08-أبريل-2022
فلسطين

"Getty"

"رجعوا ابني لحضني"، تناشد أم الأسير أحمد مناصرة وهي تضمّ صورته لصدرها، عودة ابنها (20 عامًا)، الطفل الذي غدا شابًا خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي، إثر تهمة وجهتها السلطات الإسرائيلية بزعم ارتكابه عملية طعن لمستوطنين، رفقة ابن عمه حسن الذي قضى برصاص الاحتلال لحظة ملاحقتهما، بينما حكم على أحمد بعد نقله إلى المشفى جريحًا ومن ثم إلى السجن، بالحبس 12 عامًا وهو بسنّ الرابعة عشر، في حين خففت المدة بعد ذلك إلى 9 سنوات ونصف، قضى منها قرابة السبعة أعوام في المعتقل، بظل ظروف قاسية مستمرة، تعرّض خلالها للعنف والإهانة والحبس الانفرادي، ما أدى لتدهور صحته النفسية والجسدية، لتنطلق حملة واسعة على منصات التواصل تطالب بالإفراج عنه.

أعاد ناشطون تداول مقطع مصور التقط خلال عملية إلقاء القبض على أحمد عام 2015، ظهر فيه طفلًا وقد أطلق عليه الرصاص، وتم دعسه وضربه من قبل مستوطنين آنذاك، بدعوى محاولته تنفيذ عملية طعن في القدس المحتلة.

وبينما تعمّدت السلطات الإسرائيلية بعد اعتقاله، تسريب فيديو جلسة التحقيق الأمني مع مناصرة، والتي مارست خلالها التعنيف والتهديد لطفل بعمر 13 عامًا وقتها، إلا أنها فشلت بانتزاع اعتراف من أحمد الذي ظلّ يردد عبارة "مش متذكر" بظل الإرهاب الذي مورس عليه خلال الجلسة.

الحرية لأحمد مناصرة

خلال الأيام الماضية تفاعل ناشطون مع قضية أحمد، وفعّلوا وسم #الحرية_لأحمد_المناصرة باللغتين العربية والإنجليزية، بعد انتشار مقطع لوالدة مناصرة، تتحدث فيه عن مرارة حرمانها من ابنها، ولقائها ولدها من خلف الزجاج، وهو في وضع نفسي وجسدي سيّء للغاية، جراء سوء المعاملة، مشدّدة على جدوى الحملات الإلكترونية للمتعاطفين مع أحمد، والتي منحته الأمل بالحرية، وفق قولها.

ولفت المتضامنون مع مناصرة، إلى خوف وجبن السلطات الإسرائيلية، التي تخيفها الأحجار بأيدي الأطفال والكلمات بأفواههم، مؤكدين على ضرورة الضغط على قوات الاحتلال للإفراج عن الأسير الفلسطيني أحمد، خصوصًا وأن المحكمة المركزية ستنظر بقضيته في الثالث عشر من الشهر الجاري.

رسام الكاريكاتير الفلسطيني أحمد قدورة، كتب عبر حسابه في تويتر، "اليوم بدأنا الحملة العالمية، حملة الحرية لأحمد مناصرة، العالم يغلق أذنيه كي لا يسمع صرخات أحمد، فلنكن جميعنا صرخات أحمد"، مشيرًا إلى أولوية قضية أحمد عن أي حديث آخر حاليًا، وأرفق تغريدته بكاريكاتير يجسّد الإرهاب الإسرائيلي الذي مورس بحق أحمد لانتزاع اعترافات منه.

بدوره، غرّد حساب فلسطين في القلب عبر تويتر قائلًا: "أحمد مناصرة، فلسطيني سلبت طفولته، ويعاني نفسيًا وجسديًا من أبشع أشكال العدوان والاعتداء من قبل الاحتلال الإسرائيلي"، داعيًا إلى المطالبة بإطلاق سراحه عن طريق تغريدة أو منشور أو عالم من الأفواه المتحدثة عنه.

"يا جماعة فوتوا وقعوا وانشروا العريضة الي تطالب بالتحرير الفوري للشاب الفلسطيني احمد مناصرة"، يحثّ الهاشم عبر تويتر إلى التضامن، لافتًا إلى تعرّض أحمد للتعذيب القاسي والممنهج في سجون الاحتلال.

فيما عبّرت هدى حرب عن تضامنها مع الأسير وعائلته، فكتبت "انتزعوا قلبها منذ كان عمره ١٣ عامًا، الحرية لابنك أحمد مناصرة يا اختنا ام احمد ولن نتوقف حتى يعود لنا أحمد حرًا".

وتحدّث مغردون آخرون عن زيف الإنسانية وادعائها من قبل البعض، مشيرين إلى بسالة وشجاعة الأسرى الفلسطينيين، وخصوصًا أحمد الذي تعدّ قصته "الأشد إيلامًا".

من جهتها، قالت الكاتبة الفلسطينية سمر جراح عبر تغريدة لها، إن "الكيان الاستعماري يؤثر على عائلة بأكملها عندما يأسر الطفل، كيان يحاول كسر إرادة الشعب الفلسطيني عن طريق أسر وتعذيب الأطفال"، مرفقة التغريدة بفيديو لوالدة الأسير تتحدث فيها عن آخر ذكريات أحمد في منزله، قبل الاعتقال.

يوم الطفل الفلسطيني

ذكرت وكالة "معا" الفلسطينية بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني والذي يصادف يوم الخامس من شهر نيسان/إبريل من كل عام، أن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم منذ عام 1967 يزيد عن 50 ألف أسير، ذكورًا وإناثًا، اعتقلتهم قوات الاحتلال دون مراعاة لصغر سنهم وبراءة طفولتهم وضعف بنيتهم الجسمانية، ودون توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية والإنسانية.

الوكالة أشارت أيضًا إلى أن السلطات الإسرائيلية جعلت من اعتقال الأطفال الفلسطينيين الملاذ الأول ولأطول فترة ممكنة، بخلاف ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتحديدًا اتفاقية حقوق الطفل، وهذا بالفعل ما تم انتهاكه خلال فترة أسر الطفل أحمد مناصرة.

وخلال العام الفائت تم اعتقال نحو (1300) طفل/ة فلسطيني/ة، بنسبة زيادة تصل 140% عما سُجل خلال العام الذي سبقه 2020، فيما اعتقلت سلطات الاحتلال ما يزيد عن مئتي طفل منذ مطلع العام الجاري، ومازالت تحتجز في سجونها ومعتقلاتها قرابة 160 طفلًا، محتجزون في ظروف سيئة للغاية وضمن شروط حياتية قاسية، ويعاملون معاملة لا إنسانية وأحياناً بقسوة وعنف، ويحرمهم الاحتلال من أبسط حقوقهم الأساسية، كالحق في التعليم والعلاج والغذاء المناسب وزيارات الأهل دون عراقيل والمحاكمة العادلة وغيرها.

كما ويعرّض الأطفال المعتقلون لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، فتُنتزع الاعترافات منهم بالقوة وتحت وطأة التعذيب والتهديد، ويعرضون على المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي تفتقر لمعايير المحاكمة العادلة والتي عادة ما تلجأ إلى إصدار أحكام عالية وقاسية دون النظر لما تعرض له الأطفال من تعذيب وكيفية انتزاع الاعترافات منهم، أو ظروف التوقيع على الإفادات التي تكون غالبًا باللغة العبرية التي لا يجيدها الأطفال، هذا بالإضافة إلى فرض الغرامات المالية، وفقًا لـ"معا".