19-أكتوبر-2018

يدخل المال السعودي في عملية فساد واسعة في المجتمع السياسي الأمريكي (Getty)

لا تنفك منظمات وتقارير، تبين كيف تقوض مجموعات الضغط الممولة، أو ما يُصطلح عليها بشركات العلاقات العامة، العملية الديمقراطية، من خلال جعل المال يدخل في عمق القرار السياسي. وفي حين تُثار أسئلة كبيرة عن التدخل الروسي مثلًا، فإن اللوبيات الممولة سعوديًا، والتي تعتمد على رشاوى وفساد، ليست أقل تأثيرًا على القرار الأمريكي تجاهها، وهو ما يجعل واشنطن متسامحة مع حرب اليمن مثلًا. يوضح  بن فريمان، مدير مبادرة الشفافية في التأثير الأجنبي، في مركز السياسة الدولية (CIP)، في هذا التقرير المترجم عن صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية، كيف تدفن مؤسسات أمريكية رأسها في المال السعودي، وتتجاهل ما يحيط بها من قمع وإرهاب. 


حدث ذلك في شهر أيار/مايو من عام 2017، حين تزايد توتر السعوديين بشكلٍ كبير. فلأكثر من عامين كانوا يعتمدون بشدة على الدعم العسكري الأمريكي والقنابل لدحر الحوثيين في اليمن. أما حاليًا، فإن مجلس الشيوخ ينظر في مشروع  قرارٍ مشترك من كلا الحزبين لقطع المساعدات العسكرية، وإيقاف صفقة كبيرة من القذائف أمريكية الصنع إلى السعودية.

رغم الدلائل المتزايدة التي تشير إلى أن الحرب المدعومة أمريكيًا في اليمن؛ كانت تستهدف المدنيين، اتضح أن الحكومة السعودية لديها السلاح ليغض الأمريكيون نظرهم عن الجرائم؛ أي جيش من لوبيات الضغط

لحسن حظهم، رغم الدلائل المتزايدة التي تشير إلى أن الحملة الجوية المدعومة أمريكيًا والتي تم إمدادها وتزويدها بالوقود في اليمن؛ كانت تستهدف المدنيين، اتضح فحسب أن الحكومة السعودية لديها السلاح اللازم لضمان استمرارية إمدادهم بتلك القذائف وأنواع المساعدات الأخرى، ويتمثل ذلك السلاح في جيشٍ من جماعات الضغط.

في ذلك العام، ضمت قواتهم في واشنطن أعضاءً في أكثر من أربعة وعشرين شركة ضغط وعلاقات عامة. كان من أبرزهم مارك لامكين، الشريك الإداري لمكتب واشنطن في شركة برونشتاين هَيات وفَاربر شريك (Brownstein Hyatt Farber Schreck) للمحاماة، وهي الشركة التي كان سيُدفع لها حوالي نصف مليون دولار من قبل الحكومة السعودية في عام 2017.

اقرأ/ي أيضًا: مقاطعة "مبادرة مستقبل الاستثمار".. ضريبة طيش ابن سلمان

تظهر سجلات من قانون تسجيل العملاء الأجانب (FARA) أن لامكين اتصل بدوائر مجلس الشيوخ أكثر من 20 مرة بخصوص ذلك القرار، على سبيل المثال، فقد تحدث مع المدير التشريعي للسيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية تيم سكوت في 16 أيار/مايو 2017. ولعلها مجرد مصادفة، لكن عدة تقارير أفادت بأن لامكين قدم مساهمة بمبلغ 2000 دولار إلى لجنة العمل السياسي في مجلس الشيوخ في ذلك اليوم.

صوت سكوت في 13 حزيران/يونيو، إلى جانب غالبية زملائه من أعضاء مجلس الشيوخ، من أجل السماح بحصول السعوديين على القذائف التي يريدونها. وبعد ذلك بعام، أفادت التقارير بأن نوع القذائف المأذون بها في تلك الصفقة؛ قد استخدم في غارات جوية تسببت في قتل مدنيين باليمن.

لهذا فلا عجب أنه من أجل هذا ومن أجل أعماله الأخرى في مجموعات الضغط، احتل لامكين مركزًا في قائمة (أقوى جماعات الضغط لعام 2017: البنادق المستأجرة) التي قامت بتجميعها صحيفة ذا هِل (The Hill) في واشنطن.

وعندما يتعلق الأمر بممارسة أعمال الضغط نيابةً عن المملكة العربية السعودية؛ فقد كانت قصة لامكين غير استثنائية. كانت تلك القصة في حقيقة الأمر، هي القاعدة العامة.

