10-نوفمبر-2017

مشروع قانون جديد يكبل حرية التعبير والصحافة في مصر (خالد ديسوقي/ أ.ف.ب)

يناقش البرلمان المصري مشروع قانون يجرم "إهانة الرموز الوطنية المصرية"، وقد أحال علي عبد العال، رئيس البرلمان المصري، المشروع إلى اللجان المختصة للاطلاع وإبداء الرأي. ومشروع القانون مقترح من النائب عمرو حمروش مع دعم 59 نائبًا في البرلمان. ويعتبر استمرارًا لموجة الممارسات التي تحد من حرية التعبير والفكر والصحافة في مصر.

يعتبر مشروع قانون جديد في مصر يجرم "إهانة الرموز الوطنية" استمرارًا لموجة الممارسات التي تحد من حرية التعبير والفكر في البلد

تنص المادة الأولى من مشروع القانون على أنه "يحظر الإهانة لأي من الرموز والشخصيات التاريخية، وذلك وفقًا لما يحدده مفهوم القانون واللائحة التنفيذية له". أما المادة الثانية فتحدد الرموز التاريخية التي عناها القانون، "يُقصد بالرموز والشخصيات التاريخية الواردة في الكتب والتي تكون جزءًا من تاريخ الدولة وتشكل الوثائق الرسمية للدولة ".

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. رئيس البرلمان ينتقم من الصحافة

أما المادة الثالثة لمشروع القانون فقد حددت العقوبة المتوقعة للمخالفين: "تنص المادة الثالثة من مشروع القانون على أنه يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف كل من أساء لرموز الشخصيات التاريخية، وفي حالة العودة يعاقب بالحبس بمدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد على مليون جنيه".

ويأتي مشروع القانون هذا، حسب الكثيرين، كرد على تعبير المصريين، وخاصة الشباب منهم، عن موقفهم وسخريتهم من رموز سابقة وحالية في السلطة المصرية.

ردود الأفعال.. كلمات القانون فضفاضة وحرية التعبير مستهدفة

أثار مشروع القانون امتعاض النشطاء على مواقع التواصل معتبرين أنه يحمل في مواده كلمات فضفاضة تجعله أداة مسلطة على الرقاب

أثار مشروع القانون امتعاض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي معتبرين أنه يحمل في مواده كلمات فضفاضة تجعله أداة مسلطة على رقاب الناس من الصحفيين، والباحثين في التاريخ بعين القراءة والنقد والمواطنين بشكل عام، فما معنى الإهانة، وكيف يمكن تعريفها؟ ومن هم تحديدًا الشخصيات التاريخية التي تشكل جزءًا من تاريخ الدولة ووثائقها الرسمية؟ كلها نقاط لم يجب عليها نص القانون المقترح حتى أن الفقيه القانوني نور فرحات علق ساخرًا: "من يذكر بالسوء شخصيات تاريخية ولو كانت جنكيز خان أو هولاكو أو السلطان سليم الأول أو حكمت فهمي أو أسمهان فمصيره خلف القضبان".

بينما وصف البعض القانون بأنه يعكس "توجه البلاد نحو مصادرة الفكر والتمترس خلف قوانين تعيق الحريات وتحويل كل الشخصيات التاريخية إلى تماثيل تُعبد، ممنوع الاقتراب منها أو نقدها". واعتبر آخرون أن القانون "موجه لحماية بعض شخصيات الدولة من السياسيين من العهد السابق الذين أصبحوا من التاريخ وشاب حول أسمائهم فساد واضح".

وفي الكثير من التغريدات، التي تداولها نشطاء، كانت هناك تساؤلات ساخرة حول إمكانية وجود قوانين تقتص ممن يهينون عقول الشعوب ويسيئون إليها.

اقرأ/ي أيضًا:  من المواقع الصحفية إلى أرشيف الإنترنت.. "الحجب للجميع" شعار النظام المصري

 

مصر تواصل تخفيض سقف الحريات إلى ما لا نهاية..

في مصر لا تكاد تتوقف حالات الاعتداء على حرية التعبير، آخرها ما حصل مع صحفية ألقي القبض عليها بتهمة إهانة الرئيس بسبب منشور

وفي مصر لا تكاد تتوقف حالات الاعتداء على حرية الفكر والتعبير، آخرها كان ما حصل مع الصحفية أسماء زيدان التي تم إلقاء القبض عليها بتهمة "إهانة الرئيس من خلال منشور على مواقع التواصل" يوم الخامس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. الجدير بالذكر أنه قد تم تجديد الأمر بحبسها أكثر من مرة دون البت في أوراق قضيتها، وهي تتعرض، حسب المقربين منها، إلى ظروف صعبة في الحبس.

حتى لعبة بلاستيكية صغيرة منتشرة في الأحياء الشعبية المصرية، لم يسلم باعتها من الملاحقة الأمنية والسبب أن البعض أطلق عليها اسمًا، تم اعتباره "مسيئًا للسيسي".

حجز لعبة من الأسواق المصرية للاعتقاد أن اسمها يسيء للسيسي

ولا تزال القوانين سيئة السمعة الخاصة بحرية الرأي والتعبير تتمدد بهدف إسكات وإخراس كل الأصوات الناقدة، والتي بدأت وتيرتها تشتد منذ عامين، خاصة من خلال استخدام المادة 35 من قانون الإرهاب، الذي أصدره عبد الفتاح السيسي في آب/ أغسطس عام 2015، والتي يتعرض بموجبها الصحفي "لغرامة قد تصل إلى نصف مليون جنيه، إذا نشر أخبارًا تخالف الرواية الرسمية في تغطية الأعمال الإرهابية".

ولا يبدو أن النظام المصري بات يحتاج إلى تقنين تحركاته ضد حرية التعبير خاصة بعد اقتحامه لمقر نقابة الصحفيين في آيار/ مايو من العام الماضي لإلقاء القبض على صحفيين منتقدين للحكومة بتهمة التحريض على التظاهر، وهو القانون الذي وصفته وقتها هيومان رايتس ووتش بأنه "يقضي على الحريات الأساسية في مصر".

وهكذا يتواصل تضييق الخناق على الحريات في مصر خاصة مع اقتراب انتخابات الرئاسة المصرية، ومع ازدياد احتقان وتبرم الشارع المصري من الأوضاع الاقتصادية بالغة السوء.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرية التعبير في مصر.. خطوات نحو تشريع الانتهاكات وتقنين القمع!

مشروع لمحاصرة الفضاء الإلكتروني في مصر!