06-يونيو-2019

سيطر التوتر على المشهد السوداني خلال الساعات الأخيرة (رويترز)

الترا صوت – فريق التحرير

بدت الخرطوم في الساعات الماضية، وخلال يومي الأربعاء والخميس، على نفس درجة التوتر منذ الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع، وتسبب بمقتل عشرات المدنيين من المتظاهرين، حيث استمرت الاعتصامات في مناطق متفرقة، وتواصل إغلاق الطرق والدعوات إلى العصيان الشامل.

رفضت المعارضة السودانية عرض المجلس العسكري بفتح تفاوض بلا شروط، بعد أن وصل عدد القتلى منذ فض الاعتصام إلى أكثر من 100، حسب تقارير طبية

كانت واقعة فض الاعتصام أمام مقر الجيش، لحظة فاصلة في المسار السياسي في السودان، الذي كان يشهد بالفعل تعثرًا، يؤكد مراقبون ارتباطه بنية المؤسسة العسكرية السيطرة على السلطة في البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: المجلس العسكري يفض اعتصام السودان بالقوة.. والشارع يرد بالعصيان الشامل

فعقب سقوط عشرات القتلى من المدنيين، ومئات المصابين، بدا المجلس العسكري متأملًا بإنجاز حسم لهذا المسار، من خلال العنف المفرط، لكن دعوات التصعيد المضادة من تجمع المهنيين، وخروج مظاهرات حاشدة في مدن سودانية عديدة، بالإضافة إلى الضغوط الدولية، أجبرته فيما يبدو على تعديل هذا الخيار بشكل جزئي. وبعد أن أعلن قادة هذا المجلس في وقت سابق، مباشرة بعد فض الاعتصام، إلغاء كافة الاتفاقيات مع قوى التغيير، اضطر إلى تقديم عرض للتفاوض غير المشروط.

رفضت المعارضة السودانية هذا العرض، بعد أن وصل عدد القتلى منذ فض الاعتصام إلى أكثر من 100، حسب تقارير طبية. وكان العدد قد ارتفع الأربعاء بعد أن كشفت لجنة الأطباء المركزية، أن 40 جثة اُنتشلت من نهر النيل، قبل أن تنقلها قوات الدعم السريع، التي يترأسها حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري، إلى موقع مجهول.

وقالت اللجنة، حسب ما نشرت وكالة رويترز، إنه تم انتشال الجثث من النهر يوم الثلاثاء، أي بعد يوم من اقتحام قوات الأمن للاعتصام الذي استمر لمدة أسابيع خارج مقر الجيش في العاصمة الخرطوم، مضيفة أن عدد الضحايا الدقيق وصل إلى 108 على الأقل، محذرة من أنه مهيأ للارتفاع.

بينما يستمر المجلس العسكري في محاولة إنكار تداعيات المجزرة، إذ نقلت وكالة الأنباء الرسمية في البلاد صباح اليوم الخميس عن مسؤول، قوله إن عدد القتلى لم يتجاوز 46.

في سياق دعوة المؤسسة العسكرية لإعادة فتح المفاوضات، قال رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، إن المجلس مستعد لاستئناف المفاوضات وأنه لن تكون هناك قيود، باستثناء مصلحة الوطن، على حد وصفه، وهي صيغة مثيرة ترى فيها المعارضة مدعاة للقلق، بالإضافة إلى القناعة التي تبلورت أصلًا في الشارع السوداني، بأن من يقتل أكثر من 100 مدني غير مؤهل للتفاوض حول المستقبل السياسي للبلاد.

حيث إن تجمع المهنيين وقوى المعارضة رفض العرض، قائلة إنه لا يمكن لها الوثوق بالجيش، الذي يدعو إلى الحوار، ويرهب المدنيين في نفس الوقت، حسب تعبيير مدني عباس مدني، وهو أحد قيادات قوى التغيير لرويترز. وهي الصيغة نفسها، التي تبناها القيادي في تجمع المهنيين محمد يوسف المصطفى، في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس.

وقال المصطفى للوكالة، إن "هذه الدعوة ليست جدية (...) سنواصل الاحتجاجات والمقاومة والإضراب والعصيان المدني الشامل".

دوليًا استمرت الإدانات للمجزرة التي ارتكبتها قوات المجلس العسكري، رغم اجتماع مجلس الأمن يوم الثلاثاء، وفشله في إعلان موقف مشترك.

اقرأ/ي أيضًا: السودان.. للثورة مواقيتها

في هذا السياق، أعلن الاتحاد الأفريقي ظهر اليوم الخميس تعليق عضوية السودان، حتى يتم تشكيل حكومة مدنية انتقالية، وهو ما رحبت به المعارضة السودانية، على لسان القيادي فيها مدني عباس مدني، في تصريح لصحيفة العربي الجديد، مؤكدًا أن "أبواب الحوار مع المجلس العسكري متوقفة تمامًا".

أعلن الاتحاد الأفريقي ظهر اليوم الخميس تعليق عضوية السودان، حتى يتم تشكيل حكومة مدنية انتقالية، وهو ما رحبت به المعارضة السودانية، على لسان القيادي فيها مدني عباس مدني

كما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، في تصريحات نقلتها قناة الجزيرة بالإنجليزية، إن أعمال العنف التي قامت بها قوات الأمن السودانية يوم الإثنين "كريهة"، وطالب المجلس العسكري بتسهيل التحركات نحو حكومة يقودها المدنيون.

كما أعلنت ثماني دول أوروبية في بيان مشترك "إدانة الهجمات العنيفة التي تشنها أجهزة الأمن السودانية في السودان ضد المدنيين". مضيفة: "نحن ندعو إلى نقل متفق عليه للسلطة إلى حكومة يقودها مدنيون كما طالب الشعب السوداني".