28-فبراير-2025
ما اختلفنا 2

نادين تحسين بك في لقطة من لوحات "ما اختلفنا 2" (ميتافورا)

يعود موسم الدراما السورية في رمضان 2025 بزخمٍ كبير، مقدمًا مجموعة متنوعة من الأعمال التي تشمل الدراما الاجتماعية، البيئة الشامية، والكوميديا. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الأعمال الـ15 التي يرصدها التقرير، قد أُنجز بعضها قبل سقوط النظام السابق، بينما استُكمل إنتاج البعض الآخر خلال الأسابيع الماضية.

هذا التداخل الزمني في الإنتاج يجعلنا نتوقّع استمرار الأنماط السردية المكررة، دون خروج واضح عن حبكات الأعمال السابقة، رغم أن الموسم الرمضاني الماضي شهد نجاحًا جماهيريًا لعدة أعمال، أبرزها "ولاد بديعة" و"مال القبان".

إنتاج السردية الدرامية ذاتها

تكشف الأعمال الدرامية السورية لموسم رمضان 2025 عن استمرار النهج التقليدي في إعادة إنتاج السرديات الدرامية ذاتها. إذ تكرّر معظم الأعمال ثيمات الصراعات التقليدية، سواء في قالب البيئة الشامية، أو الدراما الاجتماعية، وحتى في الأعمال البوليسية والتاريخية.

ورغم محاولات بعض الأعمال إضفاء لمسات عصرية على القصص، إلا أن الاعتماد المستمر على الصيغ الدرامية المتكررة، مثل ثنائية الخير والشر وصراعات الزعامة العائلية، يجعل العديد من المسلسلات تبدو امتدادًا مباشرًا لأعمال سابقة، دون تقديم رؤية سردية جديدة أو معالجة مبتكرة للواقع السوري المتغير.

رغم بعض المحاولات لإضفاء لمسات عصرية على الحكايات، إلا أن الاعتماد على الصيغ المتكررة، مثل ثنائية الخير والشر وصراعات الزعامة العائلية، يجعل العديد من هذه الأعمال تبدو وكأنها امتداد مباشر لسابقتها

كذلك، نجد أن بعض الأعمال تحاول محاكاة الواقع السوري عبر تناول قضايا النزوح والصراعات الطبقية. على سبيل المثال، من بين 15 مقطعًا ترويجيًا، وردت عبارة "مستقبل البلد" في مقطعين، الأمر الذي يطرح تساؤلًا حول مدى قدرة هذه الأعمال على تقديم معالجة صادقة وجادة لهذه القضايا، بعيدًا عن التوظيف الدرامي السطحي الذي يكتفي بإثارة العواطف دون تحليل عميق للواقع.

ما جديد الدراما السورية للموسم الرمضاني؟

حسب المقاطع الترويجية المتداولة للأعمال التي ستعرض في رمضان، يُلاحظ أن النسبة الأكبر منها تُعيد استنساخ أعمال سابقة، مع بروز مسلسل "البطل"، المستوحى من مسرحية الراحل ممدوح عدوان "زيارة الملكة"، كان قد بدأ على تحويلها إلى عمل درامي مع مخرج العمل الليث حجو في عام 2003، وبعد رحيل عدوان عام 2004 توقف المشروع، إلى أن أُعيد إحياؤه العام الماضي. ومن المتوقّع أن تكون المنافسة بين "البطل"، و"تحت سابع أرض"، جنبًا إلى جنب مع "ليالي روكسي" ونسمات أيلول" و"تحت الأرض – موسم حار".

  • الدراما الاجتماعية.. حكايات مألوفة برؤية متجددة

يُقدم "البطل" قصة اجتماعية تتمحور حول رجل يتحوّل إلى أيقونة في نظر سكان قريته، قبل أن يجد نفسه في صراع مع أحد شبان الحي الزعران. من الواضح أن العمل يطرح قصة إنسانية تسلط الضوء على دور الفرد في المجتمع، حيث يكشف المقطع الترويجي عن صراعات نفسية وخارجية معقدة. كما يبدو أن المسلسل يحاكي الواقع السوري عبر التطرق إلى قضايا النزوح الداخلي والهجرة، مما يجعله أحد الأعمال التي تستحق التوقف عندها نقديًا، نظرًا لتناوله التغيرات الاجتماعية في سوريا.

