28-ديسمبر-2015

البشير أمام تحدٍّ كبير وهو تأمين حياة اقتصادية كريمة للسودانيين (ماركو دي لورو/Getty)

لابد لنا من الإقرار أن السودان يواجه تحديات ومشكلات داخلية وخارجية عظمى، والأولى أكثر من الثانية فالسودان معرض إلى أن ينقسم إلى أربع دويلات أخرى، بعد انفصال الجنوب سنة 2011، حسب الخطة الإرهابية العالمية ضد السودان حكومة وشعبًا.

تعتزم حكومة البشير رفع الدعم عن المحروقات والقمح والكهرباء من خلال موازنة العام 2016 لكن الشعب يعارض هذا القرار

ففي عهد حكومة المشير عمر حسن البشير، الذي تم تنصيبه في منتصف العام، ليتولى رئاسة حكومة جديدة لمدة خمس سنوات، وذلك بعد فوزه في نتائج الانتخابات بأكثر من 93%، نلاحظ أن البشير أمام تحدٍّ كبير، وهو تأمين حياة اقتصادية كريمة للسودانيين. في الأثناء، تعتزم حكومته رفع الدعم عن المحروقات والقمح والكهرباء من خلال موازنة العام 2016، وذلك بالتزامن مع زيادة الأجور للعاملين في الدولة، وتخصيص موارد لدعم الشرائح ذات الدخل المحدود، حسب تصريحات وزير المالية.

وهذه الخطوات ليست غريبة على السودانيين، ففي العام 2013 أقدمت الخرطوم على رفع الدعم تدريجيًا عن المحروقات، مما أدى إلى اندلاع تظاهرات ضدها، أسفرت عن مقتل أكثر من ستة وثمانين شخصًا بحسب الإحصاءات الرسمية، فيما قالت المنظمات الحقوقية إن عدد القتلى تجاوز مائتي شخص.

مما لا شك فيه أن الشعب السوداني ضد هذا القرار، لما له من آثار سلبية كبيرة لا يمكن تداركها، حيث أن هذا القرار سيضاعف أسعار السلع الضرورية وغيرها من السلع، التي تتأثر بها الشرائح الضعيفة قبل الأغنياء، وبالتالي فإن المعالجات التي تضعها الحكومة لا يكون لها أثر إيجابي على الشرائح الضعيفة. أضف إلى ذلك أن المعالجات التي تتخذها الحكومة لا تؤثر على الاستهلاك الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض الإنتاج والإنتاجية، ويؤدي إلى انخفاض معدل نمو الناتج القومي الإجمالي.

من جهة أخرى، يؤثر رفع الدعم عن المحروقات على الاستثمار الأجنبي، إذ إن رفع أسعار المحروقات يعني زيادة أسعار مدخلات الإنتاج، وهذا يعني زيادة تكلفة السلع المنتجة وعدم مقدرتها على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية، وبالتالي هذا القرار سيؤدي لانخفاض الاستثمارات ويؤثر سلبًا على التشغيل ونسب البطالة. كما أن رفع الدعم عن البنزين سوف يؤثر علي البيئة بزيادة التلوث البيئي من خلال الاتجاه لاستخدام سيارات "الجازولين" بدلًا عن البنزين، في نقل البضائع كما يؤثر بصورة غير مباشرة على جميع الخدمات الصحية والتعليمية، وخدمات المياه والطرق وغيرها، والأهم أن هناك احتمالًا بأن يؤدي هذا القرار إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني والذي يصعب تداركه.

يمكن أن تعالج الحكومة السودانية الأزمة الاقتصادية من خلال تقليص حجم الجهاز التنفيذي للدولة، والتقشف في الصرف الإداري لبعض هيئات الحكومة

قرار رفع الدعم عن المحروقات، يحمل الكثير من علامات الاستفهام خصوصًا لدى المواطن السوداني الذي يعتبر المتضرر الأول من هذا القرار، بعد التوقعات المخيفة التي تواردت عمَّا سيلي التطبيق وكلها هواجس ومخاوف تتملك المواطنين. فسر البعض هذه الخطوة بانهيار الاقتصاد السوداني. الأكيد أن هناك حلولًا أخرى يمكن أن تقوم بها الحكومة السودانية لحل الأزمة الاقتصادية، مثل تقليص حجم الجهاز التنفيذي للدولة، والتقشف في الصرف الإداري للجهازين التنفيذي والتشريعي والصرف غير المبرر لبعض هيئات الحكومة، لكن بالطبع هذه الحلول لن تنفذ لأجندات خفية يسعى أصحاب المصالح إلى تنفيذها.

وتشهد حاليًا بعض محافظات السودان، وخصوصًا الخرطوم أزمة طاحنة في توفير مادة الغاز للمواطنين، عزتها الحكومة إلى مضاربات السوق وعمليات الصيانة الدورية التي تجري في مصفاة الخرطوم. أخيرًا يجب علي الحكومة وضع استراتيجية للخروج من الأزمة، تقوم علي مبادئ الشفافية والحكم الراشد والعدالة بين أبناء الشعب السوداني، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب الدول الصديقة في حل الأزمة كالتجربة الماليزية وذلك من خلال إجراء الدراسات والبحوث العلمية.

___

اقرأ/ي أيضًا:

السودان.. هي هجرة أخرى

نحن أبناء الفجيعة