21-أكتوبر-2019

تستمر الاحتجاجات في لبنان وتدخل مفترق طرق يوم الإثنين (أ.ف.ب)

دخل الحراك الشعبي السلمي في لبنان المستمر منذ عدة أيام، مفترقًا مفصليًا ابتداءً من صباح الإثنين، بعد ما بلغت التظاهرات ذروتها يوم الأحد، وقدّرتها بعض الوكالات بأنها فاقت المليون مشارك في بيروت والمناطق على امتداد لبنان.

بدأ المتظاهرون منذ ساعات الصباح الأولى بإقفال الطرقات بين المناطق لتكريس الإضراب عمليًا، فيما بدأ الموطنون بالتوجّه نحو ساحات التظاهر

وفي العادة، فإن الإثنين هو يوم عمل عادي في لبنان بعد عطلة نهاية الأسبوع، غير أنه من المفترض أن يشهد تطورات حاسمة، بالتزامن مع انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي أعطاها رئيس الوزراء سعد الحريري. في وقت يؤكد المتظاهرون على أن حراكهم سيستمر حتى تحقيق كامل مطالبهم، وفي خضم إضراب عام أعلنوا عنه، فيما تنتشر الدعوات للمواطنين إلى الامتناع عن التوجه إلى أعمالهم ومؤسساتهم، والنزول إلى الساحات والاستمرار بالضغط على الحكومة التي أعلنت عن اجتماع صباح اليوم في بعبدا. مع الإشارة إلى أن جمعية المصارف كانت قد أعلنت عن استمرار إقفال المصارف، كذلك الأمر بالنسبة لغالبية المؤسسات التعليمية.

اقرأ/ي أيضًا: لبنان ينتفض.. الشعب أراد الحياة

المتظاهرون يعلنون الإضراب العام

بدأ المتظاهرون منذ ساعات الصباح الأولى بإقفال الطرقات بين المناطق لتكريس الإضراب عمليًا، فيما بدأ الموطنون بالتوجّه نحو ساحات التظاهر. وفرضت القوى الأمنية طوقًا محكمًا حول القصر الجمهوري والطرقات المؤدية إليه، لتأمين انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي غاب عنها وزراء القوات اللبنانية، بعدما كان سمير جعجع قد أعلن استقالتهم ليل السبت. وأتت استقالة وزراء القوات بعد ساعات من خطاب أمين عام حزب الله الذي أكد خلاله دعمه، وإن بشكل موارب،  للحكومة ولعهد ميشال عون.

دعم نصرالله للحكومة، وعدم استقالة وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، إضافة إلى خطابي الحريري وباسيل السبت أعطت كلها مؤشرًا واضحًا بأن الفريق الحاكم في لبنان مستمر في تعنّته، وبالتالي فإن التحدي الكبير أمام الجمهور المنتفض هو في الاستمرار في التظاهر. ومن هنا جاء التأكيد على المشاركة في تحركات الإثنين، وتكريس الإضراب على الأرض، وهو إضراب لم تدع إليه النقابات كما هي العادة، بل فرضته إرادة الشعب.

التحدي الكبير أمام الحراك الذي نجح في المحافظة على زخمه في الأيام الماضية، والذي تميز أنه انبثق عن إرادة شعبية وغير مرتبط بأية جهة سياسية، كان في المحافظة على هذا الزخم، والصمود أمام آلة السلطة السياسية والأمنية والإعلامية. وقد نجح المتظاهرون في الحفاظ على الطابع السلمي لتحركهم، وصدحت الأغاني الوطنية في السماء، وأقيمت حلقات الرقص والدبكة في كل الساحات، وأظهر المحتجون البعد الحضاري لحراكهم، من خلال المحافظة على النظافة، والتعاون فيما بينهم في تنظيم التظاهرات، بدون أية قيادات حزبية وسياسية، ليعطوا صورة براقة أثارت إعجاب المتابعين في البلاد العربية وفي العالم. وقد خرجت أعداد من اللبنانيين المغتربين في الكثير من الدول للتظاهر كما في فرنسا، بلجيكا، الولايات المتحدة، ألمانيا وغيرها، لتأييد ودعم مظاهرات لبنان.

السلطة تحاول الانقضاض على الحراك

كما كان متوقعًا، لم يقف أهل السلطة مكتوفي الأيدي، وبدا أنهم يستعدون للقيام بردة فعل. وتركز ردهم على ثلاثة محاور أساسية، هي محاولة إنقاذ الحكومة من خلال ورقة إصلاحية يتم تداولها، والعمل على شيطنة الحراك من خلال ربطه بالسفارات الأجنبية، ومحاولة ترويع المتظاهرين من خلال إغراق وسائل التواصل بعشرات الإشاعات الكاذبة.

اقرأ/ي أيضًا: #لبنان_ينتفض ضد المجموعة الحاكمة.. تطورات الشارع على السوشيال ميديا

 

وقبل ساعات على انتهاء المهلة التي حددها، قدم الحريري مسودة ورقة إصلاحات بالتوافق مع عون، تتضمن حلولًا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي تعيشها البلاد. المتظاهرون رفضوا الورقة، واعتبروا أنها مراوغة من السلطة التي اعتادت على إغراق المواطنين بالوعود التي لا يتحقق شيء منها. في الوقت نفسه، بدأ إعلام السلطة بترويج أخبار عن جهات تقوم بتمويل المتظاهرين، ودفع ثمن التجهيزات والأطعمة وما إلى ذلك، فيما كان المتظاهرون يصرون على أن تمويلهم ذاتي ومن جيوبهم الخاصة. كذلك انتشرت ليل الأحد إشاعات على مواقع التواصل، وعلى تطبيق واتساب تحذر الناس من المشاركة بالتظاهرات، وتتحدث عن مخاطر أمنية.

في العادة، فإن الإثنين هو يوم عمل عادي في لبنان بعد عطلة نهاية الأسبوع، غير أنه من المفترض أن يشهد تطورات حاسمة، بالتزامن مع انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي أعطاها رئيس الوزراء سعد الحريري

الصور الآتية من المناطق المختلفة أوضحت أن الثورة مستمرة، وأن الأعداد، وإن قلّت عن اليوم السابق، فهي تبدو مشجعة للغاية. ويبدو أن الأيام القادمة في لبنان ستكون مليئة بالتطورات على المستويات كافية، من مصير الحكومة إلى وضع التحالفات السياسية، فيما مصير الحراك الشعبي هو في يد المتظاهرين اليوم، وهم مطالبون في حال أرادوا الحفاظ عليه، بالصمود في الشارع، والإصرار على مواقفهم وإبقاء أعينهم مفتوحة لمواجهة دعايات السلطة، والتي يبدو أنها ستزداد بشكل مطرد مع الوقت.

 

استمرار التظاهرات في لبنان ومسلحو الأحزاب يقمعون المحتجين