يختار "تحت سابع أرض" الإثارة والإكشن كموضوع رئيسي لقصته، متناولًا في الوقت ذاته قضية تزوير الدولار، وهي من القضايا الشائكة التي خلّفت تداعيات سياسية واقتصادية على المجتمع السوري. يبرز في العمل التركيز على الصراع بين العدالة والفساد، مما قد يجعله يدور ضمن إطار الحكايات المتكررة على الشاشة الصغيرة. ومع ذلك، فإن المسلسل يُعد التعاون الثالث على التوالي بين سامر البرقاوي، عمر أبو سعدة، وتيم حسن، كما أنه التعاون الثاني الذي يجمع كاريس بشار وأنس طيارة مع الفريق نفسه، وهي أسماء تجذب المشاهد العربي، قبل السوري.

يُعد "نسمات إيلول" العمل الثالث على التوالي الذي يجمع بين علي معين الصالح ورشا شربتجي، بمشاركة يزن شربتجي في الإخراج. وفقًا للمقطع الترويجي، يصوّر المسلسل في قالب كوميدي الحياة الاجتماعية المعاصرة، متناولًا العلاقات الإنسانية وهموم سكان الريف، بالإضافة إلى القضايا اليومية التي تواجه الشباب وكبار السن والتحديات الحياتية المختلفة. ومع ذلك، قد يواجه العمل تحديًا فيما يتعلق بمدى واقعيته، خاصة إذا لم يعكس التغيرات المعاصرة في حياة الشباب أو اكتفى بإعادة تقديمها في إطار كوميدي مكرر.

يجمع "قطع وريد" بين التشويق والإثارة في قالب الجريمة المعاصرة، ويتميز بعنصر الغموض والصراع والخيانة، وفقًا لما يكشفه المقطع الترويجي. تدور أحداثه حول حادثة قتل في قرية "المفرق" المتخيلة، حيث يقود التحقيق في الجريمة إلى كشف أسرار غير متوقعة. وتشير بعض اللقطات إلى أن العمل يجري في سوريا ما بعد عام 2011، مما يمنحه بُعدًا زمنيًا خاصًا. يبدو أن صناع المسلسل يسعون إلى تقديم عمل بوليسي بنكهة سورية، لكن يبقى السؤال: هل سيتمكن من تقديم قصة متماسكة خالية من الثغرات الدرامية؟ وهل سينجح في جذب المشاهد وسط زخم الأعمال المعروضة على منصات البث التدفقي؟ أسئلة ستجيب عنها بالتأكيد حلقات المسلسل.

يطرح "صولو" نفسه في سباق الموسم الرمضاني كخماسية اجتماعية تتمحور حول فتاة موسيقية تسعى لتحقيق أحلامها وسط تحديات المجتمع. يركز العمل على الصراعات النفسية والعاطفية والعلاقات الأسرية، بينما تدور أحداثه في مرحلة ما بعد عام 2011. يبقى نجاح المسلسل مرهونًا بقوة السيناريو ومدى قدرته على بناء شخصيات متماسكة وخلق حالة درامية تتناول قضية رئيسية تحمل بُعدًا إشكاليًا في السياق المجتمعي.

بعد "شارع شيكاغو"، يعود محمد عبد العزيز بتجربة مشابهة عبر "ليالي روكسي"، الذي تدور أحداثه في عشرينيات القرن الماضي حول كواليس صناعة أول فيلم سينمائي سوري عام 1928، في ظل الاحتلال الفرنسي. يبدو أن جوان خضر سيبرز في دور بدري، أحد أوائل صانعي الأفلام في سوريا. ومع ذلك، يواجه العمل تحديًا مختلفًا؛ إذ بينما يسعى إلى تسليط الضوء على مرحلة مفصلية في تاريخ السينما السورية، فإنه قد يقع في مأزق عدم الدقة التاريخية، كما حدث مع "شارع شيكاغو"، الذي تعرض لانتقادات لافتقاده للدقة التاريخية.

يسعى "تحت الأرض – موسم حار" إلى تقديم عمل اجتماعي بطابع شامي غير كلاسيكي، لكنه يظل محصورًا في سرديات الصراعات التقليدية بين التجار والعائلات النافذة. تدور أحداثه حول عائلة تحتكر تجارة التبغ وتحاول منع عائلة منافسة من الصعود، ما يؤدي إلى اندلاع حرب داخل سوق التبغ. ورغم التكلفة الإنتاجية العالية وجاذبية هذا النوع من القصص للجمهور، إلا أن العمل يبدو وكأنه إعادة إنتاج لحكاية معروفة، حيث يتم تقديم القصة في قالب درامي يعيد توزيع الأدوار دون أن يخرج عن إطار التكرار.

