25-ديسمبر-2024
دونالد ترامب

ترامب يضع الأوروبيين بين خيارين أحلاهما مر (رويترز)

قبل أقل من شهر على دخوله البيت الأبيض، وجّه الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، تحذيرًا صريحًا لحلفاء بلاده الأوروبيين، ملوحًا بسيف الرسوم الجمركية القاسية ما لم يبادروا إلى شراء النفط والغاز الأميركيين.

ترامب شدد على أنه لم يعد مقبولًا استمرار العجز التجاري الكبير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والمتوقع أن يصل إلى 230 مليار دولار بنهاية العام الجاري، مقارنة بـ209 مليارات دولار في العام الماضي، وفقًا لوكالة الأناضول.

ويرى ترامب أنّ هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ولن يكون ذلك وفقًا للرئيس الأميركي المنتخب إلّا بشراء أوروبا "مزيدًا من النفط والغاز الأميركيين أو مواجهة التعريفات الجمركية القاسية".

وكان ترامب قد كتب على منصته "تروث سوشيال" أنه أخبر الأوروبيين أنّ عليهم وجوبًا "تعويض عجزهم التجاري الهائل مع الولايات المتحدة من خلال الشراء على نطاق واسع من نفطنا وغازنا، وإلا فإن التعريفات الجمركية هي الحل الوحيد" وفق تعبير ترامب.

يلجأ ترامب إلى الرسوم الجمركية على الواردات كاستراتيجية تفاوضية مع الأطراف التي يعتقد أنها تتعامل بشكلٍ غير عادل مع الولايات المتحدة الأميركية

وبات واضحًا أن ترامب يلجأ إلى الرسوم الجمركية على الواردات كاستراتيجية تفاوضية تشبه سياسة العصا مع الأطراف التي يعتقد أنها تتعامل بشكلٍ غير عادل مع الولايات المتحدة الأميركية، أمّا مع الدول المنافسة كالصين فهذه الاستراتيجية ترقى إلى حرب تجارية، يعتقد ترامب أنها قد تكون ناجعةً في احتواء الصين اقتصاديًا.

يشار إلى أن ترامب هدّد تشرين الثاني/نوفمبر الماضي كلًّا من كندا والمكسيك بفرض رسوم جمركية تصل إلى نسبة 25% على جميع وارداتها من السلع، ما لم تقوما حسب تعبيره "بتطبيق قوانين المخدرات والحدود بشكلٍ صارم"، حيث يتهم ترامب البلدين بالتساهل في تطبيق تلك القوانين.

استيراد النفط الأميركي

تعدّ عقود الخام الأمريكي أرخص من عقود أنواع النفط الأخرى، وذلك بحوالي دولارين لكل برميل، لكن تكلفة استيراد الخام الأميركي أعلى بكثير من استيراد النفط من الشرق الأوسط وإفريقيا على سبيل المثال لا الحصر. فحسب معطيات العام الماضي زاد فارق استيراد النفط الأميركي من طرف الاتحاد الأوروبي بنسبة 15% مقارنةً بكلفة الاستيراد من الشرق الأوسط وإفريقيا. فضلًا عن ذلك فإن طرق الملاحة عبر المحيط الأطلسي مضطربة بسبب الأحوال الجوية، وهذا يعني مخاطر أكبر على الاستيراد وعدم الثقة في استمرار تدفق الإمدادات نحو أوروبا.

وتسجل الولايات المتحدة الأميركية معدلات عالية في إنتاج النفط واستهلاكه، حيث بلغ الإنتاج هذا العام نحو 13.5 مليون برميل يوميًا، وفي المقابل بلغ الاستهلاك حوالي 17 مليون برميل يوميًا. وبسبب حاجة السوق الأميركية لأنواع مختلفة من النفط لا يغطي الإنتاج جميع الحاجيات، ولذلك تُصدّر الولايات المتحدة نحو الأسواق الدولية حوالي 5 ملايين برميل يوميًا، وتستقبل في المقابل ضعف ذلك من الخام (الخفيف، الثقيل، المتوسط).

ويخطط ترامب، حسب استراتيجيته الاقتصادية، إلى منح المزيد من رخص التنقيب والإنتاج لشركات الطاقة للبحث عن الذهب الأسود في الأراضي الأميركية، وعلى أساس ذلك فإنه من المتوقع أن يشهد الإنتاج الأميركي من النفط زيادةً معتبرة، ستتطلّب في المقابل البحث عن أسواق جديدة للتصدير، ويضع ترامب عينيه على الأسواق الأوروبية بدرجة أولى، ولذلك يودّ مقايضة فرض الرسوم الجمركية بزيادة شراء النفط والغاز الأميركي.

أميركا عظيمة مرة أخرى بالنفط والغاز

يراهن ترامب على النفط والغاز  في تحقيق وعوده الاقتصادية، ولذلك ليس مستغربًا رفعه لشعار "احفروا، احفروا"، حيث يدعم ترامب بقوة مشاريع استكشاف الطاقة عبر الحفر والتنقيب، وسيتطلب ذلك منه منحًا سخيًا للرخص مقابل وقف مشاريع طاقة الرياح البحرية والمشاريع الصديقة للبيئة عمومًا على غرار "الاعتمادات الضريبية الخضراء والإعانات المتعلقة بالطاقة الخضراء"، فترامب لا يخفي أنه من كبار أنصار "الطاقة التقليدية".

وبالنسبة للغاز، فإن ترامب يطمح إلى أن يكون الغاز الأميركي بديلًا للغاز الروسي في الأسواق الأوروبية، مع الإشارة إلى الفارق في التكلفة، حيث يعد استيراد الغاز الروسي والجزائري والقطري رخيصًا بالمقارنة مع الغاز الأميركي بفارق يتجاوز نسبة 40%.