18-أكتوبر-2018

فاسيلي كاندينسكي/ روسيا

سأكون صريحة معك منذ البداية، فأعترفَ بأنني لم أقرأ لك حرفًا. أليس هذا غريبًا؟ غير أنّ صديقي الزبير قرأ كلّ منشوراتك، ويعتبرك أعمق كاتبٍ يحتفي بالموت في نصّه، وبالحياة في حياته، وهذا ما حرّضني على أن أراسلك، لأعرض عليك مشروعًا. لكن هل يتّسعُ خاطرك، فتسمحَ لي بأن أبادرك بشرط: ألا يعلم به صديقي الزبير؟

هو قال سنلبس أجمل ثيابنا، ونضع أسخى عطورنا، ونحتفل بدفنها تحت شجرةٍ في أعلى ربوةٍ متاحةٍ، وأنا رفضتُ الفكرة، وقلت إنه من حقّها أن تجد طريقها إلى الناس، فتحقّقَ لنا حياةً لم يُكتب لنا أن نعيشها، هل نُحرمُ من الحياة مرّتين يا الزبير؟

إنها أوراق كتبناها معًا، فنحن فيها كما الشهقة في الهواء، وكتبتنا معًا، فهي فينا كما النّبض في القلب، وقلب الموضوع أننا كتبنا علاقتنا بالموت. هل يُمكن أن يصير الموت ظلًّا لإنسانين، حتى يتعوّدا عليه، فيبحثا عنه إذا افتقداه؟

إننا في الحقيقة، لا نعيش حياة مؤقتة، بل موتًا متكّررًا. والموجع أننا نموت ونحيا، ولا تندمل ذكرى موتٍ، حتى يبادرها موت آخر، ومن الموجع أكثر، أننا بتنا نرى انتحارنا، مع هذا، عينَ العبث.

مات الزبير أمامي عشرات المرات، ومتّ أمامه مثلها، وكان الواحد منّا يُقيم لآخَرَهِ جنازة، فتكونَ الجنازة الوحيدة التي يسمع فيها الفقيد تأبينه، ثم يقفز من نعشه، ويُباشر رحلة أخرى، وهو لا يدري هل هي في الموت أم في الحياة.

أتعبنا الموت أيّها الكاتب، فهل تريحنا بأن تنشر أوراقنا؟

 

خبر عاجل شكّل وجبة دسمة في فيسبوك

الكاتب عبد الرزاق بوكبة يسطو على مخطوط لكاتبين هاويين يُسمّيان الزبير بن نجمة وسارة الأشهب، وينشره باسمه تحت عنوان "كفن للموت".

 

تكذيب أوّل

النص لبوكبّة، وما نحن فيه إلا ظل لموت/ سارة الأشهب.

 

تكذيب ثان

النص لي ولسارة، وهي تنفي ذلك، خوفًا على النصّ من الموت/ الزبير بن نجمة.

 

تكذيب ثالث

النص كتب نفسه، ومن وجد نفسه فيه، فليُحاكم الصدفة/ عبد الرزاق بوكبة.

 

مشهد خارج التكذيبات

الزبير وسارة

تحت شجرة في أعلى ربوة متاحة

هو يصفعها حتى يعوجّ فكّها

وهي تصفعه حتى يعوجّ فكّه

أحسّا بالموت، فانخرطا في قبلةٍ لا تنتهي

صرخة حياةٍ تخرج من رحم الموت.

 

في مستشفى الولادة

دخل وردُه قبله

أعطاه لسارة

صافح الزبير

رفع اللحاف عن وجه الطفل وخاطبه في أذنه:

أشهدُ

أنّك

كاتب النص.

 

اقرأ/ي أيضًا:

دعوة عرس

قتلتُ الحنين بدم بارد