يصوت الكنيست، اليوم الإثنين، في قراءة أولى على مشروع قانون ينص على تقليص "معيار المعقولية"، وسط توقعات أن يحظى بدعم الأغلبية المطلقة من نواب الكنيست، في واحدة من أبرز خطوات الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، للدفع في استمرار خطة "التعديلات القضائية"، التي تثير الكثير من الجدل والاعتراضات داخل دولة الاحتلال.
تسعى الحكومة الاسرائيلية لتمرير مشروع قانون يحد من صلاحيات المحكمة العليا على إلغاء قرارات الحكومة
ويسعى الائتلاف الحاكم إلى المصادقة على مشروع القانون نهائيًا، بالقراءة الثانية والثالثة، قبل نهاية دورة الكنيست الصيفية في نهاية الشهر الحالي، وذلك من أجل إعادة تعيين رئيس حزب شاس أرييه درعي، وزيرًا، بعد أن ألغت المحكمة العليا تعيينه استنادًا إلى "معيار المعقولية".
وفي حال تمرير مشروع القانون، فإن ذلك تقليص قدرة المحكمة العليا على إلغاء القرارات الصادرة عن الحكومةوالكنيست.
وعلى الرغم من التصريحات السابقة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بأنه لن يكون هناك قانون يسمح للكنيست بالالتفاف على المحكمة العليا، وهو جوهر مشروع قانون التعديلات القضائية، مشيرًا إلى أن "طريقة تعيين القضاة ستتغير، ولكن ليس من خلال الطريقة الأصلية التي اقتُرحت".
ولم يتم نشر جدول أعمال الجلسة الكاملة للكنيست، اليوم الإثنين، وقال عدد من أعضاء الائتلاف الأسبوع الماضي إنهم يتوقعون أن تحدث القراءة الأولى يوم الإثنين. وتبدأ الجلسة الكاملة للكنيست في الساعة 4 مساءً ومن المرجح أن تعطل المعارضة عملية التصويت لأطول فترة ممكنة، مما يعني أن التصويت الفعلي قد يحدث في وقت متأخر من الليل أو حتى في وقت مبكر من صباح الثلاثاء.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، يوم الأحد أن لجنة الدستور والقانون في الكنيست، برئاسة عضو الكنيست سمحا روثمان (حزب الصهيونية الدينية)، ستبدأ يوم الثلاثاء بالفعل في إعداد مشروع القانون للقراءة الثانية والثالثة، بمجرد تمرير مشروع القانون، في القراءة الأولى.
تقليص دور القضاء
وترى المعارضة الإسرائيلية أن مشروع القانون خطوة لتقويض استقلال القضاء، مما سيجعل المحكمة العليا في نهاية المطاف خاضعة لرغبات السياسيين، بينما يصرح نتنياهو بأن الهدف من التعديلات هو إعادة التوازن بين أفرع السلطة وكبح تجاوز المحكمة العليا لصلاحيتها.
وفي هذا الإطار، أكد الباحث في المعهد "الإسرائيلي للديمقراطية" أمير فوكس، أن المحكمة العليا يمكن أن تبطل القانون بالقول إنه غير دستوري، وأضاف فوكس "إذا كان يتعارض مع جوهر النظام الديمقراطي -مبادئ الفصل بين السلطات وسيادة القانون- فمن المحتمل أن تقرر المحكمة أن هذا تعديل غير دستوري"، لكن إذا تم تمرير القانون، فلن تكون المحكمة قادرة على التدخل على الإطلاق في تعيينات أو إقلات الحكومة.
ورأى الباحث في المعهد "الإسرائيلي للديمقراطية"، أن "الاقتراح ينتهك سيادة القانون، قد يخلق ثقوبًا سوداء، حيث لن يكون لدى المحكمة إمكانية النقد على الإطلاق، وهو وضع غير صحي"، وتابع أن "الحكومة في إسرائيل لديها الكثير من السلطة، وهذا التشريع سيمنح الحكومة صلاحيات إضافية، والتي يمكنها، على سبيل المثال، فصل أمين المظالم وتعيين شخص في المنصب نيابة عنه".
الدعوة للعودة إلى الحوار
من جانبه، دعا الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، أمس الأحد، إلى استئناف المفاوضات بشأن الإصلاح القضائي المزمع بشكل عاجل قبل تصويت اليوم الإثنين، مضيفًا: "أستطيع أن أقول لكم الاتفاقات ممكنة، لكن لا أحد يوافق على الجلوس والتحدث بشكل فوري وغير مشروط"، وتابع "هذا إخفاق ذو أبعاد تاريخية".