وظفت الحكومة السعودية جماعات ضغط بأعدادٍ كبيرة. وبدورها؛ فقد ساعدت تلك الجماعات بفاعلية في إقناع أعضاءٍ من الكونغرس والرئيس بتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة ووقوع إصابات بين صفوف المدنيين باليمن.

وفقًا لتقرير وشيك الصدور من مبادرة الشفافية في التأثيرات الأجنبية بمركز السياسة الدولية، فإن وكلاء أجانب مسجلين يعملون نيابة عن مصالح سعودية اتصلوا بممثلين في الكونغرس، والبيت الأبيض، والإعلام، وشخصيات بارزة تعمل في مراكز أبحاث مؤثرة أكثر من 2500 مرة خلال العام 2017 وحده.

وتمكنوا أيضًا خلال هذه العملية من تقديم مساهمات بحوالي 400 ألف دولارٍ إلى الخزائن السياسية لأعضاءٍ في مجلس الشيوخ وأعضاءٍ في مجلس النواب الأمريكي، بينما يحُثّونهم على دعم السعوديين. كما مُنحت بعض هذه المساهمات -كما في حالة لامكين- في نفس اليوم الذي قُدمت فيه الطلبات لدعم صفقة بيع الأسلحة تلك.

إنّ دور مارك لامكين هو مجرد حبكة فرعية متناهية الصغر في قصة الأموال السعودية الموسعة والمتواصلة في واشنطن. فكر في الأمر على أنه حكاية مدهشة حول سياسات الدفع مقابل الحصول على خدمات والتي سوف تتسارع بلا شكٍ مجددًا خلال الأسابيع المقبلة، إذ تعمل جماعات الضغط السعودية على إعاقة جهود الكونغرس الجديدة الرامية إلى إنهاء مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الوخيمة باليمن.

جماعة ضغط للتعامل معها

تتعلق أسباب صعود مجموعات الضغط تلك لتحتل مكانًا بارزًا في واشنطن، بالفترة التي أعقبت الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/سبتمبر 2001.  حيث كان خمسة عشر شخصًا من بين هؤلاء الخاطفين الانتحاريين التسعة عشر كانوا مواطنين من المملكة العربية السعودية، ولم يكن من المستغرب أن الرأي العام الأمريكي قد ثار وتوتر على المملكة وقتها.

ومن أجل التصدي لذلك، أنفقت العائلة المالكة السعودية القلقة نحو 100 مليون دولار على مدى العقد التالي لتلك الهجمات لتحسين تلك النظرة والتصورات العامة والحفاظ على نفوذها في العاصمة الأمريكية.

حققت عمليات الضغط التي جرى تجمِيلها نجاحًا حتى عام 2015، إذ توترت العلاقات بعد ذلك مع إدارة أوباما بسبب الصفقة النووية الإيرانية.

بمجرد فوز دونالد ترامب بالرئاسة، رأى السعوديون في ذلك فرصة لا مثيل لها؛ ودَشنوا ما يعادل جهود هيئة صحفية شاملة، وحملة شرسة للتودد إلى الرئيس المنتخب حديثًا والكونغرس الجمهوري، والتي كلفتهم بالتأكيد، أموالًا حقيقية.

نتيجة لذلك، فإن نمو عمليات الضغط السعودية سوف يكون استثنائيًا. في عام 2016، وفقًا لسجلات قانون تسجيل العملاء الأجانب، فقد أنفقوا مبالغ أقل قليلًا من 10 ملايين دولار على شركات الضغط؛ في عام 2017، تضاعف هذا الرقم تقريبًا ثلاث مرات ليصل إلى 27.3 مليون دولار.وهذا مجرد رقم تقديري مبدئي لعملية أكبر بكثير من أجل شراء النفوذ في واشنطن، حيث إنه لا يشمل مبالغ كبيرة تُمنح إلى جامعات النخبة، أو مراكز الفكر والبحوث مثل: معهد دول الخليج العربية في واشنطن، ومعهد الشرق الأوسط، ومركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (على سبيل المثال لا الحصر).
سمح هذا الارتفاع الكبير بالغ السرعة في الإنفاق للسعوديين بزيادة عدد جماعات الضغط التي تمثل مصالحهم على كلا جانبي الممر بشكلٍ هائل (مجلس الشيوخ والنواب).

