14-أبريل-2021

مشهد من شارع الحمرا في بيروت الغربية أثناء الحرب الأهلية (ماهر العطار/Getty)

أحيى اللبنانيون الذكرى الـ46 للحرب الأهلية، التي اندلعت شرارتها الأولى في الثالث عشر من نيسان/أبريل من عام 1975 مع مجزرة عين الرمانة الشهيرة، واستمرت لمدة 15 سنة متواصلة، وذهب ضحيتها عشرات آلاف القتلى والجرحى، فيما لا يزال مصير المئات ممّن يُعرفوا بـ"مفقودي الحرب الأهلية" مجهولًا حتى الآن. كذلك شهدت الحرب العديد من الأحداث السياسية والأمنية، واغتيالات لسياسيين وصحفيين، وعمليات خطف لدبلوماسيين أجانب وتهجير لآلاف العائلات من منازلها، فيما هاجر قسم كبير من اللبنانيين إلى الخارج هربًا من آتون الحرب. وقد تداخلت في الحرب العوامل المحلية، مع العوامل الإقليمية والدولية، وتخلّلها اجتياح ثم احتلال إسرائيلي لمناطق لبنانية استمر حتى ربيع عام 2000، وتبدّلت التحالفات وخُلطت الأوراق أكثر من مرة، وتغيّر التوزيع الديموغرافي، إلى أن حطّت الحرب رحالها في العام 1989، ليجلس بعدها المتقاتلون على طاولة واحدة، ويستمر زعماء الحرب في حكم لبنان في زمن السلم وحتى اليوم تحت مظلة "الطائف"، ما أوصل البلاد إلى الحال التي هي عليه.  

بدا واضحًا من خلال التغريدات والتعليقات، أن نظرة اللبنانيين إلى الحرب الأهلية مختلفة فيما بينهم حتى اليوم، وهو اختلاف مردّه بالأساس إلى الخلاف في النظرة إلى لبنان نفسه

وأتت الذكرى السنوية لهذه الحرب، في وقت يعيش لبنان حربًا باردة وصامتة، لكنها موجعة ولها أثر كبير على حياة المواطن، في ظل الأزمة الاقتصادية المستفحلة، التي تزامنت مع ظهور فيروس كورونا، وفي وقت يشتد الاشتباك الإقليمي بين  المحاور فيدفع لبنان أثمانًا باهظة بسبب ارتهان سياسيّيه للخارج. 

وقد استخدم الناشطون والمغردون اللبنانيون وسم "13 نيسان" لاستذكار الحرب الأهلية، ومحاولة استخلاص العبر منها، ومقارنة الأوضاع التي عاشها اللبنانيون في تلك الفترة، وبين ما يعيشونه اليوم في ظل الأزمة الحادة التي أودت بالبلاد إلى شفير الهاوية. 

كما أعاد بعض الناشطين نشر صور فوتوغرافية كانت قد التُقطت خلال الحرب الأهلية. وبدا واضحًا من خلال التغريدات والتعليقات، أن نظرة اللبنانيين إلى الحرب الأهلية مختلفة فيما بينهم، وهو خلاف مردّه بالأساس إلى الخلاف في النظرة إلى لبنان نفسه، حيث ترى كل جهة أنها شاركت في الحرب وقدّمت الدماء لكي يبقى لبنان، وترى في الآخر متآمرًا حاول النيل من لبنان وتغيير هويته وبالعكس. 

على سبيل المثال، نشرت الناشطة تالا رمضان صورة حديثة لأحد المباني في بيروت، الذي تعرض للتصدّع خلال الحرب، ولم يتمّ ترميمه حتى اليوم ليبقى شاهدًا على ما مرّ به لبنان في تلك الأيام، ووصفته بالمبنى المهجور الذي يحمل ندوب الحرب. فيما أسفت حنان على الذين ماتوا خلال الحرب وكانوا يظنّون أنهم ماتوا لأجل قضية، فهم بحسب حنان ماتوا لأجل لا شيء. وقالت أنها تشفق على الناجين، من جرحى الحرب ومعوقيها والمفقودين، لأنه لم يكن هناك أي سبب لذلك. 

بينما رفضت  الناشطة رومي ما أسمته "أية عملية تزوير للتاريخ " وقالت إن لبنان تعرّض للهجوم من قبل قوى احتلال خارجية، وشكرت المقاومة اللبنانية ( أي ما عُرف يومها باسم اليمين المسيحي ) لأنها انقذت لبنان يومها بحسب "رومي". على الضفة الأخرى، حمّل الناشط علي حزب الكتائب اللبنانية مسؤولية انطلاقة الحرب الأهلية، من خلال عمليات التطهير الطائفي، والقتل والخطف على الهوية. 

من جهتها رأت الإعلامية ريما نجيم أن شيئًا لم يتغيّر بين 13 نيسان 1975 و13 نيسان 2021، فلبنان يعيش حالة هدنة لا سلام. وحمّلت المسؤولية إلى السياسيين الذين وصفتهم بأنهم أعداء الداخل، وقالت إنهم لم يتعلّموا من أخطاء الماضي. واعتبرت منى الموسوي أن الحرب لم تنتهِ من النفوس، فهي تسكن في قلوب الذين لم يشبعوا من الدماء، والذين ينتظرون الفرصة لاستكمال مشروعها.

وقال سامر كبّارة إن الحرب الأهلية اندلعت واستمرت لمدة 15 سنة، ودفع كل لبنان ثمنها غاليًا وانتهت باتّفاق الطائف. وتوقّع أن يبقى لبنان ساحة لصراعات الآخرين، طالما لم يتم إلغاء الطائفية السياسية، فيما استذكرت وزيرة العدل في لبنان ماري كلود نجم قضية مخطوفي الحرب الأهلية، وتمنّت المضي قدمًا في جهود البحث عن الحقيقة وإغلاق هذا الجرح.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف استعد اللبنانيون لاستقبال شهر رمضان؟

كيف يصوم المسلمون في الدول الإسكندنافية؟