06-أكتوبر-2015

من الضروري توفير التكنولوجيا والإنترنت لتلاميذ الريف اللبناني(رمزي حيدر/أ.ف.ب)

احتفل اللبنانيون، سكّان جرد القطيع في عكّار، بمناسبة وصول الكهرباء إلى ضيع الجرد. الخبر لا يعود للقرن الماضي، بل للعام 2013، يوم وصلت الكهرباء للمرّة الأولى إلى الرّيف الجردي العكاري. الرّيف الذي اعتاد الإهمال وغياب التنمية، إضافةً إلى هجرة شبابه إلى المدن القريبة والبعيدة، طمعًا في الحصول على فرصة عملٍ في مطعمٍ أو شركة أمنية، أو لمتابعة تحصيلهم العلمي.

اعتاد سكان الريف اللبناني الإهمال وغياب الخدمات الأساسية وخاصة التكنولوجيا وهو ما انعكس سلبًا على تلاميذ المدارس

يبدو الحديث عن وصول التّكنولوجيا، الإنترنت على وجه الخصوص إلى الأرياف، كالحديث عن اكتشاف سوائل على المرّيخ، في بلدٍ نامٍ أقصى مقوماته الاقتصادية، التّجارة البدائية والزّراعة التّقليدية. في الحقيقة، يعاني الريف اللبناني، خاصةً العكاري والبقاعي من صعوبة في استخدام الوسائل التّقنية لغياب المعاهد التّقنية والمدارس وضعف في الارتباط بالإنترنت.

اقرأ/ي أيضًا: في لبنان..أطفال بين الشوارع والمدارس!

وساهم تخفيض الإنفاق الحكومي أو إيقافه على الأرياف، لا سيما فيما يخصّ القطاع التّعليمي، في رفع نسبة النّزوح من الأرياف إلى المدن، إذ بلغت نسبة سكّان المدن 87 في المئة من مجمل المقيمين في لبنان، علمًا أن لبنان لم يجر أي إحصاءٍ لسكانه منذ سبعين عامًا، ويحتل الشّباب منهم نسبة 65 في المئة، 30 في المئة منهم من طلبة العلم حسب المعلومات المتداولة.

كما يلاحظ إهمال قطاعات مهمة كالتعليم، والصحة، والطاقة بأنواعها، وصناديق الضمان الاجتماعي، والمواصلات والاتصالات في الأرياف اللبنانية. كل هذه الظروف الصعبة في الأرياف، حفّزت الشباب المتعلم ليسعى لإيجاد حلول، لكنها فشلت في غالبها ودفعتهم إلى الاعتقاد بأن لا يمكن إحداث تغيير سببه العلم والتّعليم في أرياف لبنان.

"الإنترنت وصل لضيعتنا منذ 4 سنوات، لكني اعتدت نمط الحياة البيروتية، ولا أنسجم مع محيط الضّيعة"، اختصر محمّد وضعه هو والعديد من الشباب الذين اضطروا لترك الرّيف طمعًا في تحقيق أحلامهم، وإكمال تحصيلهم العلمي في جامعات العاصمة اللبنانية والمدن الكبرى.

أُعلن عن تزويد حدائق بيروت العامة بخدمات الـ"ويفي" مجانًا، بينما يعاني طلبة المناطق الرّيفية من غياب هذه الخدمات في المنازل والمدارس

مؤخراً، في عهد وزير الاتصالات السّابق نقولا صحناوي، أُعلن عن تزويد حدائق بيروت العامة بخدمات الـ Wi-Fi مجاناً، بينما يعاني طلبة وسكّان المناطق الرّيفية من غياب الخدمات اللاسلكية، خاصّة الإنترنت السّريع. في المقابل، إدخال الإنترنت السّريع في المناطق الريفية وتدريب المجتمعات المحلية على الولوج إلى شبكة الإنترنت، سيفيد قطاع التعليم في هذه المناطق كثيرًا وقد صار ضروريًا لطلبة المدارس الريفية لكسب معارف جديدة وتطوير مهاراتهم الخاصة بالتّواصل الاجتماعي والمجتمعي.

ومن المهم توفير الخدمات التّكنولوجية/المعلوماتية للأرياف أيضًا لاعتبارات أخرى. ومنها تخفيف الضّغط عن المدن وتقليص نسبة الاكتظاظ السّكاني، وتفعيل قطاعات إقتصادية أساسية مهملة، كالقطاع الزّراعي، الذّي يمكن للطلاب، في حال تأمنت لهم الخدمات، أن يطوّروه بما يخدم الإقتصاد الوطني، ويساهم في قدرتهم على البقاء في أرضهم، بمداخيل تتناسب ووضعهم الاجتماعي، إضافةً إلى القطاع الصّناعي، إذ يشكّلون هم، أي الطّلاب، عموده الفقري التّقني، بخبراتهم وشهاداتهم، مما سيمنح الرّيف هامشاً فعّالاً من القدرة على المحافظة على وجوده، وخلق فرص عملٍ للعديدين.

سيساهم توفير الخدمات التكنولوجية في الأرياف في تطوير القطاع السّياحي الخدماتي أيضاً، بوضع الرّيف الغني بالأماكن السّياحية المهملة، على خارطة وزارة السّياحة اللبنانية، في حين أنه يستقطب 3 في المئة من السّياح القادمين إلى لبنان فقط. والأكيد أن توفير التكنولوجيا والربط بشبكة الأنترنت سيؤدي إلى تحسين مستوى التّعليم والعلم في الأرياف، وخلق مساحة للتطوير الفكري النّقدي البحثي، أي خلق تغيير شبابي إيجابي.

اقرأ/ي أيضًا: أطلب العلم ولو بواسطة تاكسي!