قبل حتى أن يتولى الرئيس ترامب مهامه الرئاسية، وقعت الحكومة السعودية صفقة مع "مجموعة مكيون"، وهي شركة ضغط برئاسة هاورد باك ماكيون، رئيس لجنة خدمات القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب الجمهوري والمتقاعد حديثًا.

وتمثل شركته أيضًا شركة "لوكهيد مارتن" (Lockheed Martin)، وهي واحدة من أكبر الشركات التي تمد المملكة بالمعدات العسكرية. على الجانب الديمقراطي، وقع السعوديون صفقةً بقيمة 140 ألف دولار شهريًا مع "مجموعة بوديستا" (Podesta Group)، التي يرأسها توني بوديستا، الذي كان شقيقه جون العميل في الحزب الديمقراطي منذ فترة طويلة، الرئيس السابق لحملة هيلاري كلينتون للرئاسة. قام توني بوديستا بحل شركته لاحقًا، وزعم أنه قام بالتحقيق فيها من قبل المحامي الخاص روبرت مولر بسبب قيامها بمهام وكيل أجنبي غير مسجل.

في عام 2017، أفادت التقارير أن الوكلاء الأجانب السعوديون أجروا اتصالات بوسائل إعلامية، أكثر من 500 مرة، بما في ذلك التواصل مع المؤسسات الإعلامية الوطنية الهامة مثل صحيفة نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وصحيفة وول ستريت جورنال

الجدير بالذكر أن كل هذه القوة النارية الجديدة قد أضيفت إلى ترسانة هائلة بالفعل من جماعات الضغط ووسطاء النفوذ المؤثرين، بمن في ذلك زعيم الأغلبية الجمهوري السابق في مجلس الشيوخ، ترينت لوت، الذي وفق إفادة لي فانغ من موقع "Intercept"، كان "منخرطًا بعمقٍ في عملية التوظيف في البيت الأبيض الخاصة بإدارة ترامب"، والسيناتور السابق نورم كولمان، رئيس شبكة العمل الأمريكية "Super PAC" المؤيدة للحزب الجمهوري. وقعت المملكة العربية السعودية إجمالًا خلال عام 2017، على 45 عقدٍ مختلفٍ مع شركات مسجلة في سجلات قانون تسجيل العملاء الأجانب، وأكثر من 100 شخص مسجل كعميل أجنبي سعودي في الولايات المتحدة.

تبين أنهم مشغولون للغاية. ومثل هذا النشاط يكشف عن نمطٍ واضحٍ: يعمل الوكلاء الأجانب السعوديون بلا كلل من أجل صياغة المفاهيم المتعلقة بهذا البلد، وأفراد العائلة المالكة، وسياساتها، وخاصة حربه الكئيبة في اليمن، مع الحفاظ في الوقت نفسه على استمرار تدفق الأسلحة الأمريكية والدعم العسكري إلى المملكة.

وإذا كان عادة ما يستخدم مصطلح "عميل أجنبي" كمرادف لِجهة ضاغطة، فإن جزءًا من العمل الذي يقوم به ممثلو المملكة مقابل أجور هنا، يشبه نشاط العلاقات العامة أكثر بكثير من مجرد ممارسة الضغط المباشر.

على سبيل المثال، في عام 2017، أفادت التقارير أن الوكلاء الأجانب السعوديون أجروا اتصالات بوسائل إعلامية، أكثر من 500 مرة، بما في ذلك التواصل مع المؤسسات الإعلامية الوطنية الهامة مثل صحيفة نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وصحيفة وول ستريت جورنال، وشبكة تلفزيون "بوبليك برودكاستينغ سيرفيس" (PBS) التي بثت العديد من الأفلام الوثائقية عن المملكة، كما شملت مع ذلك، صحف أقل انتشارًا، مثل جريدة "بيتسبرغ بوست" (Pittsburgh Post-Gazette)، ومنابر إعلامية أكثر تخصصًا، بل لم تستثن حتى قناة "إي إس بي إن" (ESPN) الرياضية على أمل بثها قصصًا تشجيعية إيجابية عن المملكة.

من الواضح أن صورة المملكة في الولايات المتحدة كانت محل اهتمام هؤلاء الوكلاء، لكن مع ذلك، كان الجزء الأعظم من نشاطهم يركز على القضايا الأمنية ذات الأهمية بالنسبة لأفراد العائلة في المملكة السعودية. على سبيل المثال، اتصل الوكلاء السعوديون بالمسؤولين في وزارة الخارجية، الذين يشرفون على معظم عمليات نقل ومبيعات الأسلحة التجارية، ما يقرب من 100 مرة في عام 2017، وفقًا لسجلات قانون تسجيل العملاء الأجانب.

