09-مايو-2023
Getty

ارتفاع مستوى التوتر بين واشنطن وبكين جاء بعد إسقاط منطاد صيني حلق فوق الولايات المتحدة (Getty)

وجّه وزير الخارجية الصيني تشين جانغ دعوة إلى الولايات المتحدة بضرورة استقرار العلاقات بين البلدين، وذلك على خلفية ما وصفها بـ "أفعال وأقوال خاطئة من جانب الولايات المتحدة تجاه الصين" أعقبت لقاء الرئيسين الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ في جزيرة بالي الإندونيسية قبل 7 أشهر تقريبًا، وجاءت دعوة الوزير الصيني على هامش لقاء جمعه بالسفير الأمريكي لدى بكين نيكولاس بيرنز، أمس الإثنين.

تتحدث تقديرات عن إمكانية زيارة وزير الخارجية الأمريكي لبكين خلال الفترة المقبلة 

وبحسب الوكالة الصينية للأخبار قال وزير الخارجية الصيني خلال لقائه السفير الأمريكي "إن العلاقات الصينية – الأمريكية تحمل أهمية كبيرة ليس فقط للبلدين وإنما أيضا للعالم، مشيرًا إلى التوافق المهم الذي تم التوصل إليه خلال اجتماع الرئيس الصيني شي جين بينغ، مع نظيره الأمريكي جو بايدن، في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بجزيرة بالي الإندونيسية".

وأردف جانغ: "ومع ذلك، فإن سلسلة من الكلمات والأفعال الخاطئة التي قام بها الجانب الأمريكي منذ ذلك الحين أدت إلى تقويض الزخم الإيجابي الذي تحقق بشق الأنفس في العلاقات الصينية-الأمريكية، كما أدت إلى عرقلة جدول أعمال الحوار والتعاون المخطط له وفتور العلاقات الثنائية مجددًا".

Getty

وأضاف الوزير الصيني بأن "الأولوية القصوى تكمن في استقرار العلاقات الصينية-الأمريكية وتجنب دوامة التراجع ومنع وقوع حوادث بين الصين والولايات المتحدة"، معتبرًا في هذا السياق أنه "ينبغي أن يكون هذا هو التوافق الأساسي بين البلدين وأيضًا الحد الأدنى الذي يجب التمسك به في التعامل مع العلاقات بين الدول، خاصة العلاقات بين دولتين رئيسيتين".

وأضاف تشين أن الصين "ستتبع مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، والتي اقترحها الرئيس شي جين بينغ، في التعامل مع العلاقات الصينية-الأمريكية"، حاثًا الولايات المتحدة، حسب وكالة الأنباء الصينية "على التفكر بعمق والعمل مع الصين لإعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح".

كما دعا وزير الخارجية الصيني، الولايات المتحدة "إلى ضرورة التوقف عن تقويض سيادة الصين ومصالحها الأمنية والتنموية، والتعامل بشكل صحيح مع مسألة تايوان على وجه الخصوص، والامتناع عن تفريغ مبدأ صين واحدة، والتوقف عن دعم القوى الانفصالية الساعية ’لاستقلال تايوان’ أو التواطؤ معها".

وأضاف أنه ينبغي التعامل مع الحوادث العرضية في العلاقات الثنائية بهدوء ومهنية وبطريقة براغماتية لتجنب حدوث مزيد من الصدمات في العلاقات الصينية-الأمريكية.

وفي ختام اللقاء مع السفير الأمريكي لدى بكين أعرب تشين جانغ عن أمله في أن يكون للسفير نيكولاس بيرنز "المزيد من الاتصالات والمزيد من التبادلات والمزيد من التفكير في الصين، وأن يبذل جهودًا بنّاءة ليكون بمثابة جسر تواصل بين الصين والولايات المتحدة".

أصوات من تحت الركام

وتزامنت هذه التصريحات مع بدء وزير الخارجية الصيني تشين غانغ، أمس الإثنين، جولة أوروبية تشمل ألمانيا وفرنسا والنرويج، في وقت تسعى فيه بكين، حسب متابعين، للتقارب مع أوروبا في ظل توتر في العلاقات مع واشنطن، وأداء دور الوسيط في حرب أوكرانيا.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين أعلن أنه "بدعوة من وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ووزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، ووزيرة الخارجية النروجية أنيكن هويتفلدت، سيقوم الوزير تشين جانغ بزيارة ألمانيا وفرنسا والنروج بين 8 و12 أيار/مايو الجاري".

ولم تقدّم الخارجية الصينية تفاصيل إضافية حول جدول الزيارة التي تأتي عقب سلسلة لقاءات على مستوى كبير بين المسؤولين الصينيين والأوروبيين، آخرها لقاء ماكرون رفقة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالرئيس الصيني في بكين نيسان/إبريل الماضي، وهي زيارة أثارت الكثير من الأمور وكشفت جانبًا من توتر العلاقات الأوروبية الأمريكية.

يمثل الاجتماع أحد أعلى مستويات اللقاءات بين المسؤولين الأمريكيين والصينيين منذ توتر العلاقات في شباط/ فبراير بعد ظهور منطاد صيني على فوق الولايات المتحدة وإسقاطه لاحقًا من قبل الجيش الأمريكي. وفي حينه، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن الصين استخدمت المنطاد في التجسس. وأصرت بكين على أن المنطاد كان منطادًا مدنيًا خرج عن مساره، واتهمت الولايات المتحدة بالمبالغة في رد فعلها.

وعقب سقوط المنطاد، قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بإلغاء زيارته إلى الصين، مما فتح موجة من الخطابات المعادية، بالإضافة إلى نشاط الصين بين حلفاء واشنطن في أوروبا، حيث ظهرت أبرز أزمات هذه القضية مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بكين.

ويأتي الاجتماع بين تشين وبيرنز بعد أشهر من الجهود الفاشلة التي بذلتها الولايات المتحدة لإعادة التواصل مع الصين، وعقب أيام من حديث بلينكن عن قدرته على إعادة جدولة زيارته إلى بكين.

وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، قال السيد بيرنز إن الولايات المتحدة والصين بحاجة إلى "قنوات أعمق" للتواصل وأن واشنطن "مستعدة للتحدث".

يمثل الاجتماع أحد أعلى مستويات اللقاءات بين المسؤولين الأمريكيين والصينيين منذ توتر العلاقات في شباط/ فبراير بعد ظهور منطاد صيني على فوق الولايات المتحدة

من جانبه، قال المسؤول السابق عن الصين في مجلس الأمن القومي في كل من إدارتي بوش وأوباما، بول هينلي: إن اللقاء علامية إيجابية، مشيرًا إلى أن الاجتماع سيكون في صالح تشين عندما يزور أوروبا، بعد دعوات العواصم الأوروبية لتخفيض التوتر بين واشنطن وبكين.