14-يناير-2023
gettyimages

رفضت الخارجية الأمريكية التقارب مع نظام الأسد (Getty)

انطلقت عشرات التظاهرات في عدة مدن وبلدات في الشمال السوري، يوم الجمعة، مطالبةً بإسقاط نظام بشار الأسد، ورفضًا للتطبيع معه، في ظل تقاربٍ تركي، بات في حكم المؤكد نظرًا للقاءات التركية المتبادلة مع النظام السوري، وتوجه أنقرة نحو إعادة العلاقات بشكلٍ كامل مع النظام السوري، بعد أكثر من 11 عامًا من القطيعة. وحملت المظاهرات رسالةً سياسيةً تؤكد على رفض السوريين التطبيع مع نظام الأسد، وإعادة تأهيليه في المنطقة، ضمن توجه إقليمي تقوده روسيا والإمارات حتى الآن، وترحب به إيران.

انطلقت عشرات التظاهرات في عدة مدن وبلدات في الشمال السوري، يوم الجمعة، مطالبةً بإسقاط نظام بشار الأسد، ورفضًا للتطبيع معه

وشهدت بلدات إدلب وحلب وحارم وكفرلوسين مرورًا بمدينة عفرين ودابق ومارع وصولاً لمدينة جرابلس، مظاهرات تؤكد على استمرار نهج الثورة وإسقاط نظام الأسد. وفي مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، خرجت مظاهرة ترفض التطبيع مع النظام، ومنددة بتصريحات رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، التي قال فيها إن "أنقرة تتصرف بما يتماشى مع توقعات الشعب السوري"، مضيفًا بأن "عملية التقارب لن تسفر عن نتائج تخالف توقعات الشعب السوري، والمعارضة السورية".

وطالب المحتجون أعضاء الحكومة السورية المؤقتة، والائتلاف الوطني السوري بالاستقالة من مناصبهم، وخلال محاولة رئيس الائتلاف سالم المسلط المشاركة في المظاهرة، تدخل عدد من المتظاهرين وقاموا بطرده، تحت هتافات "شبيحة.. شبيحة". يشار إلى أن بيانًا صدر عن نشطاء مدينة عفرين الواقعة تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، وصف رئيس الحكومة المؤقتة بـ"عراب المصالحة"، وعبر البيان عن رفضه للوصاية على الثورة السورية من أي جهة كانت. وفي مدينة إدلب، أحرق المتظاهرون صور رئيس الهيئة العليا للتفاوض بدر جاموس، ورئيس الائتلاف السابق أنس العبدة.

وتشهد مناطق الشمال السوري المحرر، مظاهرات منذ عدة  أسابيع، وذلك عقب اجتماع موسكو، الذي جمع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع وزير دفاع النظام السوري علي محمود عباس، ومدير مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك، بحضور وزير الدفاع الروسي، باعتبار أن الاجتماع يأتي ضمن خطوات تركيا للتقارب مع النظام السوري، وصولًا إلى التطبيع الكامل معه، وسط الحديث عن اقتراب عقد اجتماع لوزراء خارجية تركيا والنظام السوري.

ويستمر المسؤولون الأتراك بالتأكيد على أن الحل في سوريا سيكون بناءً على التوصيات الأممية، وتحديدًا القرار الأممي 2225، الذي يتضمن فترةً انتقاليةً تفضي إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا. ومن المقرر أن يعقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا والنظام السوري، لأول مرة، دون تحديد مكان الاجتماع أو تاريخه، لمواصلة المباحثات بين الأطراف الثلاثة بشأن التقارب التركي مع النظام.

getty

من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن روسيا تعمل لتنظيم لقاء يجمع وزراء خارجية روسيا وتركيا والنظام السوري، دون التوصل إلى موعدٍ محدد للقاء. مضيفةً "من الناحية العملية، لم تتم بعد الموافقة على موعد محدد، ويجري العمل على عقد مثل هذا الاجتماع". رغم أن وزير الخارجية التركي، كان قد سبق وصرح أنه سيعقد لقاءً في منتصف الشهر الجاري مع وزراء خارجية روسيا والنظام السوري.