لكن انصب تركيزهم في المقام الأول على الكونغرس، خاصة الأعضاء الذين يملكون أقدمية في اللجان الرئيسية. ونتيجة لذلك، في وقت ما، بين أواخر عام 2016 ونهاية عام 2017، اتصلت جماعات الضغط السعودية بأكثر من 200 منهم، بما في ذلك جميع أعضاء مجلس الشيوخ.

كان الأعضاء الذين انصب عليهم الاهتمام أكثر، دون مفاجأة، هم الأعضاء الذين يتمتعون بأكبر قدر من التأثير على العلاقات الأمريكية مع المملكة العربية السعودية. على سبيل المثال، كان مكتب السناتور ليندسي غراهام (الجمهوري عن كارولينا الجنوبية)، العضو في كلا اللجنتين الخاصة بالاعتمادات والخدمات المسلحة، هو العضو الجمهوري الذي حظي بأكثر قدر من التواصل، بينما كان السيناتور كريس كونز (ديمقراطي عن ديلاوير) هو أكثر الديمقراطيين الذين تواصلوا معهم، والذي تم الاتصال به، وكان عضوًا في لجان الاعتمادات والعلاقات الخارجية.

تقفي آثار المال من المملكة العربية السعودية إلى خزائن الحملة

تمامًا مثلما يوجد نمطٌ واضحٌ عندما يتعلق الأمر بالاتصال بممثلي الكونغرس الذين قد يساعدون عملاءهم السعوديين، فهناك أيضًا نمطٌ واضحٌ لأموال الضغط المتدفقة نحو نفس أعضاء الكونغرس.

إذ إن مستندات قانون تسجيل العملاء الأجانب التي تسجل جميع الأنشطة السياسية للوكلاء الأجانب، تسرد أيضًا مساهمات الحملات الانتخابية التي أبلغ عنها هؤلاء العملاء. وكما فعلنا بالنسبة للأنشطة السياسية، فقد أجرى برنامج مبادرة الشفافية في التأثير الأجنبي، تحليلاً لجميع مساهمات الحملات التي تم الإبلاغ عنها في إيداعات عام 2017 من قبل الشركات التي تمثل المصالح السعودية.

اقرأ/ي أيضًا: ترامب يهين آل سعود وابن سلمان يرد على أوباما!

وفي هذا المجال إليكم ما توصلنا إليه: أكثر من ثلث أعضاء الكونغرس الذين اتصلت بهم مثل هذه الشركة، تلقوا أيضًا مساهمة في تمويل الحملات الانتخابية، من عميل أجنبي في تلك الشركة. وإجمالاً، وفقاً لوثائق قانون تسجيل العملاء الأجانب (FARA) الخاصة بهم لعام 2017، قام عملاء أجانب في الشركات التي تمثل عملاء سعوديين بتقديم 390,496 دولارًا أمريكيًا باعتبارها مساهمات في الحملات الانتخابية إلى شخصيات الكونغرس، وتم الاتصال بهم من طرفهم، أو من خلال وكيل آخر في شركتهم، بالنيابة عن عملائهم السعوديين.

وأفضل مثال على تدفق الأموال هذا يتبين في 11 مناسبة منفصلة كشفنا عنها، قامت خلالها شركة بالاتصال بممثل في الكونغرس نيابة عن عملاء سعوديين، في نفس اليوم الذي قدم فيه شخصٌ من نفس الشركة مساهمة في الحملة، إلى عضو مجلس الشيوخ أو عضو مجلس النواب نفسه.

بعبارةٍ أخرى، هناك 10 حالات أخرى مثل قضية مارك لامبكين، تشمل وكلاء أجانب في شركات محاماة دولية Squire Patton Boggs, DLA Piper, Hogan Lovells. أفاد مكتب هوغان لوفيلز ( Hogan Lovells) على سبيل المثال، عن عقد لقاء مع السيناتور بوب كوركر (جمهوري عن ولاية تينيسي) نيابة عن سفارة المملكة العربية السعودية، وفي ذلك اليوم قدم عميل في الشركة مساهمة بمبلغ 2700 دولار إلى "بوب كوركر للمساهمة في حملته لمجلس الشيوخ عام 2018" (قرر كوركر لاحقًا عدم السعي لإعادة الترشح).

