بدأ الجيش اللبناني الانتشار في قرى وبلدات جنوب لبنان، اليوم الثلاثاء، بالتزامن مع انتهاء مهلة اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، والذي ينص على انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، حيثُ شهد الجنوب اللبناني منذ ساعات الصباح الأولى عودة آلاف اللبنانيين إلى قراهم التي هُجروا منها جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قبل أن يتوسع إلى عدوان شامل طال كافة الأراضي اللبنانية في الـ23 من أيلول/سبتمبر 2024.
الجيش اللبناني يبدأ انتشاره في الجنوب:
قال بيان صادر عن الجيش اللبناني، اليوم الثلاثاء، إن الوحدات العسكرية بدأت الانتشار في قرى وبلدات العباسية، والمجيدية، وكفركلا، والعديسة، ومركبا، وحولا، وميس الجبل، وبليدا، ومحيبيب، ومارون الراس، بالإضافة إلى الجزء المتبقي من يارون – بنت جبيل، وهي جميعها قرى وبلدات تحاذي الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني الذي يربط مع شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة.
باشرت الوحدات المختصة في الجيش اللبناني إجراء المسح الهندسي وفتح الطرقات ومعالجة الذخائر غير المنفجرة والأجسام المشبوهة في قرى وبلدات الجنوب بعد انسحاب جيش الاحتلال
وأضاف بيان الجيش أنّ الوحدات العسكرية انتشرت أيضًا "في مواقع حدودية أخرى في منطقة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار (Mechanism) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، وذلك بعد انسحاب العدو الإسرائيلي".
وبحسب الجيش اللبناني، "فقد باشرت الوحدات المختصة إجراء المسح الهندسي وفتح الطرقات ومعالجة الذخائر غير المنفجرة والأجسام المشبوهة في هذه المناطق"، مؤكدًا على "ضرورة التزام المواطنين بتوجيهات الوحدات العسكرية المنتشرة في المناطق الجنوبية، إفساحًا في المجال لإنهاء الأعمال المذكورة في أسرع وقت ممكن، وحفاظًا على أرواحهم وسلامتهم".
موافقة أميركية على بقاء جيش الاحتلال في خمس نقاط حدودية
وأفادت هيئة البث العبرية بأن إسرائيل حصلت، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، على موافقة "للإبقاء على وجود عسكري محدود في خمس نقاط استراتيجية داخل لبنان". وأضافت أن جيش الاحتلال بدأ "استكمال انسحابه من جنوب لبنان بعد شهرين ونصف من العمليات العسكرية"، مشيرة إلى أن "المنطقة المدمرة ستُسلم للجيش اللبناني، المكلف بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701"، والذي ينص على "إبعاد حزب الله عن جنوب الليطاني"، مع السماح فقط بوجود الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
من جانبه، أكد وزير الأمن في حكومة الاحتلال، يسرائيل كاتس، أن جيش الاحتلال سيبقى في النقاط الخمس على طول الحدود "بموجب قرار المستوى السياسي"، لافتًا إلى أنه تم "إنشاء مواقع كثيرة على طول خط الحدود"، مشددًا على أن "حزب الله ملزم بالانسحاب الكامل إلى ما وراء جنوب الليطاني، وأن الجيش اللبناني مكلف بتنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله بإشراف الآلية التي أقيمت برئاسة الولايات المتحدة"، وفق قوله.
وصعّد جيش الاحتلال خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، حيث شن، أمس الإثنين، غارة جوية بطائرة مسيرة استهدفت القيادي في حركة حماس، محمد شاهين، عند مدخل صيدا الشمالي باتجاه بيروت، كما شن سلسلة غارات على قرى في منطقة بعلبك، شرقي لبنان، بزعم استهداف "مواقع عسكرية تحتوي على قذائف صاروخية ووسائل قتالية" لحزب الله، وفق قوله.
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، فإن جيش الاحتلال أنشأ خمس نقاط رئيسية على طول الحدود، كانت في البلدات التالية:
- تلال اللبونة في خراج الناقورة تقابلها مستوطنات روش هانيكرا وشلومي ونهاريا في الجليل الغربي.
- جبل بلاط بين مروحين ورامية تقابله مستوطنات شتولا وزرعيت.
- جل الدير وجبل الباط في خراج عيترون تقابلهما مستوطنات أفيفيم ويفتاح والمالكية.
- الدواوير على طريق مركبا – حولا وادي هونين تقابلهما مستعمرة مرغليوت.
- تلة الحمامص تقابلها مستعمرة المطلة.
اجتماع استثنائي في قصر بعبدا:
في الأثناء، أفاد بيان صادر عن قصر بعبدا، اليوم الثلاثاء، بأن الاجتماع الاستثنائي الذي ضم الرئيس اللبناني، جوزاف عون، بالإضافة إلى رئيسي الحكومة ومجلس النواب، على التوالي نواف سلام ونبيه بري، أكد على "ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، التزامًا بالمواثيق الدولية"، مضيفًا أن لبنان سيتوجه إلى مجلس الأمن "لمطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الإسرائيلية وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري حتى الحدود الدولية".
وشدد البيان على "اعتبار استمرار الوجود الإسرائيلي في أي شبر من الأراضي اللبنانية احتلالًا. مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية وفق الشرعية الدولية"، مؤكدًا على "متابعة التفاوض مع لجنة المراقبة الدولية والصليب الأحمر الدولي من أجل تحرير الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل".
وكانت مسودة البيان الوزاري للحكومة الجديدة، والتي من المقرر أن يناقشها المجلس النيابي في 25 و26 شباط/فبراير الجاري، قد أكدت "واجب احتكار الدولة لحمل السلاح وبسط سيادتها على كل أراضيها بقواها الذاتية حصرًا"، إضافة إلى التزام الحكومة الجديدة بـ"الترتيبات التي وافقت عليها الحكومة السابقة بتاريخ 27 تشرين الثاني"، مشددة على عدم "تحييد لبنان عن صراعات المحاور (...) وعدم استعمال لبنان منصة للتهجم على الدول الشقيقة والصديقة".
وشهدت بلدات الأطراف الأمامية عودة النازحين إلى منازلهم المُدمرة جراء العدوان الإسرائيلي، بعد نزوحهم منها لأكثر من عام، فيما أظهرت مقاطع مصورة دخول الجيش اللبناني برفقة الأهالي إلى القرى والبلدات التي انسحب منها جيش الاحتلال، والتي كشفت عن دمار واسع في البنية التحتية والوحدات السكنية، وهو ما يستدعي الإسراع في بدء تنفيذ مخطط إعادة الإعمار.