من ناحيته، رفض وزير التعليم الإسرائيلي عن حزب الليكوج يوآف كيش، استئناف المحادثات مع المعارضة بهدف التوصل إلى تفاهمات بشأن التعديلات القضائية.
وفي مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال، قال كيش: إن "المعارضة بقيادة يئير لبيد وبني غانتس، حرصت فقط على إضاعة الوقت"، مشددًا على أنه "لا حاجة للعودة مجددًا إلى ديوان الرئاسة لاستئناف المحادثات معها".
تصعيد في الاحتجاجات
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية "كان"، عن قادة الاحتجاجات المعارضة للتعديلات القضائية، أنهم سينظمون صباحًا وقفات بالقرب من منازل عدد من نواب الكنيست من كتل الائتلاف الحكومي لمنعهم من القدوم الى مقر الكنيست للمشاركة في عملية التصويت، هددوا بأنهم سيعملون على تشويش مظاهر الحياة بشكل كامل في إسرائيل يوم الثلاثاء، في حال تمرير مشروع القانون.
وقالوا إنه سيكون "أول يوم للتمرد" في تموز/يوليو، حيث يعتزمون قطع الطرق، وتحديدًا المؤدية إلى المرافق العامة والحيوية، من بينها إغلاق الطرق المؤدية إلى مطار بن غوريون، وتنظيم مسيرات وقوافل احتجاج ضخمة.
ودعا المنظمون إلى مظاهرة "لم تشهد إسرائيل مثلها من قبل"، ووجه قادة الاحتجاجات "دعوة أخيرة للحكومة لوقف التشريع، وعدم طرح أول قانون ديكتاتوري للتصويت عليه، والذي سيمنح الحكومة شيكًا على بياض للتصرف بشكل غير معقول للغاية"، وأضافوا "إذا لم تتوقف الحكومة، ستتوقف الدولة بأكملها".
مطالب حكومية بخطة للتعامل مع الاحتجاجات
إلى ذلك، طلبت الحكومة الإسرائيلية من المستشارة القانونية غالي بهراف ميارا بوضع توجيهات خطية حول سبل التعامل مع المظاهرات وإغلاق الطرق في غُضون أسبوع، وذلك في ختام نقاشٍ صاخب حول سياسة التعاملِ مع المُظاهرات، كما تقرر أن تصدر المستشارة بيانًا حول كيفية التعامل مع نشاطات يعتقد مجلس الأمن القومي، أنها "تسبب الضرر لأمن الدولة، كالدعوة لرفض الخدمة داخل الجيش".
وحذر وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، من أن التقدم في خطة التعديلات القضائية، قد يساهم في موجة جديدة من رفض الخدمة العسكرية، مشيرًا إلى الوضع الأمني حاليًا، داعيًا إلى عدم التسامح مع استخدام المؤسسة الأمنية في سياق سياسي، وإخراج الجيش من الجدل السياسي.
هجوم على المستشارة القانونية
وفي هجوم غير مسبوق دعا الوزراء دودي امسالم وميري ريغف وماي غولان، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية إلى طرد المستشارة القانونية. ووجه امسالم كلامه لنتنياهو، قائلًا: "إنك في حالة تناقض مصالح"، بعد أن طالبه نتنياهو بالتوقف عن الحديث. فيما عبّر الوزراء إيتمار بن غفير، وشلومو كرعي، وغاليت ديستال أتبريان، وعميحاي إلياهو، وأوريت ستروك عن تأييدهم لإقالتها.
في ردها على مطالب الحكومة، قالت المستشارة القانونية: إنها تأمل في ألا تطلب الحكومة منها أن توعزَ الى الجهات المعنية بأن تقمع المظاهرات بصورةٍ أكثر عنفًا، تُخالف الرأي المهني للقادة في المَيدان، أو أن تُنفذ أجهزة إنفاذ القانون عددًا محددًا مسبقًا لاعتقالات، وتقديم لوائح اتهام ضد المتظاهرين".
