13-أبريل-2022
لوحة لـ ألبرت سيرفايس/ بلجيكا

لوحة لـ ألبرت سيرفايس/ بلجيكا

أين رحلوا يا أبتي

الذين كانوا يشربون من كأسنا الصغير؟!

 

ربما

لم يُعجبهم مذاق البحر 

فناموا فيه طويلًا

*

 

نُخلق مائيٍّين أو حجريين أو عُشبيين

 

الرجال الذين من أصول النهر

طويلون وسارقو الأمنيات الصغيرة

يتقنون الكذب بصدقٍ مجيد.  

ويصدقون بكذباتٍ زرقاء.

 

النساء اللواتي من أصل شجريٍّ

خضراواتٌ شهيّات

مسيحاتٌ مصلوباتٌ بجسد الرّيح

ربّاتُ الشمس والقمر والأرض

يخطفن الروح وهو يخفّق بجناحين من حزن.   

 

يشربون الحليب من أثداء الحياة

ويأكلون لحم العمر

يجلسون على عرش العالم

لا يكبرون ولا يشيخون،

أولئك الذين خُلقوا من حصى.  

باقون ليدرّبوا ظهورنا الرّخوة

على الاستقامة والشّعر.

*

 

الدّهشة تستعيرُ من الجسد قوامه

وتحيطهُ بالنّبوءة

تعلو بمائِه ثمّ تمطره ثمّ تصيره ضبابًا مطيعًا لربوبة الضوء.   

 

الدّهشة شظايا عينيك في المرايا العتيقة

وأحداقٌ تنزلق طواعيةً في أهوال ذاكرتك

ربما ماضيك ربما حاضره وربما اللّاشيء

طفلٌ يتأتئ

ولدٌ أزعر

رجلٌ يُعدُّ الشاي بالقرفة لحياةٍ أصبتَها بالحطام.  

 

الدّهشة عجوزٌ يرتجف، ويتلّحف بسنابل امرأة

منسيّةٍ بين ثدييّ المخيلة.

يقول:

دثّريني يا حنطتها

دثّريني يا امرأة

دثرّني يا موتها الشهي.

*

 

أنتَ لستَ أنتْ

كائنٌ ضوئيٌّ يتفشّى في العتمة

ويتفتّق على جلدٍ أموميّ

 

أنتَ لست أنتْ

كائنٌ لزجٌ ينزلق في سرّة الوحدة

ويُقلقُ قمرًا وشمسًا غائبة.

 

أنتَ لست أنت

كائنٌ مخرّبٌ يفهم كيف يكون للعالم

وجهٌ نقيضٌ للرتابة.  

 

أنتَ إلّاك الغائبُ والحاضرُ والعدمْ.

*

 

نعيش داخل الحلم ونتنزّه في جنائن التخيّل

نُحبُّ من نشاء،

ونضمُّ حرماننا

نستطعف قلوبًا حزّت في قلوبنا

ونستدرج رحيلهم بعظامنا المتيبسة.

 

نعيش داخل الحلم،

نؤمن بالإله

وبجنته نهاب ناره

نركع ونصلي

نتوب عن ما صنعت أيدينا في الخطيئة

يبتسم لنا ويغفر لنا

وعند أول الفجرِ، نعود أدراجنا،

أمواتٌ ونُعاني من عذاب الضمير.  

دلالات: