07-مارس-2022
ي

(Getty Images)

من المرجّح أن يكون للحرب الروسية في أوكرانيا تبعات متزايدة الخطورة على الاقتصاد العالمي والظروف المعيشية، وذلك مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بالإضافة الى نقص المعروض من القمح في الأسواق الدولية وارتفاع سعره مع العديد من المواد الغذائية الأساسية الأخرى. لكن ما هي تأثيرات هذه الحرب على قطاع صناعة السيارات عالميًا وما هو أثرها السلبي على أسواق السيارات؟

لا تعدّ أيّ من روسيا أو أوكرانيا من كبار مصنعي السيارات عالميًا. فروسيا مثلًا أنتجت ما حوالي مليون و435 الف مركبة عام 2020 مما يجعل حصتها من سوق الإنتاج العالمي ذلك العام أقل من 2%

على صعيد الإنتاج، لا تعدّ أيّ من روسيا أو أوكرانيا من كبار مصنعي السيارات عالميًا. فروسيا أنتجت حوالي مليون و435 الف مركبة عام 2020 مما يجعل حصتها من سوق الإنتاج العالمي ذلك العام أقل من 2%. أما أوكرانيا، فكان إنتاجها من المركبات أقل من ذلك بكثير وتوقف عند 4952 مركبة فقط. 

وعلى الرغم من ذلك، تعتبر صناعة السيارات في روسيا مهمة جدًا وذلك لدخول عدة شركات عالمية في شراكات مع منتجي السيارات المحليين. إذ تنتج شركة "أوتوتور" (Avtotor) ثاني أكبر منتج للمركبات في روسيا لصالح شركات عديدة مثل كيا وبي أ م دبليو فيما تمتلك فورد مصنعًا لتجميع مركباتها التجارية في روسيا. ومؤخرًا مع النمو الكبير لشركات الصينية، دخلت هافال بمصنع كبير بقدرة إنتاجية تتعدى 150 ألف سيارة سنويا.

أمّا شركة لادا فتعدّ أكبر منتج للسيارات في روسيا. فشركة لادا هي العلامة الأكثر شهرة لدى شركتها الأم "أوتوفاز" (AvtoVAZ) كما تستحوذ لادا على حصة الأسد من السوق الروسية بنسبة بلغت 21% عام 2021 . ومنذ بداية العام الماضي أصبحت أوتوفاز ولادا جزءًا من مجموعة رينو الفرنسية العملاقة للسيارات، وعليه بالإضافة لعلامة لادا تنتج أوتوفاز سيارات لصالح مجموعة رينو منها سيارات داسيا وداتسون ورينو. كما تمتلك لادا عدة مصانع لتجميع السيارات خارج روسيا في  كازخستان ومصر.

وفي حين ما تزال صناعة السيارات العالمية تعاني من آثار جائحة كورونا ونقص الشرائح الالكترونية الذي تسبب في تخفيض الإنتاج واغلاق خطوط التصنيع لعدة شركات عملاقة، فمن المتوقع أن يكون لهذه الحرب آثار مدمرة إضافية على صناعة السيارات وبالذات في روسيا. ففورد أعلنت تعليق عمليات إنتاجها في روسيا وذلك "لقلقها" من الاجتياح الروسي لأوكرانيا كما وصفته الشركة. شركات أخرى مثل جينرال موتورز وفولكس فاجن وفولفو أعلنت عن تعليق عملياتها ومبيعاتها للسيارات في روسيا بينما قامت دايملر للشاحنات (مرسيدس) بتعليق تعاونها مع شركة الشاحنات المحلية الروسية كاماز، فيما أوقفت هيونداي وتويوتا مصانعهما في روسيا نظرا لانقطاع سلاسل التوريد وعجزهما عن توفير الأجزاء اللازمة للاستمرار في الإنتاج.

