06-سبتمبر-2020

تظاهرة تضامنية في تونس سنة 2018 (الشاذلي بن إبراهيم/Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير 

كشفت مجموعة من التقارير الحقوقية المنفصلة عن تصاعد  مؤشر انتهاكات حقوق الإنسان التي تنتهجها السلطات السعودية بحق المعارضين الحقوقيين والسياسيين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.  فضلًا عن شن موجة من الاعتقالات الجديدة استهدفت أكاديميين سعوديين آخرين، في الوقت الذي أثبت تحقيق لـصحيفة صن داي تلغراف البريطانية قيام الرياض باحتجاز مئات العمال الأفارقة في مراكز اعتقال شبيهة بمراكز الاحتجاز في ليبيا وتركتهم دون أدنى رعاية لمواجهة الموت.

تثبت التقارير الحقوقية والصحافية المتتالية تعمد السلطات السعودية ارتكاب انتهاكات ممنهجة في معتقلاتها السياسية ومراكز احتجاز المهاجرين 

بينما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في أحدث تقرير لها إن السلطات السعودية حظرت الزيارات الشخصية للمعتقلين في سجونها على المستوى العام للبلاد اعتبارًا من آذار/مارس الماضي، وأرجعت السلطات سبب منعها الزيارات الشخصية للحد من تفشي جائحة فيروس كورونا الجديد، لكن نشطاء سعوديون بالاشتراك مع مصادر أخرى أكدوا للمنظمة الحقوقية أن الرياض عملت بدون مبرر على حرمان عديد المعارضين المحتجزين لديها من الاتصال المنتظم مع العالم الخارجي.

اقرأ/ي أيضًا: عائلتان ليبيتان تقاضيان حفتر أمام القضاء الأمريكي بتهمة ارتكاب جرائم حرب

كما نقلت المنظمة الحقوقية عن أقارب المحتجزين في السجون السعودية، بما فيهم الناشطة النسوية لجين الهذول، والداعية السعودي سلمان العودة، عدم تمكنهم من الاتصال بذويهم لما لا يقل عن فترة 3 أشهر، مشيرةً إلى أن معظم المحتجزين يواجهون محاكمات تؤجل مرارًا وبتهم تنتهك حقوقهم الأساسية. هذا إضافة إلى منع ولي العهد السابق محمد بن نايف من استقبال أفراد عائلته بزيارات شخصية منذ فترة احتجازه الأولى في آذار/مارس الماضي، دون معرفة إن كان يحصل على علاجه الخاص بمرض السكري.

وكان سلمان العودة قد اعتقل إلى جانب مجموعة كبيرة من الدعاة والأكاديميين السعوديين خلال الحملة التي بدأها ابن سلمان بحق المعارضين لتوليه منصب ولي العهد في أيلول/سبتمبر 2017. في العام التالي بدأت السلطات السعودية حملة اعتقال واسعة النطاق طالت الناشطات السعوديات البارزات في قضايا حقوق المرأة  وصولًا إلى  أيار/مايو 2018. في حين اعتقل ابن نايف إلى جانب مجموعة من الأمراء بتهمة التخطيط لتنفيذ انقلاب داخل الأسرة الحاكمة.

تشير هيومن رايتس ووتش إلى توثيقها تعليق إدارات السجون السعودية في كثير من الأحيان لاتصالات المعتقلين مع أقاربهم دون تفسير، وبمراقبة لصيقة للمكالمات كلما سمحوا للمعتقلين بإجرائها، وبقطع الاتصال إذا حاول السجناء مناقشة قضاياهم أو الشكوى من ظروف الاحتجاز. كما نقلت المنظمة الحقوقية على لسان بعض المعتقلين قولهم إن المكالمات الهاتفية مقيدة عادة بفترة دقيقتين إلى 10 دقائق على الأكثر.

في ذات السياق، يشار إلى وفاة الإصلاحي  عبد الله الحامد بعد تدهور حالته الصحية داخل المعتقل في نيسان/أبريل الماضي، نتيجة لقرار السلطات السعودية تأجيل عملية قلب للحامد كان الطبيب قد أخبره بحاجته الملحة لها مطلع العام الجاري. فيما توفي الكاتب والصحفي صالح الشحي في المستشفى بعد شهرين من إطلاق سراحه في تموز/يوليو الماضي، وقال حساب معتقلي الرأي السعودي إن أسباب وفاة الشيحي مرتبطة بسوء المعاملة أثناء اعتقاله.

