08-فبراير-2025
حرب السودان

الجيش السوداني يقترب من السيطرة على الخرطوم (رويترز)

يحقق الجيش السوداني تقدمًا سريعًا في جميع أنحاء البلاد، وبات قريبًا اليوم أكثر من أي وقت مضى، من الوصول إلى القصر الجمهوري الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع في الخرطوم، وكانت القوات المسلحة السودانية أبلغت خلال الساعات القليلة الماضية عن تحقيق مكاسب كاسحة في المعركة على العاصمة التي تكتسي رمزيةً خاصة.

ودَفَع التقدم الذي أحرزه الجيش في الأيام الأخيرة بعض المتابعين إلى القول إنّ الصراع السوداني دخل مرحلة الحسم بين الجيش وقوات الدعم السريع، فيما توقّع آخرون نهايةً وشيكة للحرب الأهلية الوحشية في السودان التي تقترب من إكمال عامها الثاني تواليًا.

وكانت وحدات منفصلة من القوات المسلحة السودانية أحرزت تقدمًا سريعًا على طول النيل الأزرق، متجهةً نحو الخرطوم من أجل دخولها من نقطة استراتيجية، وقد دفعت هذه السرعة بعض المتابعين إلى التكهّن بأن قوات الدعم السريع قد تنسحب من المدينة. ويقول محللون إن انسحاب قوات الدعم السريع من العاصمة الخرطوم من شأنه أن يشكل إعادة تقييم عميقة للصراع.

أحرزت وحدات منفصلة من القوات المسلحة السودانية تقدمًا سريعًا على طول النيل الأزرق، متجهةً نحو الخرطوم من أجل دخولها من نقطة استراتيجية

تجدر الإشارة إلى أنّ الخرطوم وقعت تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في نيسان/ أبريل 2023، الأمر الذي اضطر الحكومة والقيادة السياسية والعسكرية إلى الانتقال إلى بورتسودان.

وتشير آخر تحديثات ساحة المعركة إلى تحولٍ في زخم العمليات القتالية، حيث أكد مصدرٌ في القوات المسلحة السودانية أنّ قوات الجيش باتت "قريبة من الوصول إلى وسط الخرطوم".

ونقلت صحيفة الغارديان عن رئيس البعثة الديبلوماسية في السفارة السودانية في لندن، بابكر الأمين، قوله إنه "يتوقع أن تستعيد القوات المسلحة السودانية العاصمة الخرطوم بالكامل في غضون أيام"، مضيفًا "هناك جيوب فقط من قوات الدعم السريع في الخرطوم، بعضها في منطقة نسميها شرق النيل. سوف يستغرق الأمر أيامًا قبل تطهير الخرطوم من قوات الدعم السريع بالكامل".

وفي أم درمان القريبة من الخرطوم، والتي تعدّ ثاني أكبر مدينة في السودان، بعدد سكان يناهز 2.4 مليون نسمة، تصاعدت الاشتباكات، إثر قيام قوات الدعم السريع بشنّ هجوم أوقع ما لا يقل عن 54 مدنيًا.

وأكّد بابكر الأمين للغارديان أنّ "أم درمان خالية تقريبًا من قوات الدعم السريع والخرطوم شمال خالية من قوات الدعم السريع أيضًا".

وتأتي هذه التطورات في الخرطوم وأم درمان وبقية مناطق القتال، بعد أيام من كسر الجيش السوداني حصار قوات الدعم السريع لمقره في الخرطوم، مما سمح لرئيس أركان الجيش عبد الفتاح البرهان بزيارة مقر القيادة العسكرية لأول مرة منذ بدء الحرب. وقبل ذلك استعادتْ القوات المسلحة السودانية مؤخرًا مدينة واد مدني ذات الأهمية الاستراتيجية، الواقعة على بعد حوالي 110 ميل (180 كيلومترًا) جنوب الخرطوم.

وتمهّد معركة الخرطوم الطريق إلى معركة أخرى لن تقل أهميةً وهي معركة دارفور المنطقة المترامية الأطراف في غرب السودان التي يُجمع الخبراء على أنها ستكون خاتمة المعارك، وكانت معلومات استخباراتية أكّدت أن العديد من مقاتلي قوات الدعم السريع تراجعوا بالفعل إلى منطقة غرب دارفور التي تنحدر منها جلّ مكوّنات قوات الدعم السريع.

يشار إلى أنه باستثناء شمال عاصمة دارفور، فإنّ قوات الدعم السريع تسيطر على كامل المنطقة، ومن غير المستبعد أن تُقيم حكومتها الخاصة في دارفور إذا تمكنت من السيطرة على الفاشر التي تتعرض لهجوم متواصل ولحصارٍ قاس من قِبل قوات الدعم السريع، وذلك تمهيدًا لإعلان مشروعٍ انفصالي جديد عن السودان، بعد انفصال جنوب السودان.

الوضع الانساني المزري في تفاقم

تجدر الإشارة إلى أنه في الأسبوع المنصرم أفادت فرقٌ من منظمة أطباء بلا حدود في دارفور والخرطوم أنها تتعامل مع "تدفقات جماعية من جرحى الحرب"، وهو تأكيد على تصاعد العنف في كلتا المنطقتين.

ويرى الخبراء أنّ الوضع الإنساني المزري في السودان سوف يتفاقم بسبب نية دونالد ترامب إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وتسببت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في كارثة إنسانية بالنسبة للسودان الذي يعد ثالث أكبر دولة في أفريقيا، حيث أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وأجبرت 12 مليون شخص على مغادرة منازلهم، ما دفع بمناطق كاملة إلى خطر المجاعة. يذكر أنه في الخرطوم لوحدها، فر ما لا يقل عن 3.6 مليون شخص من العنف.