25-فبراير-2025
الحكومة الموازية في السودان

قوات الدعم السريع والقوى المتحالفة معها توقع ميثاقا سياسيا لتشكيل حكومة موازية (مواقع التواصل)

تتسارع وتيرة التطورات العسكرية في السودان، حيث أعلن اليوم الإثنين عن تمكن الجيش السوداني والقوات المساندة له من السيطرة على جسر سوبا الاستراتيجي، الواقع على النيل الأزرق، والذي يُعد أحد أهم المنافذ المؤدية إلى العاصمة الخرطوم.

وفي السياق ذاته، أعلنت لجان مقاومة أبو قوتة أن الجيش السوداني استعاد بعض قرى الوحدة الإدارية بولاية الجزيرة، وهو يقترب من السيطرة على جميع مدن وقرى المحلية، مع توقعات بعودة 150 ألف نازح إلى منازلهم خلال آذار/مارس 2025. كما أعلن الجيش، أمس الأحد، عن فك الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع على مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، والذي استمر 22 شهرًا.

يُشار إلى أن منطقة جسر سوبا شهدت معارك عنيفة خلال الأيام القليلة الماضية، ويرى محللون عسكريون أن السيطرة على الجسر تُمثل نقطة استراتيجية هامة، إذ تُحاصر قوات الدعم السريع المتمركزة في مناطق شرق النيل بالخرطوم بحري، حيث تتركز أعداد كبيرة من هذه القوات شبه العسكرية.

شهدت العاصمة الكينية نيروبي توقيع ميثاق تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد مداولات استمرت 5 أيام، فيما أرجأت الأطراف المجتمعة في كينيا التوقيع على الدستور إلى وقت لاحق.

وكان الجيش السوداني قد أحرز خلال الأسابيع الماضية تقدمًا ملحوظًا في الخرطوم، وولاية الجزيرة، ومنطقة النيل الأبيض، وشمال كردفان، وهي المناطق المتاخمة لإقليم دارفور، حيث لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على أربع ولايات من الإقليم باستثناء الفاشر.

على الصعيد السياسي، أصدرت وزارة الخارجية السودانية، اليوم الإثنين، بيانًا شديد اللهجة انتقدت فيه استضافة كينيا لفعالية توقيع الميثاق السياسي الهادف إلى إنشاء حكومة موازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. واعتبرت الوزارة أن الغرض من هذه الحكومة هو شراء الأسلحة، وتوسيع الحرب، وتعميق الانقسام في السودان.

سابقة خطيرة وأغراض شريرة

وصف بيان الخارجية السودانية الاجتماع الذي استضافته العاصمة الكينية نيروبي بأنه "سابقة خطيرة وخروجٌ كامل عن ميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي"، مؤكدًا أنه يمثل "تهديدًا بالغًا للأمن والسلم الإقليميين". كما اتهم البيان القيادة الكينية بـتبني ودعم مليشيات الدعم السريع، التي تسعى لتشكيل حكومة موازية داخل جيوب تسيطر عليها في السودان.

وأضاف البيان أن الميثاق السياسي الذي احتفى به رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكيني، عبر نشره على "منصة إكس"، يُعد محاولة لتمزيق السودان من خلال إقرار حق تقرير المصير لبعض الأقاليم.

وأشار البيان أيضًا إلى أن أحد قادة قوات الدعم السريع صرّح في وقت سابق بأن الغرض من هذا الاتفاق هو إقامة حكومة تُتيح لهم الحصول على أسلحة متطورة، لا تستطيع المنظمات العسكرية غير الحكومية امتلاكها.

وأكدت الحكومة السودانية أن هذه التحركات تهدف إلى توفير غطاء سياسي للمليشيات المسلحة، مما يسهل عليها الحصول على التمويل والتسليح، وإطالة أمد النزاع في البلاد.

السودان يستدعي سفيره في كينيا

في خطوة تصعيدية، استدعت الخرطوم سفيرها في نيروبي، كمال اجبارة، احتجاجًا على استضافة كينيا لاجتماعات تحضير الحكومة الموازية. واتهمت الخارجية السودانية القيادة الكينية "باحتضان وتشجيع مؤامرة تأسيس حكومة للمتمردين"، مشددةً على أن هذا التوجه يُهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، ويشجع على الإرهاب والإبادة الجماعية.

