10-أبريل-2025
الحملة العسكرية على اليمن

الأوضاع الإنسانية في اليمن تزداد سوءً (رويترز)

شنّت الطائرات الأميركية 14 غارة جوية على العاصمة اليمنية صنعاء في أقل من 24 ساعة، وأسفرت تلك الغارات، وفقًا لمصادر تابعة للحوثيين، عن مقتل 3 مدنيين على الأقل. وبناءً على هذه الحصيلة الأولية، يرتفع عدد القتلى من المدنيين منذ بداية الحملة العسكرية الأميركية على الحوثيين في اليمن في منتصف آذار/مارس الماضي إلى 107، بالإضافة إلى 223 مصابًا، حسب وكالة الأناضول. تجدر الإشارة إلى أن هذه الإحصائيات لا تشمل القتلى من العناصر المسلحة.

وكانت مصادر في البنتاغون قد ذكرت أنه تم ضرب 300 هدف تابع للحوثيين منذ بدء الحملة العسكرية، لكنّ تلك المصادر نفت أن تكون تلك الضربات قد أثرت على قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن المدنية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن، مما يشير إلى ضرورة استمرار الضربات العسكرية التي تستهدف مواقع سيطرة الحوثيين في شمال اليمن.

اعتبر مشرعون أميركيون في رسالة موجهة إلى ترامب أنّ على البيت الأبيض التوقف فورًا عن استعمال القوة العسكرية دون تفويضٍ، مضيفين أنّ على إدارة ترامب الرجوع إلى السلطة التشريعية في البلاد قبل اللجوء إلى أي إجراء عسكري إضافي، مؤكّدين في الوقت نفسه أنّ قرارات ترامب الأحادية تُعرض عناصر القوات الأميركية في الشرق الأوسط إلى الخطر.

هل للضربات على اليمن أساس قانوني؟

وجّه مشرّعون تقدميون في الكونغرس رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، طالبوه فيها، حسب موقع إنترسبت، بتقديم مبررات قانونية للحملة العسكرية التي تشنّها القوات الأميركية، بأمرٍ منه، على اليمن.

ولفتت رسالة المشرعين الأميركيين إلى أنّ الحملة العسكرية على اليمن تنطوي على خطر الانخراط فيما وصفوه بأنه "صراع غير دستوري في منطقة الشرق الأوسط"، مؤكدين أنّ الضربات الأميركية المستمرة على اليمن بشكلٍ يومي منذ نحو شهر تقريبًا، أودت بحياة عشرات المدنيين اليمنيين.

وعلى هذا الأساس، اعتبر المشرعون الموقعون على الرسالة، أنّ على إدارة ترامب "التوقف فورًا عن استعمال القوة العسكرية دون تفويضٍ"، مضيفين أنّ على البيت الأبيض "الرجوع إلى السلطة التشريعية في البلاد قبل اللجوء إلى أي إجراء عسكري إضافي"، مؤكّدين أنّ قرارات ترامب الأحادية "تعرض عناصر القوات الأميركية في الشرق الأوسط إلى الخطر".

وضمّت الرسالة توقيعات أكثر من 30 نائبًا، تصدّرتهم أسماء براميلا جايابال، ورو خانا، وفال هويل. وعلى الرغم من أهمية هذه الرسالة، فإنها تأثيرها يظلّ رمزيًا، بالنظر إلى رفض إدارة ترامب التعاطي مع أصوات المنتقدين، وإصرارها على أنّ الحملة العسكرية على الحوثيين تؤتي أكُلها، وذلك على الرغم من إخفاقها، حتى اللحظة، في ردع الحوثيين، فضلًا عن التحذيرات الصادرة من مسؤولين في البنتاغون أنّ طول أمد الحملة العسكرية في اليمن، يضطر الجيش الأميركي إلى الاستعانة بمعدات عسكرية في مناطق حيوية مثل آسيا، الأمر الذي يهدد باستنزاف الأسلحة الأميركية من جهة، وتقليل حجم الضغط على الصين من جهة أخرى.

