25-يوليو-2015

من صفحة الفرقة على فيسبوك

بكلمات تتخطى حدود اللغة، ومفردات متمردة تكسر السائد، وموسيقى تطغى على قوالب موسيقى العام الفارغة، أصبح للموسيقى العربية البديلة مكانة في الحياة اليومية للشباب العربي. حلّت الكلمات المرتجلة العنيفة والجمل الموسيقية الصاخبة محل القوالب الجاهزة، لأن الجماليات الموسيقية والفنية طرأت عليها متغيرات، تناغمت مع المتغيرات السياسية والاجتماعية منذ التسعينات حتى اللحظة الراهنة، جعلت من الموسيقى ناقمةً أيضاً على الوضع السائد، الراكد حيناً والمتفجر بعنف حيناً أخر. ما أدى إلى ظهور فرق موسيقية شبابية عديدة في منتصف هذا العقد، عمادها الأساسي الكلمة المنفجرة والإيقاع الصاخب. 

طنجرة ضغط فرقة موسيقية سورية، أصدرت ألبومها الأول منذ عامين، ورصيدها من الحفلات الفنية الجماهيرية كبير وبازدياد. في بيروت، في شارع الحمراء تحديداً، ومن قلب الضغط اجتمع ثلاثة شبان هم: طارق خلقي وداني شكري وخالد عمران.. ليكتبوا ويؤلفوا ويضبطوا إيقاعهم على إيقاع الضغط الذي نعيشه، في أماكن لم تعد توّلد إلاّ الضغط النفسي والاجتماعي والسياسي. كما جاء في كلمات أغنية تحت الضغط، وهي إحدى أغاني ألبومهم الوحيد "180 درجة"، وأكثر أغانيهم انتشاراً بين جمهورهم، والتي تقول كلماتها: "بقلب البيت شخص مضغوط، برات البيت رقم مزبوط.. بعيون الناس مافي إحساس.. وهاد الراس من الحكي مرضوض". 

 اسم فرقة "طنجرة ضغط" نابع من الضغط الاجتماعي والسياسي

الأغنية التي صُورت في فيديو كليب، صُدرت على أنها تحمل زبدة الرؤية الفكرية والفنية لفرقة "طنجرة ضغط"، حيث حلّ فيها الضغط الاجتماعي والنفسي والجنسي والسياسي والرأسمالي، وضغط الأم وضغط الدم. هذه الضغوطات التي جاءت الفرقة على ذكرها في آخر هذه الأغنية، بدت كحالة ضغط فردي اعتباطي، ينفث عنه أعضاء الفرقة مع معجبيهم من خلال مسدس الماء الذي يلعب به الأطفال، كما يظهر في الكليب، وهنا نقف عند معنى تلك الضغوطات التي يشعر بها الشبان الثلاثة، حيث نقف كمتلقين لموسيقاهم أمام ضغوطاتهم الفردية الخاصة، المخالفة لما تمر به الأمة عموماً، وسورية خصوصاً.

لم تخرج الثيمة الموسيقية عن ضغوط كل فرد من أفراد الفرقة، متناسين أنهم سموا أنفسهم بطنجرة ضغط معلنين على لسان خالد عمران، وهو مؤلف كلمات أغاني الفرقة وعازف غيتار بيس ومغني فيها. أنه اسم نابع من الضغط الاجتماعي والسياسي، حيث يرى عمران بأن الإنسان موجود ليفعل شيئاً في هذا العالم، وليس ليأكل ويشرب وينام فقط. بهذه الجملة عرف خلاصة عمله الفني الأول مع الفرقة، يريد منها إيصال المغزى المرجو للمستمعين، متناسياً أن مثل هذه الكلمات قد تجاوزها الوعي الجمعي، وأن الناس تعرف جيداً أنها لا تعيش للأكل والشرب فقط، لعله كان مخطئاً عندما اختصر هموم الناس اليوم بجملته القصيرة الاستعلائية؟

يضيع أفراد فرقة "طنجرة ضغط" بين جدية إحساس الضغط الفعلي، والذي يبرر لهم تسميتهم، وبين تمييع الكلمة المحكية المكررة التي أرادت أن تكون هامشاً وتحولت بفعل الضغط إلى فراغ منسي

يضيع أفراد فرقة "طنجرة ضغط" بين جدية إحساس الضغط الفعلي، والذي يبرر لهم تسميتهم، وبين تمييع الكلمة المحكية المكررة التي أرادت أن تكون هامشاً وتحولت بفعل الضغط إلى فراغ منسي. ومن الجدير بالذكر أن طنجرة ضغط اعتمدت ارتجال الكلمة ووضعها ضمن ذائقتها الموسيقية الخاصة، ما أدى إلى تبسيط مشاكلنا الفعلية العالقة من خلال إنتاج، أو طبخ، موسيقى عبثية، كما يسمونها الفرقة. 

وبدوري أشفق على رأسي المضغوط وأسأل: هل هذا يتناسب هذا الضغط، في منطقه، مع كآبة السوريين المطبوخين بطنجرة ضغط لا متنفس لها؟

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

خبز دولة.. موسيقى بهيئة رغيف

النوبة التونسية... أيقونة موسيقية ورسائل سياسية