الحملة الرسمية، وعائلة عنان، فقد ألقى الجيش القبض على عنان خلال تحركه بسيارته في الشارع، فوفق تصريحات لسمير نجل سامي عنان، فإنّ "مجموعات أمنية ألقت القبض على والده أثناء السير بسيارته في الشارع، واقتادته لمقر النيابة العسكرية، ورفض أمن النيابة دخول نجله". وفور اعتقال عنان، أعلنت حملته الانتخابية تعليق عملها.

السجن من ثلاث إلى 15 عامًا

بيان الجيش لم يكتف بتهمة الترشح دون إذن القوات المسلحة، لكنه أضاف تهمًا أخرى، مثل "تضمين البيان الذي ألقاه المذكور (عنان) بشأن ترشحه للرئاسة، على ما يمثل تحريضًا صريحًا ضد القوات المسلحة بغرض إحداث الوقيعة بينها وبين الشعب العظيم، وارتكاب جريمة التزوير في المحررات الرسمية، وبما يفيد إنهاء خدمته في القوات المسلحة على غير الحقيقة، الأمر الذي أدى إلى إدراجه في قاعدة بيانات الناخبين دون وجه حق".

ولعل المقصود بـ"التحريض الصريح ضد القوات المسلحة"، هي الجملة التي حمّل فيها عنان السياسات الخاطئة لإدارة السيسي، مسؤولية "تحميل القوات المسلحة وحدها مسؤولية المواجهة دون سياسات رشيدة تمكن القطاع المدني بالدولة من القيام بدوره متكاملاً مع دور القوات المسلحة لاستئصال هذه الأمراض الخبيثة من جسد الدولة المصرية"، والتي افترضت العديد من التقارير التحليلية، أنها محاولة من عنان لاستمالة الجيش، وليس كما قال بيان الجيش بأنه "تحريض صريح"!

وعقب اعتقال عنان بساعات قليلة، أصدرت سلطات التحقيق قرارًا بحظر النشر في القضية والتحقيقات في جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وكذلك جميع الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية المحلية والأجنبية وغيرها من النشرات أيًا كانت، وكذلك المواقع الإلكترونية، وذلك لحين انتهاء التحقيقات فيها، عدا طبعًا البيانات التي تصدرها سلطات التحقيق نفسها.

ووفقًا للواء سيد هاشم، رئيس هيئة القضاء العسكري الأسبق، فإن الاتهامات التي وردت ضد عنان قد تنتهي بطرده من الخدمة العسكرية، وتعد أخطر تلك الاتهامات هي محاولة زرع الفتنة بين الجيش والشعب أو ما أسماها البيان "التحريض الصريح"، والتي تدخل في إطار العقوبات الجنائية والجنح، وفقًا لهاشم الذي أشار إلى التهم الموجهة لعنان قد تعرضه للحبس.

أكّد ذلك اللواء طه سيد طه، نائب رئيس هيئة القضاء العسكري السابق، في تصريحات قال فيها إن عنان قد يواجه على تهمة "التزوير" حكمًا بالحبس تتراوح مدته ما بين ثلاث إلى 15 عامًا، أما تهمة الترشح للانتخابات دون موافقة القوات المسلحة، فتراوح مدة الحبس فيها من يوم (24 ساعة) إلى ثلاث سنوات.

بسبب التهم التي وجهتها إليه القوات المسلحة لمنعه من الترشح للرئاسيات، قد يواجه سامي عنان أحكامًا بالسجن تصل إلى 15 عامًا

ومساعي النظام لاستبعاد أي مُرشح رئاسي مُحتمل، كانت واضحة منذ البداية، خاصةً مع الذين قد يثيرون القلاقل داخل مؤسسات الدولة لانتمائهم السابق لها، كما سبق وحدث مع أحمد شفيق. وباستبعاد عنان واحتمالية حبسه، مع أحاديث دائرة حول احتمالية انسحاب خالد علي من السباق الرئاسي، فإما أن تعرف مصر إعادة لنظام الاستفتاء الذي يُفترض أنه انتهى مع انتخابات الرئاسة في 2005، أو ربما استعان السيسي منعًا لتحرجه دوليًا على الأقل، بـ"كومبارسات" لإتمام تمثيلية الانتخابات، ولعل مرتضى منصور أحدهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"محدش هيترشح هنا".. فوبيا النظام المصري من المرشحين للرئاسة أمام الجنرال

السيسي كمسجّل خطر