كثّفت القوات الأميركية العاملة في المنطقة من هجماتها الجوية ضد الحوثيين في اليمن، حيث استهدفت مساء الجمعة عدّة محافظات، من بينها العاصمة صنعاء، ومحافظتا الجوف وصعدة شمالي البلاد.
وجاءت هذه الموجة الجديدة من الغارات بعد الضربة الأميركية على ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، والتي وُصفت بأنها الأكثر دموية منذ بدء الحملة العسكرية الأميركية على اليمن في منتصف آذار/مارس الماضي، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 80 يمنيًا من موظفي وعمال الميناء، بحسب معطيات وزارة الصحة اليمنية.
وبحسب وكالة "الأناضول"، ارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين جراء الغارات الأميركية إلى 205 قتلى، إلى جانب نحو 500 مصاب. ولا تشمل هذه الإحصائيات القتلى والمصابين من المقاتلين الحوثيين أو غير المدنيين.
ادّعى مركز القيادة الأميركية أنّ هدف الغارات على ميناء عيسى هو ضرب القدرات الاقتصادية للحوثيين دون أي تعليق على العدد الكبير من القتلى
قصف متواصل وتصعيد عسكري أميركي ضد الحوثيين في اليمن
بحسب ما أوردته قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، نفذت المقاتلات الأميركية ما لا يقل عن 15 غارة جوية ليلة البارحة، استهدفت مديريتي السبعين وبني حشيش في العاصمة صنعاء. كما طالت أربع غارات مناطق برط العنان، وخب، والشعف في محافظة الجوف، بينما استهدفت ثلاث غارات محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للحوثيين.
ولم تورد القناة أي تفاصيل إضافية حول طبيعة الأهداف التي طالتها الغارات أو حجم الخسائر الناتجة عنها، بما في ذلك عدد الضحايا.
الغارات الدموية على ميناء رأس عيسى
شهد ميناء رأس عيسى، الواقع على ساحل البحر الأحمر في محافظة الحديدة، أعنف الهجمات الأميركية منذ بدء العمليات العسكرية على اليمن، حيث استهدفت الغارات محطة وقود في الميناء، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصًا، وإصابة 171 آخرين، بحسب وزارة الصحة اليمنية في حكومة الحوثيين.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن الغارات استهدفت قطع أحد مصادر تمويل الحوثيين عبر الوقود، مشيرة إلى أن الميناء يُعد نقطة محورية لواردات المحروقات. ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أميركية أن الميناء يُستخدم من قِبل عناصر مسلحة تابعة للحوثيين، ما يجعله هدفًا ذا أهمية استراتيجية.
وأكدت تلك المصادر أن من بين القتلى موظفون في شركة "صافر" النفطية وشركة النفط اليمنية، المسؤولة عن تنظيم واردات الوقود وتوزيعها. ولم تُدلِ القيادة المركزية الأميركية بتعليق على أعداد الضحايا، مكتفية بتصريح مقتضب عبر منصة "إكس"، قالت فيه إن الغارات تهدف إلى "شلّ الشريان الاقتصادي للحوثيين الذين يستغلون موارد الشعب اليمني".
استمرار التصعيد وتوسيع الأهداف
سبق للولايات المتحدة وإسرائيل أن استهدفتا ميناء رأس عيسى، باعتباره قاعدة لانطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ الموجهة ضد السفن. وتبلغ قدرة الميناء التخزينية نحو 3 ملايين برميل، وتؤكد مصادر مطلعة أن الضرائب على واردات الوقود تُدرّ مئات الملايين من الدولارات على إدارة الحوثيين سنويًا.
ورغم سيطرة الحوثيين على نحو 25% فقط من الأراضي اليمنية، فإن هذه المناطق تضم أكثر من 70% من سكان البلاد، وتقع في مواقع استراتيجية تطل على البحر الأحمر والمياه الإقليمية. ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، بدأ الحوثيون تنفيذ عمليات دعم للمقاومة الفلسطينية في غزة، عبر استهداف سفن مرتبطة بإسرائيل، وتوسعت تلك العمليات لاحقًا لتشمل ضربات داخل الأراضي الإسرائيلية.
وقد علّق الحوثيون هجماتهم البحرية خلال فترة وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، والذي دام شهرين، لكنهم استأنفوا أنشطتهم مع انهيار الاتفاق بعد انقلاب الحكومة الإسرائيلية عليه.
ترامب يعلن "تغيير المهمة" في اليمن
في تطور لافت، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الشهر الماضي، إطلاق حملة عسكرية جديدة ضد الحوثيين في اليمن، بدأت تحت ذريعة حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، قبل أن يعلن لاحقًا أن هدفها هو "القضاء على الحوثيين".
وفي مؤشر على تصعيد محتمل، دفع البنتاغون هذا الأسبوع بحاملة الطائرات "كارل فينسون" إلى بحر العرب، لتعزيز الحاملة "هاري ترومان" الموجودة بالفعل في البحر الأحمر. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمهد لاستمرار الحملة لفترة أطول، كما تحمل رسالة تحذير إلى إيران، التي تتهمها واشنطن بدعم الحوثيين.
ويأتي هذا في وقت تهدد فيه كل من إسرائيل والولايات المتحدة بشن عمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، إذا فشلت المحادثات الجارية في التوصل إلى اتفاق جديد.