قد يرى البعض بأن مثل هذه المساهمات تشبه إلى حدٍ كبيرٍ الرشوة، إلا أنه تبين في الواقع، أنها قانونية تمامًا، وليس ثمة أي قانون يحظر مثل هذا الفعل، وبينما يُحظر على الأجانب وحكومات الدول الأجنبية تقديم مساهمات في الحملات السياسية، هناك عمل بسيط يمكن القيام به للالتفاف على هذا الحظر، ومن الواضح أن السعوديين استخدموه كثيرًا ولفترة طويلة. وأيّ قوة أجنبية تأمل في ملء جيوب السياسيين الأمريكيين، فما عليها إلا أن توظف مجموعة ضغط محلية للقيام بذلك نيابة عنها.

وكما كتب جيمي ويليامز، مسؤول سابق في جماعات الضغط: "اليوم، معظم أعضاء جماعات الضغط يعملون في إطار نظام يقوم على الرشوة، لكنه نظام من النوع القانوني".

جماعات الضغط السعودية اليوم

إذا عدنا بسرعة إلى أواخر عام 2018؛ فسنجد أن نفس اللوبي قاتل بقوة لإلحاق الهزيمة بقرار مجلس النواب القاضي بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية في اليمن. ويقومون بإغراق مكاتب الكونغرس بطلباتهم، ويطالبون الكونغرس في الواقع بتجاهل أكثر من 10 آلاف مدني، قتلوا في اليمن، وتجاهل القنابل الأمريكية التي تسببت في العديد من الوفيات، والتغاضي عن حرب أهلية أدت إلى عودة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

تستخدم جماعات الضغط ووكلاء الدعاية الأموال الطائلة للعائلة المالكة السعودية لنشر دعاياتهم، وتسليط الضوء على العمل الخيري الذي تقوم به الحكومة في اليمن، لكن ما لا يرغبون في التأكيد عليه  بالطبع، هو الحصار السعودي للبلاد

من المرجح جدًا، أن يذكروا "شهادة" وزير الخارجية مايك بومبيو مؤخرًا التي مفادها أن السعوديين يفترض الآن أنهم اتخذوا الخطوات اللازمة لمنع المزيد من الضحايا المدنيين هناك. لكن ما لا يُرجّح أن يذكروه، هو أن قراره كان مدفوعًا حسبما ذكرته مصادر، من قبل رئيس فريق الشؤون التشريعية في وزارة الخارجية، والذي تصادف أنه عميلٌ أجنبيٌ سابق يعمل لحساب  شؤون الحكومة في شركة خدمات الضغط BGR، أحد المسجلين الـ 35 ضمن قائمة قانون تسجيل العملاء الأجانب، العاملين لصالح المملكة العربية السعودية حاليًا.

تستخدم جماعات الضغط ووكلاء الدعاية الأموال الطائلة للعائلة المالكة السعودية لنشر دعاياتهم، وتسليط الضوء على العمل الخيري الذي تقوم به الحكومة في اليمن، لكن ما لا يرغبون في التأكيد عليه  بالطبع، هو الحصار السعودي للبلاد، والغارات الجوية المدعومة والمسلحة والمزودة بالوقود من قبل الولايات المتحدة، والتي تقتل المدنيين في حفلات الزفاف والجنازات وأثناء رحلات الحافلات المدرسية وغيرها من الأحداث المدنية. كل هذا، يساعد في انتشار حالة من المجاعة البشعة، وكارثة محتملة من النوع الأكثر فداحة، ولهذا السبب فثمة حاجة ماسة إلى مثل هذه المساعدة الإنسانية.

في نهاية المطاف، حتى لو لم تكن الحقائق إلى جانبهم، فإن الدولارات تحالفهم. ومنذ أيلول/سبتمبر لعام 2001، أثبتت هذه الحقيقة فعاليتها بشكلٍ ملحوظٍ في واشنطن، حيث تدفقت أموال وفيرة من المملكة العربية السعودية إلى مقاولين عسكريين أمريكيين (يجنون مليارات الدولارات من خلال بيع الأسلحة إلى ذلك البلد)، وإلى شركات الضغط، وعبر تلك الشركات مباشرة إلى خزائن الكونغرس.

هل هكذا حقًا يجب أن تُحدد السياسة الخارجية الأمريكية؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

محفل بروباغندا ابن سلمان الغربي.. غراميات توماس فريدمان

سقوط توماس فريدمان.. الصهيونية في مديح ابن سلمان

لوبي آل سعود في واشنطن.. ماكينة تبييض جرائم ابن سلمان