الحكومة الموازية:

بعد خمسة أيام من المداولات في كينيا، وقّعت عدة أطراف سياسية وعسكرية الميثاق السياسي المشكّل للحكومة الموازية، حيث وقع عن قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، بينما وقّع جوزيف توكا والهادي إدريس عن "الحركة الشعبية شمال" و"حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي"، فيما وقع فضل الله برمة ناصر وإبراهيم الميرغني عن حزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي. وزعم الميثاق أن دواعي تشكيل "حكومة وحدة وسلام" تتمثل في إنهاء الحرب وتحقيق السلام العادل، وإيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، والحفاظ على وحدة السودان الطوعية، إضافة إلى استرداد مسار الحكم المدني الديمقراطي، وإنهاء تعدد الجيش وتأسيس جيش وطني موحد، فضلًا عن إصلاح النظام الاقتصادي والمصرفي. كما نصّ الميثاق على أن يكون نظام الحكم في السودان ديمقراطيًا تعدديًا، قائمًا على اللامركزية، مع ضمان حقوق الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية. ومع ذلك، أرجأت الأطراف المجتمعة في كينيا التوقيع على الدستور إلى وقت لاحق، وفقًا لما أوردته "الترا سودان".

انقسامات داخل القوى المدنية حول الحكومة الموازية

أثار تشكيل الحكومة الموازية انقسامًا حادًا داخل "تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية"، مما أدى إلى تفكيكها وانقسامها إلى تكتلين رئيسيين، حيث تشكل "التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة" (صمود)، بقيادة عبد الله حمدوك، الذي رفض فكرة تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع، بينما برز "تحالف القوى المدنية المتحدة" (قمم)، الذي دعم فكرة إنشاء الحكومة الموازية وشارك في التوقيع على الميثاق السياسي.

الخارجية السودانية: الغرض من تشكيل حكومة موازية هو تمزيق السودان وإطالة أمد الحرب وشراء الأسلحة

تنسيقية المهنيين والنقابات السودانية تندد بالتوقيع باسمها:

أعلنت تنسيقية المهنيين والنقابات السودانية، أمس الأحد، أنها تفاجأت بالتوقيع باسمها على الميثاق السياسي لتحالف تأسيس السودان، المنشئ لحكومة سودانية موازية، ضمن مناطق سيطرة الدعم السريع.

وأوضحت التنسيقية، في بيانها المنشور يوم أمس، أن علاء الدين نقد، الذي وقّع باسمها دون تفويض منها، "تقدّم باعتذار عن تمثيل لجنة الاستشاريين، وأبلغ بقراره المشاركة في مشروع تكوين الحكومة بصفته الشخصية، وغادر مؤسسات التنسيقية قبل أسبوعين، وبالتالي لم يعد عضوًا فيها أو ممثلًا لها في (تقدم)."

وأكد البيان أن التنسيقية "قررت بكامل أجسامها – عدا جسم واحد – رفض مقترح تشكيل حكومة السلام والوحدة في مناطق سيطرة الدعم السريع، وعدم الاعتراف بحكومة الأمر الواقع في بورتسودان أو أي حكومة تنشأ بالقوة في البلاد"، كما شدد على أن "التنسيقية لم تشارك في أي نقاشات أو مفاوضات بشأن تحالف تأسيس السودان، ولم تطّلع على الميثاق السياسي التأسيسي إلا بعد نشره عبر الإعلام."

وجددت التنسيقية التأكيد على "التزامها بتجنب فرض واقع سياسي أو عسكري يكرّس الانقسام، ويعزز مخططات الفلول الرامية إلى تقسيم البلاد، بعيدًا عن الإرادة الشعبية"، معتبرةً أن "وحدة البلاد فوق أي اعتبار"، داعيةً كافة القوى الوطنية إلى "الالتزام بالعمل الجماعي المسؤول للخروج من الأزمة الراهنة عبر مسارات سياسية تضع مصلحة السودان أولًا".