02-فبراير-2025
الشرع والشيباني

الرئيس السوري أحمد الشرع يصل إلى الرياض في أول زيارة رسمية له (سانا)

استقبل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى جانب عدد من المسؤولين السعوديين، الرئيس السوري، أحمد الشرع، برفقة وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، والوفد المرافق له، في قصر اليمامة في العاصمة السعودية الرياض، اليوم الأحد، وهي الزيارة الأولى التي يجريها الشرع منذ توليه منصب الرئاسة خلال المرحلة الانتقالية لمدة أربعة أعوام. 

وأعلنت إدارة العمليات العسكرية السورية تعيين الشرع رئيسًا للبلاد خلال المرحلة الانتقالية التي تمتد لأربع أعوام، الأسبوع الماضي، وذلك ضمن فعالية "مؤتمر انتصار الثورة السورية"، والتي صدر عنها مجموعة من القرارات، منها حل الجيش والأجهزة الأمنية القائمة في العهد السابق، وإلغاء العمل بدستور عام 2012.

وكان الملك السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، قد أرسل برقية تهنئة للشرع بمناسبة توليه المنصب، معربًا فيها عن أمنياته في قيادة سوريا "نحو مستقبل مزدهر يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق"، وفقًا لوكالة الأنباء السعودية.

وقد استهل الشيباني أولى جولاته الخارجية بزيارة الرياض، مطلع الشهر الجاري، وأكد حينها في سلسلة منشورات على منصة "إكس" على "أهمية سوريا في لعب دور إيجابي في المنطقة، ونسج سياسات مشتركة تدعم الأمن والاستقرار وتحقق الازدهار إلى جانب الدول العربية".

استقبل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى جانب عدد من المسؤولين السعوديين، الرئيس السوري، أحمد الشرع، برفقة الوفد المرافق له، في قصر اليمامة في العاصمة السعودية الرياض

وتعليقًا على زيارة الشرع الأولى لبلد عربي، رأى الباحث السياسي السوري، بسام السليمان، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن هذه الزيارة تحمل ثلاثة أبعاد، لخصها بـ"البعد الشخصي"، معيدًا هذا البعد إلى ولادة الشرع في السعودية "ما يعني أن لديه ارتباطًا عاطفيًا بالسعودية". أما البعد الثاني فيتجسد، من وجهة نظره، بـ"ما تمثله السعودية بوصفها دولةً من ثقل سياسي واقتصادي وإداري، إذ يمكن أن تشكل رافعة للإدارة الجديدة، وتساعد في رفعها عن قوائم الإرهاب".

وبالإضافة إلى ذلك، فإن السليمان يُنظر إلى أهمية هذه الزيارة في البعد الثاني من خلال الاقتصاد "حيث تحتاج سوريا للدعم المالي بشدة، وهذا ما يمكن أن تسهم به السعودية التي لديها خبرات في المجالات الأكاديمية والإدارية، إذ ستكون مفيدة لتعزيز قدرات الدولة السورية من الناحية الإدارية". بينما يربط البعد الثالث بـ"القومي السياسي"، موضحًا أن هذه الزيارة تمثل "رسالة للجميع بأن سوريا عمقها عربي، ومَن يعرف الشرع يعرف أن هواه عربي وهو قارئ جيد للتاريخ العربي".

كما وصف المحلل السياسي، محمد جزار، أن اختيار الشرع السعودية كأول بلد يجري إليه زيارة خارجية بـ"الخيار الموفق"، وذلك لما "يعكس حرص الإدارة في دمشق على تأكيد الحضور العربي في سوريا الجديدة، فضلًا عن الدور الهام الذي يمكن أن تقوم به السعودية في تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي لسوريا".

وأوضح جزار في حديثه أن "إقامة علاقات مميزة بين الرياض ودمشق، يمكن أن يسهم في حماية الحكم الجديد في دمشق من التقلبات في المنطقة، سواء من جانب إسرائيل التي لا تكف عن التحرش بالأراضي السورية، أو حتى من بعض الأطراف العربية غير المرتاحة كما يبدو للتطورات في سوريا"، لافتًا إلى أن "السعودية يمكن أن تسهم بعلاقاتها الدولية في تقديم الحكم الجديد إلى الساحة الدولية، ورفع العقوبات الأميركية والأوربية المفروضة على البلاد".

ولا تختلف الخبيرة في مركز الأهرام للدراسات السياسية في القاهرة، رابحة سيف علام، في وجهة نظرها من زيارة الشرع للسعودية عن الرأيين السابقين، فهي تؤكد في حديثها لوكالة رويترز على أن "السعودية تلعب دورًا مهمًا في إعادة دمج سوريا الجديدة في الصف العربي، وعلى الساحة الدولية أيضًا".

وتضيف سيف علام في حديثها مشيرةً إلى الفائدة التي ستعود على السعودية "بشكل مباشر من إرساء الاستقرار في سوريا الجديدة"، وما رافقها من تطورات، بما في ذلك أن "إيران أصبحت خارج المشهد في سوريا، ما أضعف نفوذها العام في المنطقة"، مؤكدةً على أن "تجارة المخدرات القادمة من سوريا إلى دول الخليج والتي كانت عنصرًا مزعزعًا للأمن الإقليمي أصبحت من الماضي".

وكان أمير دولة قطر الشيخ، تميم بن حمد آل ثاني، قد أجرى زيارة هي الأولى من نوعها لزعيم عربي يصل إلى سوريا منذ الإطاحة ببشار الأسد، في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي، الخميس الماضي، حيثُ كان في استقباله إلى جانب الشرع، كل من رئيس الحكومة المؤقتة، محمد البشير، بالإضافة إلى عدد من الوزراء.

وأكد الشيخ تميم عقب مغادرته العاصمة السورية دمشق في منشور على منصة "إكس" على أن الدوحة ستعمل "مع المجتمع الدولي نحو دعم مراد الشعب السوري في تحقيق كل ما ضحى من أجله في السنوات الماضية". وخلال المباحثات مع الشرع، شدد أمير دولة قطر على "الحاجة الماسة لتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري لتوطيد الاستقرار والمضي قدمًا في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية والازدهار".