16-أكتوبر-2019

بلغت أعداد الحرائق أكثر من 100 حريق خلال 24 ساعة (أ.ف.ب)

استفاق اللبنانيون، صباح أمس الثلاثاء، 15 تشرين الأول/أكتوبر 2019 على صور ومقاطع فيديو تظهر اشتعال النيران في مساحات خضراء شاسعة بالعديد من المناطق، أكبرها في قضاء الشوف جنوب شرق بيروت، ليلغ عدد الحرائق في 24 ساعة، أكثر من 100 حريق.

استفاق اللبنانيون صباح أمس الثلاثاء على سلسلة حرائق غير مسبوقة، بلغ عددها في 24 ساعة أكثر من 100 حريق

وساهم درجات الحرارة وحالة الطقس في تغزية هذه الحرائق، إذ بلغت درجة الحرارة ليلًا 36 درجة مئوية، وهي درجة مرتفعة بالنسبة لهذا الوقت من العام. كما صاحبت درجات الحرارة المرتفعة، موجة من الرياخ الساخنة والتي ساهمت في تسعير النيران وتوسيع رقعة انتشارها.

اقرأ/ي أيضًا: عن الاحتراب الأهلي اللبناني و"الشطّافة"

وطالت الحرائقُ البساتينَ والحقول، ووصلت إلى عدد كبير من المنازل، ما اضطر عشرات العائلات للنزوح إلى مناطق آمنة. وفي حين تعذر الوصول إلى مراكز عدد كبير من الحرائق بسبب وعورة الطرق والطبيعة الجبلية لبعض المناطق، تساءل اللبنانيون عن الطوافتين اللتين تم شراؤهما من قبرص قبل سنوات، والمتخصصتين في إطفاء الحرائق!

ليتأي الجواب على لسان وزيرة الداخلية، ريا الحسن، التي قالت إن الطوافتين "غير ملائمتين"، وأنه لم تُجرى أية عملية صيانة لهما منذ سنوات، بسبب ارتفاع تكلفة الصيانة.

وأثار التصريح ريا الحسن، غضب اللبنانيين الذين انتقدوا "إهمال الدولة وتقصيرها" في الأمور الملحة التي تطال أمنهم، في الوقت الذي تُكشف فيه فضائح مالية بصورة شبه يومية.

وتساءلت الناشطة جويل بطرس، في تدوينة عبر صفحتها على فيسبوك: "من يستأجر مباني للوزارات بملايين الدولارات، ألا يمكنه أن يقتني طوافات قادرة على إخماد الحرائق؟".

اجتماع وطني وتضامن شعبي

علق البعض على التضامن الشعبي لتعويض غياب الدولة، باعتباره "النقطة المضيئة في هذا اليوم المأسواي"، إذ بدأ متطوعون في تنظيم حملات لإخماد الحرائق الطَرفية، وتطوع آخرون لإغاثة العائلات النازحة بسبب الحرائق بتوفير الطعام والشراب والمأوى.

ومن المخيمات الفلسطينية شارك إطفائيون لإخماد الحرائق، وكذا سوريون وبنغلادشيون ومن جنسيات أخرى، تعاونوا لإخماد الحرائق من جهة، وإغاثة المتضررين من جهة أخرى، في صورة اجتماع وطني أشار البعض إليها كرد عفوي على النعرات العنصرية في السياسة اللبنانية.

هذا ولقي سليم أبومجاهد (33 عامًا) حتفه خلال محاولته المساهمة في إطفاء الحرائق بقريته، فيما أصيب عشرات بحالات الاختناق والإغماء من الدخان الكثيف المنبعث من نيران الحرائق.

الخطاب العونيّ

وفيما كان سكان لبنان يؤازرون بعضهم لتخطي الأزمة، أطلق ماريو عون، النائب عن كتلة التيار الوطني الحر الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، تصريحًا مثيرًا للجدل، حين تساءل "كيف أن الحرائق طالت المناطق المسيحية؟"!

بدا للكثيرين في تصريح ماريو عون، التزام بخطاب التيار الوطني الحر وعلى رأسه باسيل، الذي يدفع بالحسابات الطائفية في كل قضية تشهدها البلاد، والذي اعتبره البعض تفتيتًا للإجماع الوطني الحاصل في أزمة الحرائق هذه.

كذلك أبدا الإعلامي عبده حلو، المؤيد للتيار الوطني الحر، استغرابه من "تركز الحرائق في مناطق محددة أهلها من طائفة محددة"، في استكمال لخط الإثارة الطائفي.

الطريقة التقليدية للتهرب من المسؤولية

من جهة أخرى لم يجد وزير البيئة فادي جريصاتي، سبيلًا للتهرب من مسؤوليات وزارته، أفضل من الادعاء بأن الحرائق مفتعلة، وأن "أيادٍ خبيثة تقف وراءها"، مطالبًا بفتح باب التحقيقات لمعرفة المتسببين في الحرائق و"إعدامهم".

كشفت سلسلة الحرائق في لبنان، عجز المجموعات  الحاكمة عن إدارة الأزمات، وعرّت آليات خطاب السلطة القائم على التبرير بالطائفية

وكما علق كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كشفت سلسلة الحرائق غير المسبوقة في لبنان، والتي خمدت نسبيًا خلال ساعات النهار الأولى؛ عن عجز الطبقة الحاكمة في البلاد عن إدارة الأزمات، مُعرّيةً الآليات الرئيسية لخطاب السلطة القائم على التبرير بالطائفية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لهذه الأسباب لن تنتج الطائفية إلا حربًا أهلية!

البدون جنسية في لبنان.. عشرات الآلاف تمنعهم الطائفية من المواطنة