ومع ذلك لا يستبعِد موقع إنترسبت أن تمهّد رسالة النواب التقدميين، الطريق أمام تحرّكٍ يقوم به الديمقراطيون، بهدف "إنهاء أو تقييد الضربات مستقبلًا على اليمن،لا سيما مع تزايد التقارير التي تؤكد أنها تستهدف أماكن مدنية مكتظة بالسكان".

التبعات الإنسانية للضربات وتوقف المساعدات

أصدرت منظمة العفو الدولية اليوم الخميس بيانًا دقّت فيه ناقوس الخطر، بسبب تواصل الضربات الأميركية على اليمن وتوقف تدفق المساعدات الإنسانية، حيث قالت المنظمة إنّ ملايين اليمنيين باتوا معرضين لعواقب وخيمة، لافتةً إلى إن أكثر من نصف الشعب اليمني يعتمد على المساعدات "للبقاء على الحياة".

كانت الولايات المتحدة، حتى وقت قريب وفقًا لمنظمة العفو الدولية، من أكبر المانحين الإنسانيين لليمن، إذ قدّمت في عام 2024 ما نسبته 50% من خطة الاستجابة الإنسانية المنسقة لليمن، من خلال تقديم دعم بقيمة 768 مليون دولار. لكنّ قرار ترامب بتجميد أنشطة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يهدد "بتعميق إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم"، حيث "أدى إلى توقف خدمات المساعدة والحماية المنقذة للحياة"، ويشمل ذلك حسب منظمة العفو الدولية "علاج سوء التغذية للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، وتوفير ملاجئ آمنة للناجيات من العنف القائم على نوع الجنس، وخدمات الرعاية الصحية للأطفال".

وأضافت المنظمة أنّ "عشرات المواقع الآمنة للنساء والفتيات المعنفات قد أُغلقت"، ومن غير المستبعد أن يطال الإغلاق مرافق إنسانية أخرى تقدّم خدمات الصحة الإنجابية أو الحماية للنساء.

ودعت العفو الدولية إلى أن تتجنب الإجراءات الأميركية التي تستهدف سلطات الأمر الواقع (الحوثيين) "تعطيل عمليات الإغاثة الإنسانية"، مشيرةً إلى أن "أغلبية المدنيين الذين يحتاجون إلى مساعدات ملحة يقطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".

جمّد ترامب في كانون الثاني/يناير الماضي المساعدات الخارجية، وبعد ذلك تم الإعلان عن إلغاء نسبة 83% من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

رفع التجميد عن المساعدات ضرورة إنسانية

أكّدت المسؤولة عن الشؤون اليمنية بمنظمة العفو الدولية ديالا حيدر أنّ "التخفيضات المفاجئة وغير المسؤولة في المساعدات الأميركية ستكون لها عواقب كارثية على الفئات الأكثر ضعفًا وتهميشا في اليمن، بمن فيهم النساء والفتيات والأطفال والنازحون داخليًا"، كما أكّدت ديالا حيدر أنّ "ملايين الأشخاص في اليمن سسيُتركون دون دعم هم في أمسّ الحاجة إلي، إذا لم يُلغ تخفيض المساعدات".

وأشارت ديالا حيدر إلى أنّ "التصعيد العسكري في اليمن، إلى جانب خفض المساعدات الأميركية، سيفاقم الكارثة الإنسانية التي يواجهها شعبٌ لا يزال يعاني من وطأة الصراع الطويل".

فيما أكّد أحد عمّال الإغاثة في حديث لأمنستي أنهم أجبروا على اتخاذ "قرارات مصيرية بناءً على معلومات ضئيلة أو معدومة"، مضيفًا "في كثير من الأحيان، لا يوجد من نتحدث إليه لأن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لم تعد موجودة عمليًا".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد جمّد في كانون الثاني/يناير الماضي المساعدات الخارجية، وبعد ذلك تم الإعلان عن إلغاء نسبة 83% من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.