06-سبتمبر-2017

الجزائريون لجؤوا لاستعمال أدوات المدارس القديمة توفيرًا للمال

يشرع التلاميذ الجزائريون في التسجيلات، الأربعاء 6 أيلول/سبتمبر، على أن يلتحقوا بمقاعد الدّراسة صبيحة يوم الأحد، ويتلقّوا درسًا موحّدًا في التاريخ عن الذاكرة التاريخية الوطنية، في إشارة من وزارة التربية، إلى أنه من مهام المنظومة التربوية تعزيز الحسّ الوطني لدى الجيل الجديد.

يبلغ عدد التلاميذ المسجلين هذه السنة بالجزائر 8.691.006 تلميذ، في الأطوار التعليمية الثلاثة. يؤطرهم 495.000

يبلغ عدد التلاميذ المسجلين هذه السنة بالجزائر 8.691.006 تلميذ، في الأطوار التعليمية الثلاثة. يؤطرهم 495 ألف معلم، من بينهم 4.878 حامل لشهادات التخرّج من المدارس العليا للأساتذة، 28.075 معلمًا جديدًا سيستفيدون من دورات تكوينية لتأهيلهم.

ورغم أن الوزارة قالت إنها هيأت الظروف اللازمة لاستقبال هذا العدد من الطلبة ومعلميهم، بتوفير 16 مليون كتاب مدرسي، و15 مليار دينار جزائري للمنح المخصصة للتلاميذ الفقراء، بالإضافة إلى مجانية التعليم والنقل والإطعام في كل الأطوار، إلا أن ظلال التقشف المالي المفروض على الحكومة والشعب معًا، بسبب هبوط أسعار النفط، الذي يشكل 97% من صادرات البلاد، راح يهيمن على قطاع واسع من الأسر الجزائرية.

اقرأ/ي أيضًا: الصم والبكم في المغرب.. مصير مجهول وحرمان من التعليم

في مدينة بودواو، 38 كيلومترًا شرق الجزائر العاصمة، ومدينة تيزي وزو، 100 كيلومتر، ومعسكر، 400 كيلومتر غربًا، عاين "الترا صوت" المكتبات المتخصّصة في بيع الأدوات المدرسية، فلاحظ ضعف الإقبال عليها، بالمقارنة مع الفترة نفسها من الأعوام السابقة.

يقول المكتبي سفيان داودي إن الكساد مسّ المحافظ والمآزر وأغلفة الكراريس والكتب، "وهذا يعني أن معظم الأسر لجأت إلى استعمال القديم منها توفيرًا للمال، فهي لا تشتري إلا المرغمة على شرائه". ما أن تناهى كلام المكتبي الجزائري إلى أسماع الحاضرين، وعلموا أن الصحافة متواجدة في المكان، حتى تركوا ما بين أيديهم وراحوا يتحدّثون دفعة واحدة، فكأنهم ينفسون عن مشكلة تؤرّقهم وتسمّم يومياتهم.

تقول أم هارون إنها مطالبة بأن تشتري الأدوات لأربعة أولاد، أحدهم مقبل على شهادة البكالوريا/الأهلية العامّة، "وراتبي مع راتب زوجي لا يكفي كلاهما لتمكيني من ذلك، لأننا خارجون من شهر رمضان وعيد الفطر قبل شهرين ونصف، ومن عطلة صيفية خرجنا فيها إلى البحر، وحضرنا فيها أعراس عائلية بكل ما يترتب عن ذلك من هدايا، ومن عيد الأضحى، حيث اضطررنا إلى شراء الكبش، تحت إلحاح الصّغار".

سابقًا، ومع دخول المدارس، كان الشارع الجزائري يعرف ظاهرة إقبال الشباب الباحثين عن عمل، على بيع الأدوات المدرسية فوق طاولات

تضيف أمّ هارون: "كانت الأعباء ستخف لو كنا مؤهلين لأن نستفيد من المنحة المدرسية. لكن القانون لا يسمح لنا بذلك، لأنهم يقولون إنني وزوجي عاملان، وهم لا يمنحونها لغير العائلات المعدمة".

تقاطعها سيدة أخرى بالقول: "في الحالات كلها فالمنحة لا تكفي. ما الذي بإمكان 300 دينار جزائري أن تفعله، 25 دولارًا، فهي لا تشتري إلا حذاء أو محفظة". سأل "الترا صوت" إن كان هناك من يلجأ إلى الاستدانة ليتغلّب على عقبة الدّخول المدرسي، فاشترك الجميع في الضّحك، كناية على أنهم جميعًا يفعلون ذلك.

في السّنوات السّابقة، كان الشارع الجزائري يعرف ظاهرة إقبال الشباب الباحثين عن عمل، على بيع الأدوات المدرسية فوق طاولات مخصصة لذلك.

وهي الظاهرة التي "عاين الترا صوت" ندرتها خلال هذا الموسم. سأل مجموعة من الشباب عن خلفية ذلك، فقال سامي (31 عامًا) إن هناك مفارقة في الجزائر هي أن الشاب الباحث عن عمل يملك من الحس الاقتصادي والتجاري ما يجعل تجاراته غير مرتجلة، "فهو يقوم بدراسة جيدة للوسط، يحدد على أساسها طبيعة التجارة الموسمية التي يمارسها".

اقرأ/ي أيضًا: "وجّهني".. موقع لمساعدة طلبة تونس الجدد على الخيار الحاسم!

يشرح مقصده: "معظم الشباب المعتادين على بيع الأدوات المدرسية في المواسم السابقة أدركوا أن حالة التقشف العامّة ستؤثر سلبًا في المبيعات، فتركوها هذا الموسم خوفًا من كسادها".

من جهته، يقول العم محفوظ في مدينة الثنية إنه سمح لولديه، 12 و14 عامًا، بأن يشتغلا خلال عطلتهما الصيفية، ببيع المأكولات الخفيفة في الشاطئ، "وهو ما جعلهما يوفران مبلغًا كافيًا لتغطية دخولهما المدرسة مع أختهما". يضيف: "ترددت كثيرًا قبل أن أسمح لهما بذلك، ثم قلت إن إحساسهما بالتعب أفضل لهما من الإحساس بالحاجة".

التقشف المالي المفروض على الحكومة والشعب الجزائري، بسبب هبوط أسعار النفط، راح يهيمن على قطاع واسع من الأسر الجزائرية

في ظل هذا الواقع، تكثف الجمعيات الخيرية من نشاطاتها الهادفة بغية مساعدة العائلات المحتاجة، بوضع سلال في المكتبات لجمع التبرعات، وتنظيم معارض تضامنية للأدوات المدرسية، تكون فيها الأسعار رمزية، أو شبيهة بأسعار الجملة على الأقل.

وهو ما فعلته "جمعية بسمة الثقافية" في محافظة بسكرة، 400 كيلومتر جنوبًا. يقول الشاعر طارق خلف الله أحد القائمين على هذا المشروع لـ"الترا صوت" إنهم تلقوا احتجاجًا من أصحاب المكتبات، الذين لا ترضيهم هذه المنافسة، "غير أن حماسنا وحماس المحسنين جعل هذه الخطوة تعمر أعوامًا". ويضيف: "لا يمكن لأسرة محدودة الدخل أن تتحمل تكاليف الدخول المدرسي بمفردها".

 

اقرأ/ي أيضًا:

في سوريا.. المدرسة في معركة السياسة والقتل

الجنوب الجزائري والبكالوريا.. لماذا المراتب الأخيرة؟