18-يونيو-2017

جيمي دورهام/ أمريكا

تخيلي معي

ما بإمكان ألف يومٍ من البردِ والانكسار والوحدة، أن تفعل بقلبٍ وحيد

قد مضى ألف يومٍ يا حبيبة

من السماء المكفهرة، والإله الغائب

من الحظ العاثر في وجه طفولية الأمنيات.

ألف يومٍ يمتلئ بكل الوجوه الافتراضية، والأماني والقصائد التي لم تصنع على أقل الحبِّ "قُبلةً تحت المطر"

أيعنيكِ كل هذا التعب؟

أيغريكِ الحنين إلى وجهٍ كان يشبه معرضًا لأحد الرسامين المجانين

صار عاريًا من نفسه، وافتراضيًا ككل الراكورات من حوله.

وجهًا يحتمل كل الوجوه، ولا يذكر شكله.

مسرحيًا إلى درجة أن لا يُصدَّق.

*

 

لكنّي أريد أن أكتب.. فأنا أشعر بالصدأ، والقلب أيضًا يشعر بالصدأ.

رغم أن الشمس لم تظهر منذ أكثر من خمسة أيام، والمطر يلسع الوقت، حتى صار كل شيء مبتلًا ما عدا القلب.

أريد البوح بالكثير، الخوض في كثيرٍ من التفاصيل، وكتابة الأمنيات على شكل قصيدة، والحلمَ أغنيةَ زجل

لكنّه وكأن جدرانًا من الإسمنت قد شُيدت حول رأسي، حتى لا أكاد أقدر على التفكير.

إنه العجز، سبق وأن قرأت عنه، وسمعته في آنين الكثيرين، بعد أن قررت الحرب أن تقتصَّ من بلادي، بسبب الإفراط في صناعة العِطر، فكان لا بدَّ من حرق كل شيء.

هذا العجز الذي لجم الكثيرين بنيره، قد استولى عليَّ.

لست وحدي، نعم، لكن يجب لهذا أن لا يستمر.

دائمًا ما راهنت على سطوة الكلمات وخلودها، وأنهُ بعد أن يفنى كل شيء، لن يبقى سوى بعض الرقوق، التي تختصر كل شيء في بضع كلمات أو رموز.

ومن أجل خلود الكلمات أريد أن أكتب، لا لكي أخلد ما كتبت، إنما لآن للخلود ذاك البريق الهادئ، يغريكَ ويأخذك إليه، بكامل الإيمان. تجد نفسك تُدمن الخوض فيه، حتى تصير في آخر الأمر حرفًا لا يقبل العلّة، ينشب نفسه في منتهى الصدق أهزوجةً على خاصرة النهر والدالية.

*

 

لم يقتلنا الغياب بعد. صدّقيني، لكنه أخفى ملامحنا.

صرنا دونَ وجهٍ واضح، أو معنى، كفوجٍ طويلٍ من البهائم

نلوك التفاصيل التي لا تُغني عن الروح.

هكذا فقط، بعد أن فشل الصدى في استيعاب صيحاتنا،

وصار النداء زلزالا. صار محتومًا بأن نحيا صامتين بدون ثورة.

أن ننتشي من ذكرياتنا، فقط. ككل الشعوب التي فقدت الشمس عنوةً

وصارت غير معنيةٍ بالضوء.

لم يقتلنا الغياب بعد.. لكننا صرنا نواري الأيام بالشهقات، ورذاذ الربو

ونرى الغد كابوسًا. وموسمًا طويلًا من الجنائز

نبحث تحت أي فنجانٍ مقلوب عن أثر الحياة، عن كل شيء ليس يوجد.. على الأقل فوق الأرض، بعد أن ابتلعه الزلزال

كـ أتلانتس، ستصير شمسنا أسطوريةً، ولا تُصدَّق.

*

 

 

أنا خائفٌ من الحبّ

ذلك الحب.. ترعاه المسافات الطويلة، خطوط الإنترنت، وسماءات العالم الافتراضي.

أنا خائفٌ منكِ

من كل هذا الهدوء، يسبق الحبّ..

في عينيكِ

أنا خائفٌ من السّقوط

من عرف السقوط حبًّا

فهِم الألم.. وصعوبة الحُلم بعد الهاوية

أنا خائفٌ من الرّؤى

رأيت في الأمس سيدةً تبيع الفال

قالت:

ستموت شبقًا.

أنا خائفٌ من الحبّ.. منكِ.. من السقوطِ.. الرّؤى..

وأنا أحبّكِ خائفًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصورة التي انتظرتها الأم

مسحور برهبة الوقوف أمام جثته