16-يوليو-2018

شارك عدد متنوع من الأحزاب في مظاهرات للتضامن مع معتقلي الريف المغربي (تويتر)

في صبيحة يوم الأحد 15 تموز/يوليو 2018، تقاطر آلاف المغاربة على شارع محمد الخامس بالعاصمة الرباط، للمشاركة في مسيرة شعبية، كانت قد دعت إليها منظمات مدنية وهيئات سياسية، لأجل المطالبة بإطلاق سراح الناشطين، الذين تم إدخالهم السجن، على خلفية احتجاجات حراك الريف.

كان القضاء المغربي قد وزّع قبل أسبوعين أزيد من ثلاثة قرون سجنًا على 53 معتقلًا من قادة "حراك الريف"

وكان القضاء المغربي قد وزّع قبل أسبوعين أزيد من ثلاثة قرون سجنًا على 53 معتقلًا من قادة "حراك الريف"، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، الذي حكم عليه بالحبس النافذ 20 سنة، الأمر الذي أغضب الرأي العام المغربي وخلف صدمة وسط الهيئات الحقوقية المغربية والدولية.

وشهدت المظاهرة حضورًا كثيفا للقوى السياسية، التي ليست في وئام مع النظام المغربي، تمثلت في مشاركة جماعة العدل والإحسان الإسلامية، وفيدرالية اليسار الديمقراطي، والنهج الديمقراطي اليساري التوجه، والحركة الأمازيغية. واصطفوا جميعهم في مسيرة واحدة، رغم اختلافاتهم الأيديولوجية، بالإضافة إلى بعض المستقلين، للجهر برفع الأحكام القاسية بحق معتقلي حراك الريف، وأيضًا للتنديد بحملة التضييق على حرية التعبير.

وتقدمت عائلات معتقلي حراك الريف المسيرة التضامنية مع الزفزافي ورفاقه، بعد أن اتفقت التنسيقية المنظمة على إزاحة القيادات الإسلامية واليسارية من الصفوف الأمامية، وإفساح الواجهة لأمهات المعتقلين، بزعامة والدة ناصر الزفزافي، وهن يلتحفن السواد حزنا على مآل فلذات أكبادهن.

ورفع المتظاهرون في مسيرهم الأعلام الأمازيغية واللافتات التضامنية وصور المعتقلين، وصدحت حناجرهم بشعارات قوية، من قبيل "الموت ولا المذلة"، و"عاش الريف عاش عاش.. ريافة ماشي أوباش"، و"الحرية الحرية.. للمعتقل السياسي"، وأيضًا "بغا الكرامة والخدمة.. عطيه 20 عام".

اقرأ/ي أيضًا: أحكام تعسفية ضد ناشطي الريف المغربي.. القضاء ضد من يقول "لا"

وكان لافتًا الحضور الأمني القوي في مظاهرة الرباط، بعكس مسيرة الدار البيضاء التي نظمت قبلها بأيام لمساندة معتقلي حراك الريف، غير أنه لم تحدث أية صدامات فيها مع قوات الشرطة، وختم المحتجون طريقهم بالوقوف أمام قبة البرلمان، صادحين بأعلى صوتهم "لإطلاق سراح مسجوني حراك الريف"، الذين خرجوا فقط للمطالبة بالكرامة والصحة والشغل.

ولم يقتصر غرض المسيرة الشعبية على دعم قضية "معتقلي حراك الريف"، بل شمل أيضًأ التنديد بحملة التضييق الأخيرة الهائجة للسلطات المغربية على حرية الصحافة والإعلام، حيث رفع المتظاهرون صور المدون ربيع الأبلق، المحكوم عليه بخمس سنوات سجنًا، والصحافي المعروف حميد المهداوي، داعين إلى إطلاق سراح جميع الصحافيين المسجونين.

لم يقتصر غرض المسيرة على دعم قضية "معتقلي حراك الريف"، بل شمل أيضًأ التنديد بحملة التضييق على الحريات

وكان حميد المهداوي، مدير ورئيس تحرير موقع "بديل" الإلكتروني، يبث قبل اعتقاله مقاطع فيديو ينتقد فيها بشدة تعامل السلطات الحكومية مع أزمة حراك الريف، ويثير فيها العديد من قضايا الفساد والاستبداد التي تغيظ السلطة. ولاقت خرجاته المصورة إقبالًا واسعًا من المشاهدات. لكن في 20 تموز/يوليو 2017، وأثناء تواجده بالحسيمة من أجل تغطية الاحتجاجات آنذاك، تم القبض عليه بتهمة "دعوته للمشاركة في تظاهرة بعد منعها والمساهمة في تنظيم ذلك"، وحكم عليه بثلاثة أشهر حبسًا نافذًا وغرامة 20 ألف درهم.

اقرأ/ي أيضًا: اعتقال ناصر زفزافي.. من هو قائد حراك الريف المغربي "المثير للجدل"؟

وفيما بعد وجهت له تهمة أخرى تتعلق "بعدم التبليغ عن جريمة المس بسلامة أمن الدولة"، لتتم إدانته، تزامنًا مع وقت إعلان أحكام الريف، بثلاث سنوات سجنا نافذة، ما أشاع مرارة واستياء داخل الوسط الصحافي والحقوقي، تذمرًا من وضعية حرية التعبير والإعلام السيئة في البلد. وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود"  قد صنّفت المغرب في المرتبة 135 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة.

هذا وتستمر مطالبات الهيئات الحقوقية الدولية للسلطات المغربية بإلغاء الأحكام الصادرة ضد قادة "حراك الريف"، منها منظمة العفو الدولية التي قالت في بيان لها إن "ناصر الزفزافي وغيره ممن أدينوا وسجنوا بسبب الاحتجاج السلمي من أجل العدالة الاجتماعية أو تغطية المظاهرات على الإنترنت، لم يكن يجب أن يحاكموا أصلًا، ولذلك يجب الإفراج عنهم وإلغاء إداناتهم".

 

اقرأ/ي أيضًا:

حراك الريف في المغرب.. الملك يشيد بالشرطة رغم الانتهاكات!

"الاغتصاب بالقرعة".. شؤم يعود من جديد مع حراك الريف المغربي