الذكاء الاصطناعي يفشل في اختبارات التفكير المنطقي
17 يونيو 2025
كثيرًا ما تتسابق الشركات على الترويج للتطورات التي تحققها في الذكاء الاصطناعي، مدّعية أن أنظمتها الذكية تمتلك قدرات على التفكير والتحليل مثل البشر. لكن دراستين حديثتين كشفتا أن هذه الادعاءات بعيدة جدًا عن الحقيقة، حيث تفشل هذه النماذج في تطبيق أبسط قواعد التفكير عند مواجهة ألغاز تتطلب تسلسل منطقي في اتخاذ القرارات.
تجربة "برج هانوي"
في تجربة أجراها باحثو آبل على نموذج الذكاء الاصطناعي ضمن لغات مختلفة للتعلم العميق، تم إعطاؤه لغز "برج هانوي"، وهو لغز منطقي يتضمن ثلاثة أبراج وعددًا من الأقراص التي يجب أن يتم نقلها إلى برج آخر ضمن قواعد واضحة.
ما زال الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى قدرات التفكير المنطقي التي يتمتّع بها الدماغ البشري ويُدرج حاليًا في خانة "نسخة مقلّدة للتفكير"، وليس تفكيرًا حقيقيًا على قدر ذكاء الإنسان
حتى مع وجود 2 أو 3 أقراص صغيرة، نجح الذكاء الاصطناعي في تطبيق القواعد بشكل مقبول في البداية. لكن عند رفع درجة التعقيد إلى أكثر من 6 أقراص، عجز الذكاء الاصطناعي تمامًا. حيث ارتكب سلسلة واسعة من الأخطاء مثل تغيير القوانين والنسيان والنكوص في التحرك الصحيح.
حتى عندما تم إعطاؤه إرشادات واضحة للتنفيذ، لم يتمكّن الذكاء الاصطناعي من التركيز على المشكلة والنهاية التي يريد أن يصل إليها. وكأن قدراته على التفكير تتعطل عند وصول المشكلة إلى قدر معين من التعقيد.
تجربة أخرى ضمن مسابقات الرياضيات
كما كشف باحثون في جامعة زيوريخ أن نموذج الذكاء الاصطناعي Gemini 2.5 Pro لم يتمكّن إلا من تحقيق 24% في منافسات الرياضيات التي تتطلب برهانات كاملة ضمن مسابقات USA Mathematical Olympiad لعام 2025. في حين لم يصل نموذج o3-mini إلا إلى نسبة صغيرة جدًا (نحو 2%) في تلك المنافسات.
هذه الأرقام تؤكد أن الذكاء الاصطناعي غير قادر على التفكير خطوة بخطوة ضمن سياق منطقي، على الرغم من قدرات هذه النماذج على خلق إجابات تشبه التفكير الذكي ظاهريًّا.
أحد نقاد الذكاء الاصطناعي، الخبير جاري ماركوس، علق على هذه الأرقام قائلًا: "حتى نموذج الذكاء الاصطناعي الأقوى لم يستطع أن يتغلب على لغز صغير مثل برج هانوي، في حين يتم تدريس هذه المشكلة ضمن مواد الذكاء الاصطناعي للمبتدئين في الجامعات".
كما لاحظ الخبير شون جوديك أن المشكلة الحقيقة تكمن في طريقة عمل هذه النماذج، والتي تلجأ إلى "القفز على المشكلة"، بدلًا من أن تتبع خطى التفكير خطوة بخطوة. ويعتبر أن الذكاء الاصطناعي يصل إلى حدود قدراته عند درجة معينة، ويضطر إلى خلق حلول غير مدروسة للتغلب على المشكلة بدلًا من أن يستمر في التحليل الصحيح.

هذه الدراسات تؤكد أن الذكاء الاصطناعي الحالي يتمتّع بقدرات على خلق إجابات تشبه الذكاء، لكن دون أن يصل إلى درجة التفكير الذاتي والنضج الذهني التي يتمتّع بها الإنسان. وحتى عند إعطائه الخوارزميات والنصوص التي تساعد على التفكير خطوة بخطوة، فإنه يخفق في تطبيق تلك التعليمات ضمن سياق منطقي متسق. هذه المشكلة تنبع من طريقة عمل الذكاء الاصطناعي التي تستند إلى التعلُّم التلقائي والنماذج اللغوية، وليس إلى قدرات عقلية تشبه قدرات الدماغ البشري.
ويقترح باحثون أن الجمع بين الذكاء الاصطناعي والنطاقات الخوارزمية والنماذج التحققية قد يساعد على تجنب هذه الأخطاء في المستقبل. لكن على الرغم من التقدم السريع في قدرات الذكاء الاصطناعي على المعالجة اللغوية والنصية، فإنه ما زال يفتقر إلى قدرات التفكير التي يتمتّع بها الدماغ البشري عند التعامل مع الألغاز المعقدة والمهام التي تتطلب تخطيطًا ضمن سياق منطقي.
وحتى يتم تحقيق هذه الأهداف، سيبقى الذكاء الاصطناعي في خانة "نسخة مقلّدة للتفكير"، وليس تفكيرًا حقيقيًا على قدر ذكاء الإنسان.