14-ديسمبر-2017

أصبحت العلاقات بين السعودية وإسرائيل سرًا مفضوحًا يعلمه الجميع (Press TV/تصميم)

"في الشرق الأوسط ثمّة مثل يقول: عدو عدوك هو صديقك"، بهذا تفتتح شبكة "NBC" تقريرها حول العلاقات السعودية الإسرائيلية، أو ما وصفتها بـ"السر المفضوح"، وكيف أنها تُحرز تقدمًا وإن في السر، انطلاقًا من المُشترك بينهما، وهو عداوة إيران. في السطور التالية ترجمة بتصرف للتقرير.


بالنسبة لإسرائيل، فإن الاستعدادات المتزايدة للمملكة العربية السعودية، والخطوات التي تتخذها بحجة مواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط؛ يمثل فتحًا لتحالفٍ غريب نوعًا ما. ففي الوقت الذي يحاول فيه ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان، حشد ما يعتبره تحالفًا مناهضًا لإيران في معسكرٍ واحد، فإن إسرائيل -بمباركةٍ من إدارة ترامب- تُقدِم نفسها كشريكٍ راغب وقادر على المساعدة.

تنامت شهية التعاون بين السعودية وإسرائيل على مدار السنوات الأخيرة، في إطار ما يعتبرانه تحالفًا ضروريًا ضد إيران

جديرٌ بالذكر أن شهية التعاون بين اثنين من أقرب حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط، قد نمت في السنوات الأخيرة، تماشيًا مع مصالحهما الأمنية. وتعتبر كل من إسرائيل والسعودية، أن النفوذ المتزايد لإيران في المنطقة يشكل تهديدًا وجوديًا عليهما، ويريدون أن يسحقوا الجماعات الإسلامية المسلحة مثل داعش، والحليف الإيراني الرئيسي في المنطقة حزب الله.

اقرأ/ي أيضًا: تطبيع رعاة الإرهاب.. إسرائيل والسعودية على مائدة استخبارية واحدة

وفي وقتٍ سابق، قال مسؤول أميركي، كان شاهدًا على عقد اجتماعٍ مغلقٍ بين السعودية وإسرائيل، إن "هذه الاجتماعات غير الرسمية تجري منذ خمس سنوات على الأقل". ويقول المسؤولون، إن الإسرائيليين متفائلون، ولكن بحذرٍ، إزاء الصداقة الناشئة مع النظام السعودي الجديد. ولكن يشير بعض المراقبين إلى العديد من المخاطر. ففي حين ينظر البعض لابن سلمان كمُصلح، لا يُمكن التغافل عن كون إصلاحه المزعوم يتم بسوط القمع والتخويف، كما لا يُمكن تجاهل أنه شخص متهور وطائش.

على سبيل المثال، تدبير الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، بالضغط عليه من قبل الرياض التي استدعته، وقيل إنه وُضع تحت الإقامة الجبرية هناك مُؤقتًا، وأُجبر على إذاعة الاستقالة عبر التلفاز السعودي.

وقال السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، دانيال شابيرو، إنه في الوقت الذي يشجع فيه الإسرائيليون سياسات محمد بن سلمان، إلا أنه "صغيرٌ وعديم الخبرة ومتسرع نوعًا ما"، مُشيرًا إلى أنه في حالة لبنان، "هناك شعورٌ أنه ربما يخطط لدفع إسرائيل للدخول في معركةٍ جديدة، والقيام بعملٍ قذر".

ومن جهة أُخرى، فإن التحالف السعودي مع إسرائيل، لن يحظى بشعبية كبيرة في الشارع العربي، بسبب انتهاكات إسرائيل المستمرة بحق الفلسطينيين، وهو ما تحدث عنه حسن حسن، الخبير في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط بواشنطن، عندما قال إن "التحالف مع إسرائيل، سيضر بالتأكيد السعوديين"، مُضيفًا: "من المفارقة أن السعوديين وغيرهم، يرغبون في مواجهة إيران من خلال التحالف مع إسرائيل، ولكن فشلهم في الوقوف في وجه إيران ثم التطبيع مع إسرائيل، يُعد فشلًا سياسيًا".

سرٌ مفضوح

في أواخر سبعينات القرن الماضي، أصبحت الحكومات العربية أقل اهتمامًا بنزاعها مع إسرائيل، والتركيز بصورةٍ أكبر على الاستمرارية السياسية، ما ترك مسألة الدولة الفلسطينية نائمةً وغير مطروحةٍ على الساحة السياسية. وفي الوقت نفسه، بدأ المسؤولون الإسرائيليون والسعوديون في إدراك إمكانيات التعاون، مع تقارب مخاوفهم بعد اشتعال الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. فلم تكن المملكة السنية ولا الدولة اليهودية، راضيتين عن الثيوقراطية الشيعية الجديدة في المنطقة.

وقال سيمون هندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن "العلاقة الاستخباراتية بين السعودية وإسرائيل كانت موجودة بالفعل لعقود، من خلال بعض الخطوط العريضة مثل تبادل وجهات النظر"، مُضيفًا: "لقد كان لتلك العلاقات سياقها الخاص بسبب إيران وهذا هو السبب الرئيسي".

