14-مايو-2018

كانت نسب الإجابة بـ"لا أعرف" عالية جدًا على أسئلة كثيرة ومركزية في السعودية (Getty)

ظهر أثر حالة الحشد الإعلامي والتصعيدات الخارجية والأزمات المتلاحقة التي تورطت فيها المملكة العربية السعودية، إلى حد كبير في النسب المئوية للرأي العام السعودي خلال تقرير المؤشر العربي 2017/2018، الصادر عن المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.

أثرت التحولات في السلطة في السعودية والتقارب مع إسرائيل على آراء السعوديين

وصعد الاهتمام من جانب الرأي العام السعودي بالمخاطر الخارجية بشكل غير مسبوق، وفقًا للنتائج، باعتبارها أبرز المشكلات التي تواجه السعودية، في حين كان لإيران جزء كبير من التحولات التي يبدو أنها طرأت على الرأي العام السعودي مقارنة بالتقارير في السنوات الماضية، ويعد "المؤشر العربي 2017/ 2018" هو النسخة السادسة من استطلاع المؤشّر العربيّ الدوري، وشملت هذه النسخة 11 بلدًا من بلدان المنطقة العربيّة، وكان حجم العينة في المملكة العربية السعودية 3218 مواطنًا.

إيران أخطر من إسرائيل!

أثرت التحولات الكبيرة التي تسببت بها التغيرات الكبيرة في نظام الحكم في المملكة، وبخاصة التقارب غير المعلن بين إسرائيل، والعداء والتراشق والتحفظ مع إيران، على آراء المستجيبين، واعتبر نحو 42% من السعوديين في التقرير، إيران الدولة الأكثر تهديدًا لأمن السعودية، في مقابل  15% في تقرير 2016.

واختار نحو 37% من المبحوثين إيران أيضًا، الدولة الأكثر تهديدًا على المنطقة العربية، وفي المقابل اختار نحو 3% فقط إسرائيل كدولة تمثل تهديدًا على المملكة، في مقابل 39% في استطلاع 2016، كما انخفضت نسبة التقييم الإيجابي للسياسة التركية بين السعوديين من 85% في تقرير 2016 إلى 24% في هذا التقرير، ورفض نحو 48% إبداء رأي في السياسة الأمريكية في المنطقة العربية.

وكانت نسبة السعوديين، الذين اعتبروا السياسات الخارجية للحكومة تمثلهم، 69% وهي نسبة كبيرة ولكنها أقل بنحو 16 نقطة مئوية عن مؤشر عام 2014، مع ملاحظة أن نحو 25% رفضوا تقييم السياسات الخارجية.

حزب "لا أعرف"

أشار التقرير إلى أن نسبة المعارضين للديمقراطية، في الرأي العام السعودي، شهدت هبوطًا بالمقارنة بالسنوات السابقة، ولكنها لم تساهم في زيادة المؤيدين، فقد ذهب أغلبها لغير المهتم  ولخيار"لا أعرف"، وهي ملاحظة تكاد تقترب من الظاهرة، في نتائج المؤشر العربي 2017/2018، مقارنة بباقي الدول، وتحركت إجابة "لا اعرف" بين 30% إلى 45% في كثير من الأسئلة المتعلقة بالديمقراطية، وتقييم الأداء الحكومي والشؤون السياسية.

اقرأ/ي أيضًا: المركز العربي يعلن نتائج استطلاع المؤشر العربي

من أبرز إجابات " لا أعرف" المثيرة للاهتمام، كانت ردًا على سؤال ما هي الشروط التي من المفترض توافرها لبلد ديمقراطي، حيث اختار 46% من المستجيبين السعوديين هذه الإجابة، واختار 30% "لا أعرف" كإجابة على سؤال هل المجتمع العربي غير مهيأ لممارسة الديمقراطية؟ كما رفض نحو 41% من المستجيبين الإجابة على سؤال ما هي أكبر المشاكل التي تواجه المملكة؟ فيما اختار خمس السعوديين "لا أعرف" أيضًا ردًا على سؤال حول مدى قدرة المواطنين على انتقاد الحكومة، و30% حول مدى تأثير الثورات العربية، التي حظيت برأي سلبي بأغلبية عند المبحوثين، واختار 42% من المستجيبين "لا أعرف" للإجابة عن سؤال لماذا خرجت الناس في الشوارع في 2011؟ ونسبة 34% على سؤال هل الأنظمة الديمقراطية غير جيدة في الحفاظ على النظام؟ وكان 33% "لا يعرفون" هل النظام الديمقراطي يتسم بأنه غير حاسم وحافل بالمشاحنات؟ و31% إن كان النظام الديمقراطي ملائمًا للمملكة.

تحركت إجابة "لا اعرف" بين 30% إلى 45% عندما سئل السعوديون عن الديمقراطية

يمكن تفسير ظاهرة "حزب لا أعرف"، التي ظهرت في الرأي العام السعودي خلال المؤشر، بهذا الشكل الملفت، من خلال إما غياب المعلومات لدى الرأي العام السعودي، أو عدم الاكتراث عند السعوديين بما يحدث حولهم، أو الحرص على رفض انتقاد الحكومة والابتعاد عن الأزمات السياسية. وعلى خلاف المتوقع فإن متابعة الشأن السياسي في المملكة، الأول ضمن المستجيبين في الاستطلاع، ووصلت لنحو 68% (مهتم جدًا ومهتم ومهتم قليلًا).