هذا، وقالت مصادر في حزب الليكود، اليوم الإثنين، إن الحكومة الإسرائيلية لن تقيل المستشار القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، لأنه يتوقع أن ترفض المحكمة العليا ذلك بالاستناد إلى "معيار المعقولية"، لكن ستتم إقالتها بعد المصادقة النهائية على قانون تقليص "معيار المعقولية".
كما نقل موقع "واينت" الإلكتروني، عن مسؤولين مقربين من المستشارة قولهم إنه "ليس لديها أي نية بالاستقالة"، وأنه بالرغم هجوم الوزراء ضدها إلا أنها وقفت أمامهم، وأشاروا إلى أن "الهجوم تركز عليها، والوزراء تنافسوا بينهم من ستكون أقواله منفلتة أكثر".
من جانبه، اتهم زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب يوجد مستقبل يائير لبيد، أعضاء الحكومة بأنهم اعتدوا على المستشارة القَانونية غالي بهراف ميارا بصورةٍ قبيحةٍ، وأوضحَ لبيد أن "ميارا تؤدي عملها بشكل نزيه، وأن ما مرت به هو نموذج لما ستمر به الدولة"، محذرًا من أن "نرى بلطجة بدلًا من سيادة القانون، وعنفًا حكوميًا تُجاه المواطنين، وموظفين، والقضاء على الديمقراطية"، بحسب وصفه.
وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إلى أن سكرتير الحكومة بعث رسالة إلى بهراف ميارا قبيل اجتماع الحكومة تضمنت أسئلة استفزازية، "ثم سربوها إلى وسائل الإعلام، كي يمارسوا ضغوطًا عليها، وعلى جهاز القضاء. والخطوة القادمة هي إقالة المستشارة القضائية للحكومة".
من جهتها، انتقدت المسؤولة السابقة في النيابة العامة المحامية تاليا ساسون بشدة دعوة المستشارة القانونية إلى جلسة مجلس الوزراء، وأعربت ساسون في مقابلة إذاعية عن رأيها بأن دعوة المستشارة للمشاركة في مثل هذا النقاش جاءت "بهدف إهانتها شخصيًا، وإهانة الجهاز القضائي بأسره".
ما هو معيار المعقولية؟
مشروع القانون المعني هو تعديل للقانون الأساسي، المعروف باسم "السلطة القضائية"، ويدور تحديدًا "معيار المعقولية" والذي من شأنه أن يمنع المحاكم الإسرائيلية من تطبيق المعيار على القرارات التي يتخذها أي مسؤول منتخب.
ومعيار المعقولية هو مبدأ القانون العام الذي يسمح بالمراجعة القضائية ضد القرارات الإدارية الحكومية.
ويجادل أنصار القانون بأنه أداة ذاتية للغاية للنشاط القضائي تسمح للمحكمة بتخريب سياسة الحكومة بناء على مواقفها الخاصة الخاصة. ويجادل النقاد، بمن فيهم النائب العام، بأن الأداة ضرورية لمكافحة الفساد ولضمان حماية الأفراد من القرارات الحكومية التعسفية والمتقلبة.
واستخدمت المحكمة الإسرائيلية العليا معيار المعقولية، على سبيل المثال، عندما قضت في كانون الثاني/ يناير بأن قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتعيين رئيس حزب شاس أرييه درعي في منصبين وزاريين، الداخلية والصحة، على الرغم من إداناته الجنائية الثلاث بتهمة الرشوة والاحتيال الضريبي وخرق القانون، كانت "غير معقولة في أقصى الحدود".
مما أجبر نتنياهو على طرد درعي. إذا تم تمرير مشروع قانون المعقولية، فقد يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي إعادة تعيين درعي في مناصبه السابقة كوزير للداخلية والصحة.
مشروع القانون المعني هو تعديل للقانون الأساسي، المعروف باسم "السلطة القضائية"، ويدور تحديدًا "معيار المعقولية" والذي من شأنه أن يمنع المحاكم الإسرائيلية من تطبيق المعيار على القرارات التي يتخذها أي مسؤول منتخب
وفقًا لنص الاقتراح الذي سيُطرح في الجلسة العامة، فإن إمكانية استخدام المحكمة العليا لسبب المعقولية ضد قرارات أي مسؤول منتخب لن تكون ممكنة من الآن فصاعدًا، وذلك في حال تمرير مشروع القانون، الذي يسعى الائتلاف الحكومي إلى الانتهاء منه قبل 31 تموز/ يوليو وبداية العطلة الصيفية للكنيست.