ومن المتوقع في حال استمرار هذه الأزمة أن تعجز شركات تصنيع الروسية عن توريد القطع وأجزاء السيارات الضرورية لتصنيع مركباتها مما قد يقلص من عملياتها بشكل كبير، بالذات بعد خروج روسيا من نظام المراسلات المالية العالمية بين البنوك "سويفت". فعلى سبيل المثال فمصنع لادا في مصر قد يضطر لتعليق عملياته بالكامل على أثر هذه العقوبات الاقتصادية. وتبقى مجموعة رينو من أكبر المتضررين نتيجة الحرب، إذ انهارت أسهم الشركة وتراجعت بنسبة 11% نتيجة لها، وبالإضافة لذلك تعتبر السوق الروسية ثاني أكبر أسواق المجموعة بعد السوق الفرنسية. وإلى الآن يبدو من غير الواضح تماما ما سيكون تأثير العقوبات الاقتصادية على عمليات الشركة في روسيا، لكن وعلى المستوى الشخصي فمن غير المستبعد أن تسعى الشركة لبيع حصتها في أوتوفازعلى الرغم من الصعوبة الشديدة في ذلك وذلك لتداخل عملياتها وخطوط انتاجها مع باقي علامات مجموعة رينو.

لأوكرانيا أيضا تأثير كبير على قطاع تصنيع السيارات، فمع الغزو الروسي توقفت عدة مصانع كانت تنتج أجزاء المركبات عن العمل مما تسبب بانقطاع التوريد لمنتجي السيارات، ومن أكبر المتضررين عملاق السيارات الألماني فولكس فاجن، فلجأت الشركة لإيقاف الإنتاج أو تخفيضه في عدة مصانع لها في المانيا على إثر انقطاع الاستيراد من أوكرانيا لبعض الأجزاء وبالذات الدارات والجدلات الكهربائية. فيما لجأت مرسيدس لإجراءات مماثلة حتى إيجاد حل لمشاكل التوريد.

يعتبر سوق السيارات الروسي كبيرًا نسبيًا مع مبيعات سنوية تتخطى 1.7 مليون سيارة سنويًا، ولكن في حال تعمق الأزمة الأوكرانية فمن المؤكد أن المبيعات ستهبط بشكل كبير بالذات مع استمرار إعلان شركات السيارات عن امتناعها عن بيع السيارات في روسيا وازدياد حدة الازمة الاقتصادية التي تضرب الاقتصاد الروسي.

أما السوق الاوكراني الأصغر نسبيًا، فمن المرجّح أن المبيعات ستصاب بشلل مؤقت على الأقل مع احتدام المعارك على الأراضي الأوكرانية ونزوج السكان للبلاد المجاورة. وفي حين كانت تشير تقديرات الخبراء إلى أن مبيعات السيارات عالميًا قد تصل إلى زهاء 84 مليون وحدة هذا العام بنمو مقداره 5.1% تقريبًا، إلا أنّ هذه التقديرات قد وضعت قبل حدوث الأزمة الأوكرانية، وعليه فإنه من المستبعد تحقق هذه التوقعات، وهو ما قد يترتب عليه تعمّق أزمة هذا القطاع الذي يعاني أصلا من أزمة نقص الرقائق الإلكترونية ومشاكل سلاسل التوريد. كما أن الأمر الأكثر تسببًا بالقلق لدى كبار المصنّعين هو الخوف من دخول العالم في كساد اقتصادي بسبب التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، مما قد يتسبب بانهيار في أرقام المبيعات ويتسبب بأزمات عميقة قد تؤدي إلى العلامات التجارية كما حصل في الأزمة المالية عام 2008.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

6 مطبّات أساسية تحول دون تزايد الإقبال على السيارات الكهربائية عربيًا

تعرّف على الأوقات التي يستغرقها شحن هذه السيارات الكهربائية

قائمة غير متوقّعة لأفضل 5 سيارات كهربائية في العالم اليوم