لكن المتابعة تختلف عن المشاركة، فهناك نحو 77% يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أقل من مرة واحدة أسبوعيًا في الحديث عن شأن سياسي، و53% لا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار السياسية، وهو على العكس من جميع الدول التي شهدت نسبة المهتمين فيها بمعرفة الأخبار عن طريق السوشال ميديا ارتفاعًا ملحوظًا، وتوقع التقرير أن السبب في ذلك فقدان السعوديين الثقة في الأخبار عبر السوشال ميديا، أو عدم رغبتهم في التصريح بذلك.

 الأكثر غرابة من لا أعرف، كان منح نحو 75% من الرأي العام السعودي بلدهم ترتيبًا مرتفعًا في تقييم المواطنين للديمقراطية، بنسبة تصل إلى 7.5 نقطة من 10، الأمر الذي وضعها على أفضل التقييمات في التقرير.

الثقة في المؤسسات والحكومة

قيم أغلب المستجيبين من السعودية الأوضاع السياسية بالإيجابية "جيد جدًا 67% وجيد 16%"، غير أنه من الملاحظ أن نسبة التقييم الإيجابي للأوضاع السياسية في السعودية كانت أقل من التقييم الإيجابي للأوضاع الأمنية، ووصل الفارق بين السياسي والأمني لنحو 19 درجة على مؤشر التقييم جيد جدًا، واختار نحو 86% من المبحوثين مؤشر جيد جدًا لتقييم الوضع الأمني.

اقرأ/ي أيضًا: المؤشر العربي.. حرية الإنسان هي الأولوية

وتعد الثقة أحد المحاور الهامة في استطلاع الرأي، وتستحوذ المؤسسات الرسمية "جيش وشرطة واستخبارات وقضاء" على النسبة الكبيرة من ثقة المواطنين في مقابل نسبة ثقة أقل فيما يخص الحكومات.

غير أن المملكة اختلفت بعض الشيء عن الدول الأخرى، وكانت نسبة الثقة بالحكومة متقاربة مع الجيش الذي حصل على نسبة 89% من الرأي العام السعودي، في حين حصلت الحكومة السعودية على 80% باعتبارها مصدر ثقة للمواطنين، وقيم الرأي العام السعودي قدرة الحكومة على مواجهة المشكلات بشكل جيد جدًا وجيد، بنحو 92% وهي نسبة ارتفعت عن السنوات السابقة، أما فيما يخص الخدمات الأساسية الداخلية يرى 90% من المستجيبين أن الحكومة السعودية تعمل بشكل جيد جدًا وجيد في جميع المجالات".

 ولم يتمكن تقرير المؤشر العربي من الحصول على نسبة ثقة الرأي العام فيما يخص الأحزاب وعملها، لحظر وجود أحزاب داخل المملكة، والتضييق الكبير على العمل السياسي في السعودية، وتشير نسب الاستطلاع المتدنية للغاية فيما يخص المشاركة في العمل السياسي أو الخروج في مظاهرات أو التوقيع على عرائض سياسية، أو الانضمام لتيار أو جماعة، تشير لذلك أيضًا.

لم يتمكن تقرير المؤشر العربي من الحصول على نسبة ثقة الرأي العام فيما يخص الأحزاب وعملها، لحظر وجود أحزاب داخل المملكة

وللمفارقة، جاءت المملكة كأقل الدول في الاستطلاع التي يرى فيها الرأي العام انتشارًا للفساد، بنسبة تصل لـ9% فقط، في الوقت الذي اختار 17% نفي وجود أي فساد على الإطلاق، وهناك 56%، يرون أن هناك انتشارًا للفساد ولكن على درجات متفاوتة بين منتشر لحد ما، ومنتشر لحد قليل. ويستغرب المطلع على واقع المملكة من هذه النتائج، خاصة في الفترة الأخيرة التي شهدت عدة حملات اعتقال وقضايا فساد وعمليات قمع.

واختار 85% مؤشر "يطبق بالتساوي بين الجميع"، فيما يخص تطبيق القانون، وهي نسبة غير مسبوقة بالمقارنة بينها وبين باقي الدول، حيث يُلاحظ أن أقرب الدول لهذه النسبة هي الكويت، بـ 49%.

الوضع الاقتصادي

وتميز تقييم المستجيبين من المملكة والكويت على وجه الخصوص، بالإيجابية فيما يخص تقييم الوضع الاقتصادي في بلادهم على العكس من باقي الدول، فاختار 54% من المستجيبين السعوديين تقييم الوضع الاقتصادي بالجيد جدًا، فيما جاء تقييم 33% في المئة للوضع باعتباره جيدًا و13% بين سيئ وسيئ جدًا، وتراجعت نسبة من وصف أوضاعه الاقتصادية بـ "سيئ، وسيئ جدًا" بمعدل 8 إلى 10 درجات مئوية مقارنة بالاستطلاع الماضي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المؤشر العربي: كيف يتفاعل العرب مع الديمقراطية؟

محفل بروباغندا ابن سلمان الغربي.. غراميات توماس فريدمان