ويعتقد أن هذا التأخير في عقد اللقاء، يعود لمناورة من قبل نظام الأسد، الذي لا يستعجل إتمام عملية التطبيع مع تركيا، خاصةً أن أردوغان يستعمل هذا الملف ضمن دعايته الانتخابية، في الوقت الذي لا تمانع فيه المعارضة التركية التطبيع مع الأسد، فيما يرى النظام أنه سيصل لهذا التطبيع سواء في عهد أردوغان أو خليفته، في حال خسارته الانتخابات. أمّا تحريك الملف بشكلٍ أكبر، فهو يعتمد على مدى الضغط الروسي على نظام الأسد من أجل إتمام اللقاء، والتوجه نحو اللقاء الذي يتوج عملية التطبيع، ويجمع الأسد وأردوغان. وكان رئيس النظام السوري قد تحدث لأول مرة عن التطبيع مع تركيا، واضعًا شرطًا له وهو "إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب"، بحسب قوله. 

وفي هذا السياق، أعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، عن ترحيب بلاده بالحوار بين تركيا والنظام السوري، متوقعًا أن يكون لها "انعكاسًا إيجابيًا على العلاقات الثنائية". جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده عبد اللهيان مع نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب، في العاصمة اللبنانية بيروت، وردًا على سؤال حول الحوار بين تركيا والنظام السوري، قال وزير الخارجية الإيراني "نرحب بالمفاوضات لحل المشاكل بين البلدين، ونعتقد أن المحادثات يمكن أن تنعكس بشكلٍ إيجابي على مصالح البلدين".

ومن المتوقع أن يقوم وزير الخارجية الإيراني بزيارة إلى دمشق، اليوم السبت، لإجراء محادثات مع مسؤولي النظام السوري، وذلك في أعقاب زيارته للبنان.

يذكر أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد صرح خلال زيارته للعاصمة الرواندية  كيغالي، أن نظيره الإيراني  حسين أمير عبد اللهيان، سيتوجه الأسبوع المقبل إلى تركيا، وكانت وزارة الخارجية الإيرانية، قد أعلنت الإثنين الماضي، أنه يجري التخطيط لزيارة مرتقبة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إلى كل من سوريا، وتركيا في القريب العاجل، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في إفادة صحافية إنه "يجري التخطيط لزيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا وتركيا بعد تلقيه دعوتين من البلدين".

ورفضت الخارجية الأمريكية على لسان المتحدث باسمها نيد برايس، التطبيع مع نظام الأسد، وقال برايس "رئيس النظام السوري بشار الأسد ارتكب أعمالًا وحشيةً، وقواته ارتكبت جرائم حرب، وسنواصل العمل على محاسبة النظام، والعمل على تطبيق القرار 2254 الذي يشكل الأساس الأنسب لإنهاء الحرب بطريقة تحترم وتعزز تطلعات الشعب السوري".

ويأتي هذا التصريح الأمريكي، في الوقت الذي تقترب في أنقرة من التطبيع مع النظام الأسد، وتستمر في التأكيد عليه، رغم تكرر الحديث الأمريكي عن رفض التطبيع مع الأسد.

رفضت الخارجية الأمريكية على لسان المتحدث باسمها نيد برايس، التطبيع مع نظام الأسد، وقال برايس رئيس النظام السوري بشار الأسد ارتكب أعمالًا وحشيةً، وقواته ارتكبت جرائم حرب، وسنواصل العمل على محاسبة النظام

وفي رده على هذا الحديث، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنه سيتم مناقشة الملف السوري مع الإدارة الأمريكية، موضحًا: "لن نتحدث فقط عن F-16 والعقوبات، ولكن أيضاً سنناقش جميع القضايا التي تهم علاقتنا، وبالطبع سنناقش المسألة السورية". وخلال حديثه أشار إلى مسألة وجود قوات سوريا الديمقراطية "قسد" واللاجئين، في إشارةٍ منه للملفات التي تسعى تركيا للتطبيع مع النظام السوري من أجلها، متحدثًا عن الدعم الأمريكي "للمنظمات الإرهابية في سوريا". وتحدث أوغلو، عن إمكانية اللقاء بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في بداية شباط/ فبراير المقبل.