بعد أن رجّحت التوقّعات إعلان القاضي، نواف سلام، تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة خلال الساعات المُقبلة، يبدو أن الأمور أصحبت أكثر تعقيدًا في ظل ما تم تداوله داخل الأوساط اللبنانية عن تمسك رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بتسمية الثنائي الشيعي للوزير الخامس، في الوقت الذي أصر سلام على أن يتم تسمية هذا الوزير من قبله بالاشتراك مع الرئيس جوزاف عون.
خلاف على تسمية الوزير الخامس
توجهت الأنظار اليوم الخميس عمليًا إلى قصر بعبدا الذي استضاف لقاءًا ثلاثيًا جمع الرئيس عون مع سلام وبري، وهو ما كان يرجّح التوصل لاتفاق على إعلان تشكيل الحكومة اللبنانية، لكن الخلاف وفقًا لما تداولته وسائل الإعلام اللبنانية كان حول تسمية الوزير الشيعي الخامس في الحكومة. المعطيات الأولية تفيد بأن سلام تمسك بتسمية رئيسة معهد باسل فليحان المالي، لمياء مبيض، كوزيرة للتنمية الإدارية، وهو ما قوبل برفض من بري الذي يمثل الثنائي الشيعي، مصرًا على أن تكون هذه الحقيبة للقاضي عبد الرضا ناصر.
وفي ظل هذا المشهد المعقّد، تداولت الأوساط اللبنانية أن بري غادر قصر بعبدا من الباب الخلفي، وهو ما يدل على رفضه تسمية مبيض في الحكومة، ووفقًا للمعطيات المتاحة، فإن بري رد على سلام بالقول: "أعملها حكومة مبيض"، بحسب ما أفاد "تلفزيون الجديد". أما بالنسبة لسلام الذي غادر من الباب الرئيسي لقصر بعبدا، فإنه اختصر الرد على نتائج الاجتماع بالقول: "مشي الحال وما مشي الحال"، وفقًا للوكالة الوطنية للإعلام.
جرى خلال الأيام الماضية تداول توليفة من الأسماء المتفق عليها ما أعطى انطباعًا أوليًا أن تشكيل الحكومة في طريقه إلى الحلحلة، خاصة بعد إصرار حركة أمل على التمسك بحقيبة المالية
خلال الأيام الماضية جرى تداول توليفة من الأسماء المتفق عليها ما أعطى انطباعًا أوليًا أن تشكيل الحكومة في طريقه إلى الحلحلة، خاصة بعد إصرار حركة أمل على التمسك بحقيبة المالية.
وبحسب المعلومات التي أفادت بها وسائل إعلام لبنانية، فإن حزب القوات اللبنانية، أكبر الكتل البرلمانية، حصل على أربع حقائب وزارية ممثلة بالخارجية، بالإضافة إلى الطاقة والاتصالات والصناعة أو الاقتصاد، ومثلها كان نصيب الثنائي الشيعي ممثلًا بالمالية والصحة والبيئة والعمل، فيما بقيت وزارة التنمية الإدارية تتأرجح بين الثنائي الشيعي والقوات اللبنانية.
مواقف متباينة
حتى لحظة إعداد التقرير تبدو المواقف اللبنانية متباينة بشأن الحكومة اللبنانية الجديدة، فقد أفادت تقارير بأن الاجتماع الذي جمع بين قياديين من حزب الله وحركة أمل قد خلص إلى التأكيد على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية، وذلك بالنظر "لما يرتبط به من أمور حساسة وأساسية"، ربطتها قيادة الثنائي الشيعي بالخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، وإعادة إعمار القرى والمدن التي دمرها العدوان الإسرائيلي.
وفي المقابل جدد القوات اللبنانية موقفه من تشكيل الحكومة بالتأكيد على تمسكه بثلاثة جوانب أساسية حصرها بـ"البيان الوزاري وضرورة خلوه من أي التباس يبقي النصوص الرسمية مخالفة للدستور"، بالإضافة إلى وضع الضوابط اللازمة لمنع استخدام وزارة المالية لتعطيل الوزارات الأخرى وأعمال مجلس الوزراء والإصلاح والتدقيق"، وكذلك التشديد "على أن تكون الحكومة الأداة التنفيذية لتنفيذ الدستور والقرارات الدولية والإصلاحات المطلوبة".
تسمية الوزير الخامس للثنائي الشيعي التي تسبّبت بعدم الإعلان عن ولادة الحكومة، تطرق إليها النائب التغييري، مارك ضو، في تدوينة على منصة "إكس" سارع إلى كتابتها بعد تسريبات الخلاف بين سلام وبري، والذي رأى أن "نواف سلام أول رئيس حكومة بعد الطائف لم ينكسر لرئيس مجلس النواب"، مضيفًا أنه "لم يسمح له بأن يسلمه أسماء الوزراء الشيعة في قصر بعبدا. هذه المرة هو من أعطاه الأسماء في بعبدا. فصعق برّي وغادر الاجتماع".
"عاد اللبنانيون إلى قراهم الخالية من معالم الحياة، مشوا فوق طرقات باتت غير معبّدة، شمّوا هواء بلادهم ولمسوا ترابها، سبح بعضهم في بحر الناقورة المحاذية للحدود الإسرائيلية رغم برد كانون، جلسوا فوق ركام بيوتهم التي هدمها الاحتلال، وانتشل الكثير منهم الشهداء من تحت الركام".
تقرير… pic.twitter.com/0uJjAJzVMO— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 27, 2025
أما بالنسبة للتيار الوطني الحر، فقد انعكس موقفه على لسان رئيسه، جبران باسيل، الذي فضّل في سلسلة تدوينات على منصة "إكس" نشرها قبل يومين الوقوف على الحياد. وهذا الحياد يمكن تلخيصه بقوله: "بوضوح لسنا حلفاء للثنائي الشيعي لكي نعمل معهم على تطيير الحكومة، ولسنا كذلك حلفاء مع ما بقي من المعارضة لكي نعمل معها على ذلك، نحن لسنا حلفاء مع أحد ولسنا أعداء مع أحد".
كما طالب التكتل الوطني المستقل في بيان مشترك بأن "تكون معايير تشكيل الحكومة واضحة وموحدة، فيتم التعامل مع الجميع بمساواة، وفق أسس الدستور والميثاق الوطني، لا وفق الأهواء والمزاجية السياسية"، مؤكدًا أنه لن يكون في "موقع المعطّل والعائق أمام إنتاج الحكومة"، ومشددًا على أن "لبنان بحاجة إلى حكومة عادلة، متوازنة، تعكس إرادة اللبنانيين جميعًا، لا حكومة تصفية حسابات سياسية أو مصالح فئوية ضيقة".
وأمام كل هذه المعطيات تشير تقارير منفصلة إلى أن الولايات المتحدة تصر على عدم تمثيل حزب الله في الحكومة الجديدة، بينما ترى أوساط لبنانية أخرى أن هذا الرأي غير صحيح، لكن هذه المعطيات تبقى في خانة التقارير دون أن يكون هناك تأكيد أو نفي لها. بينما يبقى الأمر الأكثر وضوحًا إصرار سلام على عدم منح الثنائي الشيعي تسمية الوزير الخامس منعًا لحصوله على الثلث المعطل، في الوقت الذي تربط تقارير بعدم توجه لبنان للإعلان عن الحكومة الجديدة قبل وصول المبعوثة الأميركية، مورغان أورتاغوس، إلى بيروت.