رغم زيادة الود، إلا أن طيش ابن سلمان لا يزال يسبب قلقًا للإسرائيليين (أسوشيتد برس)
رغم زيادة الود بينهما، إلا أن طيش ابن سلمان لا يزال يسبب قلقًا للإسرائيليين (أسوشيتد برس)

في حين أن الحكومة السعودية منذ ذلك الحين، تنظر إلى الإسرائيليين كشريكٍ محتمل في المنطقة، فإنها لا تزال تقاوم تبني علاقاتٍ دبلوماسيةٍ مفتوحة، وتفضل إجراء المشاورات واللقاءات غير الرسمية، لذا وصفها السفير الأمريكي شابيرو بأنها "علاقة سرية"، مُضيفًا: "هناك قدرٌ كبير من التنسيق الهادئ الذي يتم خلف الكواليس  من خلال بعض القنوات الاستخباراتية والقنوات الأمنية الأخرى، ولكن تلك الاتصالات لا تزال هادئة إذ إن إسرائيل لا تزال غير مرحَب بها في تلك الدول العربية".

رغم توطد العلاقات بين السعودية وإسرائيل وإن في السر، إلا أنّ الأمر لا يزال مقلقًا لإسرائيل بسبب تهور وطيش ابن سلمان

وقال ثلاثة مسؤولين أمريكيين سابقين، لشبكة "NBC" الإخبارية، إن الدبلوماسيين الأمريكيين ينخرطون مع كلا الجانبين بافتراض أن الطرفين يتحدثان مباشرةً. وقال أحد المسؤولين إن إسرائيل والسعودية عرضتا نقاط قلق متطابقة تقريبًا بينهما أثناء المفاوضات التي كانت جارية بشأن الاتفاق النووي مع إيران، والذي بسببه تدهورت علاقة الولايات المتحدة في أواخر عهد أوباما بكل من السعودية وإسرائيل، حتى جاء ترامب، الذي يبدو أنه أيضًا يتشارك مع السعودية وإسرائيل في رفضه للاتفاق، وتهديده المستمر بالانسحاب منه، فتوثقت العلاقات بين الثلاثي: السعودية إسرائيل الولايات المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: كوشنر وابن سلمان ونتنياهو.. ثلاثي المؤامرات الخفية

تجمع جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب ومستشاره، علاقةً شخصيةً وثيقةً بكُلٍ من ولي العهد السعودي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وهو الذي يواصل ضغطه على السعودية لمساعدته في القضاء على حزب الله، حليف إيران الأهم والأقوى في المنطقة. 

كانت كُلٌ من السعودية وإسرائيل، أولى المحطات على التوالي التي توجه إليها ترامب في رحلته الخارجية الأولى في أيار/مايو الماضي. وفي خطوةٍ رمزية، سافرت الطائرة الرئاسية الامريكية مباشرةً من الرياض إلى تل أبيب، وهي الرحلة التي لم يسبق لها مثيل من قبل.

علامات إحراز التقدم في كل مكان، ففي عام 2015، أعلنت إسرائيل أنها قد افتتحت أول مكتب تمثيل دبلوماسي لها في الإمارات العربية المتحدة. كما بحثت دول المنطقة أيضًا فكرة تعليق الحظر القديم للطائرات الإسرائيلية من التحليق في المجال الجوي العربي، ما سوف يخفض ساعات من الرحلات الجوية التي يتعين عليها الآن اتخاذ طُرقٍ تستغرق أوقاتًا طويلة.

عددٌ كبير من المسؤولين الإسرائيليين لم يكونوا واضحين في إبداء رغبتهم حول اتخاذ السعودية كشريكٍ وحليف، ففي حزيران/يونيو الماضي، طلب يسرائيل كاتس، وزير الاستخبارات والنقل الإسرائيلي، من الملك سلمان، دعوة نتنياهو إلى زيارة الرياض لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، كما أنّه توجه بالدعوة لسلمان لزيارة تل أبيب بشكل رسمي.

عندما يتعلق الأمر بالمحادثات الرسمية والمباشرة بين السعودية وإسرائيل، تقول الولايات المتحدة بشكلٍ رسمي، إن كلا الطرفين يتجهان نحو ذلك دون تدخلٍ أمريكي. وقد أثار ترامب قلقًا في أوساط وكالات الاستخبارات في جميع أنحاء العالم، وخاصةً في إسرائيل، وذلك عندما ظهرت بعض التقارير في وقتٍ سابق من هذا العام تشير إلى كشفه معلومات استخباراتية سرية، تخص إسرائيل، إلى بعض الدبلوماسيين الروس خلال زيارة إلى المكتب البيضاوي.

تُعد المخاطرة أعلى بكثيرٍ بالنسبة للسعودية من إسرائيل، فلا يزال السعوديون مترددون في الاعتراف علنًا، أو القبول بأن العلاقات تحرز تقدمًا بالفعل، ولذلك فإن محمد بن سلمان يسعى حثيثًا لإنجاز شيء ما يبرر الإعلان رسميًا عن التطبيع مع إسرائيل، يتبين أن هذا الشيء هو إقامة دولة فلسطينية منقوصة السيادة في قطاع غزة فقط

يسعى ابن سلمان حثيثًا لإنجاز شيء ما يبرر التطبيع مع إسرائيل، يتبين أنه إقامة دولة فلسطينية منقوصة السيادة في غزة فقط!

يقول روبي باريت، الخبير في الشأن الخليجي، ومؤسس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن "كلا الطرفين يريدان وقف التقدم الإيراني، ويريدان وقف التدخلات الإيرانية، ويريدان القضاء على حزب الله". ويضيف: "تكاد تتشابه مصالح كل منهما تمامًا". وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، قد طالب بـ"إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية كاملة" مع ما يسميها الإسرائيليون بالدول العربية "المعتدلة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

صورة كاملة للصفقة الكبرى.. هكذا سعى ابن سلمان للاعتراف بالقدس والضفة لإسرائيل

تسريبات: إسرائيل تدعم السعودية لتأجيج الخلاف في لبنان