الدوحة تَرعى اتفاقًا لمراقبة وقف إطلاق النار بين الحكومة الكونغولية ومتمردي "إم 23"
15 أكتوبر 2025
وقّعت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية ومتمرّدو حركة "إم 23" المدعومة من رواندا، اتفاقًا لمراقبة "وقف دائم لإطلاق النار"، في خطوة يرى مراقبون أنها تعزّز فرص إنهاء الحرب في الشرق الكونغولي الغني بالمعادن النادرة.
وتؤدي دولة قطر دور الوسيط في المحادثات بين الفرقاء الكونغوليين، إذ استضافت الدوحة منذ نيسان/أبريل الماضي عدة جولات حوار بين أطراف النزاع، ركّزت على "الشروط المسبقة وإجراءات بناء الثقة".
وكان من المقرر أن يوقّع الجانبان في 18 آب/أغسطس الماضي اتفاق سلام شامل، إلا أنهما تخلّفا عن الموعد بسبب خلافات تتعلق بتفاصيل وقف إطلاق النار، وعلى رأسها اتفاق تبادل الأسرى الذي تم توقيعه في أيلول/سبتمبر الماضي دون أن يجد طريقه إلى التنفيذ، إضافةً إلى الخلاف حول آلية دمج مقاتلي الحركة في القوات المسلحة الكونغولية مع احتفاظهم بالسيطرة الإدارية على المناطق التي يسيطرون عليها.
وتُعدّ هاتان المسألتان الخطوتين الأخيرتين قبل إبرام اتفاق السلام النهائي، بعد التوصّل إلى اتفاق حول آلية مراقبة وقف إطلاق النار.
كان مقرّرًا أن توقع الحكومة الكونغولية وحركة إم 23 منتصف آب/أغسطس الماضي اتفاق سلام لكنهما تخلّفا عن الموعد المحدد
آلية مراقبة وقف إطلاق النار
أكد المتحدث باسم الحكومة الكونغولية باتريك موبايا توقيع الاتفاق المتعلق بآلية مراقبة وقف إطلاق النار، والتي تنص تفاصيلها على تشكيل هيئة تضم ممثلين عن الحكومة الكونغولية وحركة "إم 23" والمؤتمر الدولي المعني بمنطقة البحيرات العظمى، الذي يضم 12 دولة.
وبحسب بنود الاتفاق، الذي اطلعت عليه وكالة "رويترز"، ستُكلَّف هذه الهيئة بـ"التحقيق في التقارير المتعلقة بانتهاكات محتملة لوقف إطلاق النار"، ومن المنتظر أن تعقد أول اجتماع لها في غضون سبعة أيام من تشكيلها.
وينص الاتفاق أيضًا على مشاركة بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو في مهام الرقابة، إضافة إلى توفير الدعم اللوجستي، على أن يشارك ممثلون من الاتحاد الإفريقي ودولة قطر والولايات المتحدة الأميركية بصفة مراقبين في آلية المتابعة شرق الكونغو.
وكان زعيم حركة "إم 23" برتراند بيسيموا قد أعرب في وقت سابق عن معارضته "أيّ دورٍ عملياتي لبعثة الأمم المتحدة في مراقبة وقف إطلاق النار"، بدعوى أنها "طرف فاعل في النزاع، ويشمل تفويضها دعم جيش الكونغو".
التدخل الإقليمي والتنافس على معادن الكونغو النادرة
تتكون حركة "أم 23" المتمردة من أغلبية تنتمي إلى إثنية "التوتسي"، وتعتبرها كينشاسا مجرد ذراع عسكري لرواندا داخل أراضيها. غير أن كيغالي تنفي تلك الاتهامات التي تؤيدها تقارير الأمم المتحدة، مدّعيةً أن وجود قواتها في شرق الكونغو هدفُه ملاحقة المتورطين في جرائم الإبادة الجماعية منتصف تسعينيات القرن الماضي، ممن فرّوا نحو الأراضي الكونغولية وأسسوا هناك ما يُعرف بـ"القوات الديمقراطية لتحرير رواندا". لكنّ الكونغو ترى في ذلك مجرد ذريعة لممارسة النفوذ داخل أراضيها ونهب ثرواتها المعدنية.
وفي 27 حزيران/يونيو الماضي، وقّعت كيغالي وكينشاسا اتفاق سلام برعاية أميركية وقطرية، نصّ على وقف دعم الجماعات المسلحة، واحترام السيادة الكونغولية، والتنسيق الأمني المشترك، إضافةً إلى خطط للاندماج الاقتصادي والإقليمي.
وضمن الاتفاق، ضمنت الشركات والمستثمرين الأميركيين وصولًا إلى المعادن النادرة في شرق الكونغو، وهي معادن حيوية في الصناعات العسكرية والتكنولوجية المتقدمة. وبالنظر إلى الهيمنة الصينية على إنتاج ومعالجة تلك المعادن، تسعى واشنطن إلى تنويع مصادرها، وهو ما عكسته الاتفاقيات الأخيرة التي أبرمتها إدارة بايدن مع كلٍّ من أوكرانيا والكونغو، والتي تمنحها وصولًا مباشرًا إلى موارد البلدين من المعادن النادرة.