أما منذ مطلع أيلول/سبتمبر الجاري فبدأت السلطات القضائية السعودية محاكمة المعارضين والإصلاحيين المعتقلين ضمن حملة أيلول/سبتمبر 2017. وبحسب ما نقل حساب معتقلي الرأي الرسمي على منصة تويتر للتواصل الاجتماعي، فإن الأحكام الصادرة بحق ما يزيد على 10 معتقلين تراوحت ما بين 3 إلى 7 أعوام.

وفيما يبدو أنه إشارة على حملة اعتقالات جديدة في صفوف الدعاة والإصلاحيين، قال حساب معتقلي الرأي إن السلطات السعودية اعتقلت الأكاديمي السعودي عبد الله بصفر في آب/أغسطس الماضي، وأضاف الحساب في تغريدة أخرى مشيرًا لاعتقال السلطات كذلك للأكاديمي سعود الفنيسان منذ آذار/مارس الماضي، لكن الكشف عن اعتقاله لم يتم إلا قبل أيام فقط.

في سياق متصل، كشف تحقيق لصحيفة صن داي تلغراف البريطانية نشر منذ أيام عن احتجاز السلطات السعودية "لمئات أو حتى آلاف" من المهاجرين الأفارقة في ظروف مروعة، تشبه إلى حد كبير معسكرات الاعتقال في ليبيا التي يحتجز فيها المهاجرين غير النظاميين. مشيرةً إلى أن الصور التي أرسلها المهاجرين الأفارقة من داخل مركز الحجز السعودي، أظهرت إصابة عشرات الرجال بالهزل نتيجة إصابتهم بالشلل الناجم عن الحرارة العالية.

كما أظهرت الصور التي حصلت عليها الصحيفة البريطانية استلقاء المحتجزين بلا قمصان في صفوف مكتظة  في غرف صغيرة ذات نوافذ بقضبان، فضلًا عن إرسال المحتجزين لمجموعة أخرى من الصور تظهر أثار الندوب على أجسادهم على خلفية تعرضهم للتعذيب على أيدي الحرس. وفيما أظهرت الصور المرسلة مراكز اعتقال الرجال الأثيوبيين بشكل أساسي، فإن التحقيق ذكر وجود مراكز اعتقال مشابهة مكتظة بالنساء.

اقرأ/ي أيضًا: توسع إسرائيلي في المجال الجوي السعودي وسقطرى اليمنية برعاية إماراتية

وعلقّت السلطات السعودية ترحيل 200 ألف مهاجر أثيوبي خلال الأشهر الماضية، على إثر الانتقادات الأممية التي وجهت إليها مصحوبة بضغوط دولية، بعدما تحدثت تقارير عن ترحيل الرياض لـ3 آلاف خلال الأيام العشرة الأولى من نيسان/أبريل الماضي، وتشير صنداي تلغراف إلى أن العديد من المهاجرين الذين كان من المقرر ترحيلهم قبل 5 أشهر قد تُركوا للتعفن في مراكز الاحتجاز الموبوءة بالأمراض.

كما توضح الصحيفة البريطانية في تحقيقها أنها تمكنت من تحديد الموقع الجغرافي لمركزي احتجاز، الأول في قرية الشميسي (الحديبية) قرب مدينة مكة المكرمة، والآخر في منطقة جازان وهي مدينة ساحلية قرب اليمن، لافتةً إلى أن معظم المهاجرين المحتجزين لدى السلطات السعودية تم اعتقالهم من داخل منازلهم في عديد المدن السعودية.

يذكر أن منظمة هيومن رايتس ووتش قالت في تقرير سابق لها إن جماعة أنصار الله الحوثي اليمنية طردت آلاف المهاجرين الإثيوبيين من مناطق سيطرتها متذرعة بفيروس كورونا، وأشار التقرير إلى إجبار المهاجرين الأفارقة تحت تهديد السلاح على عبور الحدود السعودية، قبل أن يتعرضوا لإطلاق نار من قبل حرس الحدود السعودي ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى في صفوفهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إدارة ترامب تطلع لندن على نتائج جولة كوشنر ومجريات التطبيع في الشرق الأوسط

المواجهة المؤجلة.. ما الذي يحصل بين موسكو وواشنطن في سوريا هذه الأيام؟