الذكاء الاصطناعي يهدد 1.6 مليون وظيفة في الهند
15 أكتوبر 2025
في قلب مدينة هندية نابضة بالحياة، يعمل مطوّرو شركة ناشئة تُدعى "LimeChat" على تحسين روبوتات محادثة ذكية تتحدث وتراسل كما لو كانت بشرًا.
هدف الشركة جريء جدًا، ويتمثل بجعل وظائف خدمة العملاء شبه منقرضة. وفقًا لمؤسسيها، يمكن لتقنيتهم تقليص عدد الموظفين المطلوبين لمعالجة 10,000 استفسار شهري بنسبة تصل إلى 80%. يقول نيكيل غوبتا، المؤسس المشارك البالغ من العمر 28 عامًا: "بمجرد أن توظف وكيلًا من LimeChat، لن تحتاج إلى التوظيف مجددًا".
لطالما استفادت الهند من وفرة العمالة الرخيصة وإتقان اللغة الإنجليزية لتصبح مركزًا عالميًا لخدمات الدعم الفني وخدمة العملاء
من "مكتب العالم الخلفي" إلى مختبرات الذكاء الاصطناعي
لطالما استفادت الهند من وفرة العمالة الرخيصة وإتقان اللغة الإنجليزية لتصبح مركزًا عالميًا لخدمات الدعم الفني وخدمة العملاء. لكن هذا النموذج يواجه الآن تهديدًا مباشرًا من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي بدأت تحل محل خريجي الجامعات الذين يرتدون سماعات الرأس في مراكز الاتصال.
تحقيق أجرته وكالة "رويترز" كشف عن سباق محموم للتكيف مع هذا التحول، حيث تسعى الشركات الناشئة إلى تقليص التكاليف وتوسيع نطاق عملياتها، رغم أن كثيرًا من المستهلكين لا يزالون يفضلون التعامل مع بشر.
قطاع بقيمة 283 مليار دولار على مفترق طرق
يعتمد الاقتصاد الهندي على قطاع تكنولوجيا المعلومات بنسبة 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويبلغ حجمه 283 مليار دولار. ومع ذلك، فإن التغيرات الجذرية التي يشهدها هذا القطاع تثير قلقًا متزايدًا. فقد أجرت "رويترز" مقابلات مع 30 شخصًا من بينهم مسؤولون حكوميون حاليون وسابقون، ومديرو شركات، وموظفون، ومجندون، وزارت شركتين ناشئتين واختبرت روبوتات محادثة قادرة على إجراء تفاعلات معقدة بطريقة شبه بشرية.
بدلًا من كبح جماح هذه التقنية التي تهدد الوظائف القائمة على المهام الروتينية، تتبنى الهند نهجًا تسارعيًا، تراهن فيه على أن "الفوضى الخلاقة" ستخلق فرصًا جديدة كافية لاستيعاب من سيفقدون وظائفهم.
هذا الرهان لا يخص الهند وحدها، بل يمثل اختبارًا عالميًا، مفاده سؤال واضح: هل يمكن أن ترتقي الاقتصادات النامية عبر احتضان اضطرابات الذكاء الاصطناعي، أم أنها ستتحول إلى دروس تحذيرية؟
سوق عالمي ينمو بسرعة
تشير تقديرات شركة Grand View Research إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي للمحادثة ينمو بنسبة 24% سنويًا، ومن المتوقع أن يصل إلى 41 مليار دولار بحلول عام 2030. وفي خطاب ألقاه رئيس الوزراء ناريندرا مودي في شباط/فبراير، قال: "العمل لا يختفي بسبب التكنولوجيا، بل يتغير شكله وتُخلق أنواع جديدة من الوظائف".
لكن هذا التفاؤل لا يشاركه الجميع. سانتوش ميهروترا، المسؤول الحكومي السابق وأستاذ زائر في جامعة باث البريطانية، انتقد الحكومة الهندية لافتقارها إلى خطة واضحة لتقييم تأثير الذكاء الاصطناعي على القوى العاملة الشابة. وقال: "لا توجد خطة عمل".
تراجع التوظيف وقلق متزايد بين العاملين
يوظف قطاع إدارة العمليات التجارية في الهند نحو 1.65 مليون شخص في مراكز الاتصال ومعالجة البيانات والرواتب. ومع أن الطلب على منسقي الذكاء الاصطناعي ومحللي العمليات في تزايد، فإن التوظيف العام يشهد تراجعًا حادًا. وفقًا لشركة TeamLease Digital، لم يتجاوز صافي عدد الموظفين الجدد في هذا القطاع 17,000 سنويًا خلال العامين الماضيين، مقارنة بـ130,000 في 2022-2023 و177,000 في 2021-2022.
تحدثت "رويترز" إلى ثمانية موظفين حاليين وسابقين في خدمة العملاء، وأعربوا عن شعور متزايد بعدم الأمان الوظيفي، مع إدماج أدوات ذكاء اصطناعي تقترح الردود وتتعامل مع الاستفسارات الروتينية بشكل مستقل.
ميغا س، البالغة من العمر 32 عامًا، كانت تكسب 10,000 دولار سنويًا في شركة برمجيات في بنغالور، لكنها فُصلت الشهر الماضي قبيل موسم الأعياد، بعد أن بدأت الشركة باستخدام أدوات ذكاء اصطناعي لمراجعة جودة المكالمات البيعية.