  • الدراما الشامية.. هل ما زالت صالحة للعرض؟

تُعد أعمال البيئة الشامية من الأنماط المفضّلة لشركة قبنض، لصاحبها رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب السابق محمد قبنض، التي تستمر في تقديم هذا النمط الدرامي، وهذه المرة عبر مسلسل "العهد". تدور أحداث المسلسل في فترة الحكم العثماني، لكنه لا يخرج عن الكليشيهات المعتادة لهذا النوع من الأعمال، حيث تتكرر ثنائية الصراع التقليدية بين الخير والشر على زعامة الحارة، ويتخللها النزاعات الداخلية بين الأهالي، وصراعات أخرى خلف الأبواب المغلقة، أبرزها الصراع بين الضرتين. تبدو الأحداث متوقعة والمشاهد مألوفة، إذ يعيد العمل طرح الصراع الأزلي بين الخير، ممثلًا في شخصية البطل ضد الجميع، بما فيهم العسكر العثماني.

لا يختلف "بنات الباشا" كثيرًا في قصته عن "العهد". القصة ذاتها تروى بطبقة مختلفة مع التركيز على صراع النساء، أحد أهم العناصر التي ثبتها شيخ الكار الراحل، بسام الملا، منذ "أيام شامية". المختلف في "بنات الباشا" عن "العهد"، أن سعد مينة يؤدي في الأول دور الشخصية الشريرة، بينما يكون في الثاني واحدًا من الشخصيات التي تواجه الشر بأشكال مختلفة. أعتقد أنه مع "العهد" سيكونان خارج سباق الموسم الرمضاني، لكنهما ضروريان في ظل طلب السوق على هذا النوع من الأعمال.

يستمد "السبع" زحمه من نجاح تجربة باسم ياخور في مسلسل "العربجي" العام الماضي، لكن مدى نجاحه يظل محل تساؤل لتشابهه مع "العربجي". بالعموم، شهدت الفترة الأخيرة طفرة في إصدارات نماذج الذكاء الاصطناعي المطوّرة، وإذا أسقطنا ذلك على "السبع"، فسنجد أنه بمثابة النسخة الثالثة الأكثر تطورًا أو تحديثًا من "العربجي 2". في الواقع، ينطبق هذا الأمر على غالبية الأعمال السورية لهذا العام.

  • الكوميديا.. هل ما زال للضحك مكان؟

يمكن تصنيف "ما اختلفنا 2" كدراما مشتركة، رغم أن معظم طاقم التمثيل من الجنسية السورية. تؤكد شركة ميتافورا، الجهة المنتجة للمسلسل، أنه يواصل "تقديم نقد اجتماعي يعكس هموم الإنسان العربي بأسلوب فكاهي قريب من الواقع"، معتمدًا على "كوميديا الموقف". هذا ما يجعلنا نترقب حلقات الموسم الثاني لنحكم على مدى نجاح هذا العمل الكوميدي الذي شبهه النقاد بسلسلة الكوميديا الاجتماعية الشهيرة "بقعة ضوء".

تدور أحداث "يا أنا يا هي" حول سيدة أردنية تملك منزلًا في دمشق، وبعد فقدانها الذاكرة تتبدل الأدوار بينها وبين خادمتها تقود إلى سلسلة من الأحداث الكوميدية غير المتوقّعة، كما يُعرف صُناع العمل، لكنني أعتقد أنها متوقّعة، ما يجعل نجاحه مرهون بعدة عناصر، في مقدمتها تقديم كوميديا جديدة لا تكرر ما سبقها.

  • الأعمال المشتركة بعمل واحد

يسجل الموسم الرمضاني عودة الكاتبة إيمان سعيد إلى المشهد الدرامي في العمل اللبناني السوري "نَفَس". اللافت أن شارة المسلسل التي تؤديها، عبير نعمة، حظيت بتفاعل لدى الجمهور، ما يجعله من الأعمال المرتقبة. يدور المسلسل في قالب مشابه هو الآخر، قصة حب بين فتاة فقدت نظرها تحصل على دعم من لاجئ سوري، يتدخل والد الفتاة لمنع تطور العلاقة إلى قصة حب. قصة مشابهة لـ"نظرة حب" الذي عُرض في الموسم الرمضاني الماضي، ومألوفة إلى حد ما، لكنها تختلف في السرد طبعًا.